14 سنة هي التي مرت على أعنف هجوم إرهابي ضرب المغرب، فأغلب ساكنة مدينة الدار البيضاء يتذكرون كيف جعل 14 إرهابيا ليلة الجمعة 16 ماي 2003 ليلة لا تنساها الأذهان، فتفجير في فندق “فرح”، وآخر في مطعم “كازا ذي اسبانيا”، وأيضا في المقبرة اليهودية ومطعم “لابوزيتانا”، جعل سماء “كازا بلانكا” تتغطى بدماء الأبرياء، فالحصيلة كانت ثقيلة 45 قتيلا، ضمنهم 11 انتحاريا، فيما تم القبض على 3 آخرين تراجعوا عن تنفيذ هذه الهجمات، والتي أثارت حنق الدولة ما جعلتها تنهج خطة جديدة تكمن في شن حملة واسعة من الاعتقالات شملت كل شخص ورد اسمه في التحقيقات من قريب أو بعيد. لم يقف الأمر عند هذا الحد، بل تمت المصادقة على قانون مكافحة الإرهاب، والذي اعتقل بسببه مئات السلفيين.
هل لازال الخطر قائما؟
بعد أحداث 16 ماي الارهابية، تغيرت المعطيات الدولية والاقليمية وتغيرت معها قوة المغرب في التصدي للهجمات الإرهابية، إلى أن تحول اليوم إلى معيار يحتذى به في الحملات الاستباقية التي يشنها ضد المتطرفين، الذين ينوون زعزعة أمن واستقرار المملكة.
يرى إدريس الكنبوري الباحث المتخصص في الجماعات الإسلامية في تصريح لـ مشاهد24، أن المغرب شهد بعد 14 سنة من مرور أحداث 16 ماي جملة من التغييرات، خاصة فيما يتعلق بعلاقة الدين بالدولة، حيث حدثت تحولات كبرى “إذ تم إعادة النظر في عدة قوانين وعدة مؤسسات، وتم ضبط العلاقة بين السياسة والدين والدولة والدين، وأعطى الملك محمد السادس تعليماته لمراجعة مقررات التربية الإسلامية كي تصبح معتدلة وخالية من التشدد، كما تم ضبط المساجد وعمليات الإحسان وغيرها من الإجراءات”.
واستطرد الكنبوري قائلا: “رغم ذلك لازال المغرب مهددا بخطر الإرهاب، والدليل على ذلك تفكيك مجموعة من الخلايا النائمة في الفترات السابقة، بحيث منذ سنة 2002 إلى يومنا هذا تم تفكيك أزيد من 100 خلية، وبعض الأفراد المعزولين الذين تم اعتقالهم، بالإضافة إلى الخلايا المنظمة”.
واستغرب الباحث المتخصص في الجماعات الإسلامية، من ارتفاع هذه الخلايا الإرهابية في ظل الإصلاح الديني الذي تنهجه الدولة، “وهذا ما قد يجعلنا نتساءل هل فشل الإصلاح الديني بالمملكة”، ثم استرسل قائلا: “لا يجب التركيز فقط على الجوانب الأمينة، بل يجب توظيف المعتقلين السابقين الذين راجعوا أفكارهم لمحاربة التطرف، لأنهم عايشوه وبإمكانهم تشخيص الحل”.
السلفية الجهادية.. متى الحل؟
ظل ملف السلفية الجهادية بالمغرب حبيس الرفوف، وجامدا لسنوات عديدة، إلى أن جاء شهر نونبر من سنة 2015، حينما أقدمت الدولة على الإفراج عن بعض قيادات هذا التيار بمناسبة الذكرى الأربعين للمسيرة الخضراء، إذ أصدر الملك محمد السادس عفوا عن 42 معتقلا سلفيا، أعلنو مراجعاتهم لأفكارهم.
لكن رغم ذلك فإن مصالحة الدولة مع السلفيين تخللتها مجموعة من المستويات، فقد تصالحت الدولة في السابق مع أبرز شيوخ السلفية، وكان الجميع ينتظر من هؤلاء تعبئة مجموعة من المعتقلين الموجودين داخل السجون، والعمل على إنجاز نقد ذاتي بالإضافة إلى مراجعة أفكارهم، ولكن للأسف يقول الكنبوري إنه “لم يكن هناك تواصل طبيعي معهم، الشيء الذي ولد تعاطف هؤلاء المسجونين مع تنظيم داعش، بعدما كانوا في السابق متعاطفين مع تنظيم القاعدة”.
السلفيون يواصلون الاحتجاج
أعلنت اللجنة المشتركة للدفاع عن المعتقلين الإسلاميين، تنظيم وقفة احتجاجية يوم غد الثلاثاء، وذلك بالتزامن مع الذكرى 14 لأحداث 16 ماي 2003 الإرهابية، والتي هزت مدينة الدار البيضاء، العاصمة الاقتصادية للمملكة.
وأوضحت اللجنة المذكورة أنها “كل سنة تنظم وقفة وطنية أمام مؤسسات الدولة لإيجاد حل نهائي لهذا الملف، لكن هذه السنة قررت تنظيم الوقفة أمام قبة البرلمان، لدعوة الحكومة والبرلمانيين، إلى فتح تحقيق نزيه في هذه الأحداث، في ظل تفاقم مآسي وآلام الضحايا، ومن أجل كشف الحقيقة المغيبة، وتسليط الضوء على معطيات وحقائق الأحداث الأليمة”.
وسترفع اللجنة خلال الوقفة الاحتجاجية، ليوم غد الثلاثاء، رزمة من المطالب، يقول عبد الرحيم الغزالي المتحدث الرسمي باسم اللجنة عنها أنها مُلحّة، “سنطالب الدولة بإيجاد مبادرة جادة لطي هذا الملف والذي عمّر طويلا، وسنطالب أيضا بإسقاط التهم التي لفقت لهؤلاء السجناء لإنصافهم وإنصاف عوائلهم، وإسقاط قانون مكافحة الإرهاب”.