لأول مرة يشاهد المغاربة عبد الإله بنكيران يقبّل يد الملك محمد السادس منذ أن أصبح رئيسا للحكومة، خلال حفل الاستقبال الذي أقامه العاهل المغربي أول أمس السبت، بمناسبة عيد العرش. تصرف جاء في ظل أيام عصيبة يعيشها الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، وهو يدرك جيدا أنه مغضوب عليه من طرف البلاط الملكي، عقب تصريحات “غير موزونة” خرج بها في الآونة الأخيرة، قال فيها بنكيران إن في “المغرب يوجد دولتان الأولى يحكمها العاهل المغربي، والثانية لا نعلم من يدبرها”، وأيضا عندما قال “أنا ممطلوبش مني رضا جلالة الملك”. فأن يقبّل بنكيران يد الملك محمد السادس في هذا التوقيت لا سيما وأنه صرح في وقت سابق أنه لن يقوم بذلك ليست من باب البروطوكول، بل إن الرجل ربما أدرك أنه فقد بوصلته وهدم الحائط الذي كان يستند عليه عندما كان يواجه المعارضة بتصريحاته. وبالتالي، لم تكن فرصة الاستقبال سوى فرصة للاعتذار.
وجاءت الإشارة في خطاب العرش..
جاء خطاب العرش في ذات اليوم، والذي تكلم فيه العاهل المغربي بلغة صارمة مع زعماء الأحزب السياسية، لأجل تبني موقف حازم، لأجل إعادة النظر في مقارباتهم للانتقال بها من معارك تستهدف الوصول إلى السلطة، إلى خدمة المواطن. لكن ما لفت الانتباه أن الخطاب الملكي حفل برسائل مشفرة لرئيس الحكومة، لاسيما عندما قال الملك محمد السادس بالحرف الواحد، “إن ما يبعث على الاستغراب أن البعض يقوم بممارسات تتنافى مع مبادئ وأخلاقيات العمل السياسي، ويطلق تصريحات ومفاهيم تسيء لسمعة الوطن، وتمس بحرمة ومصداقية المؤسسات في محاولة لكسب أصوات وتعاطف الناخبين”.
الغضبة الملكية
ورغم أن الخطاب لم يكشف عن طبيعة تلك التصريحات بالضبط، إلا أنه يأتي في سياق النقاش الذي خلفته تصريحات رئيس الحكومة الذي سبق وأن تحدث عن وجود دولتين في المغرب، والتي خلقت موجة من الانتقادات ضد بنكيران، بلغت إلى حد صدور تصريحات منسوبة لمصدر من القصر الملكي يعرب فيها عن غضب الملك من تصريحات بنكيران التي تمس بمصداقية المؤسسات ، وهو نفس التعبير الذي ورد في الخطاب الملكي.
وبالتالي خبر الغضبة الملكية على بنكيران، والذي فجرته المجلة الفرنسية “جون أفريك” خلال الشهر المنصرم، لم يكن “فقاعة” بل حقيقة واضحة ظهرت معالمها بشكل جلي في خطاب العرش. وما يعزز هذا الطرح، قيام الموقع الرسمي لحزب العدالة والتنمية، بتجاهل العبارة المكورة آنفا، والواردة في الخطاب الملكي، مكتفيا بالتطرق في مواده المواكبة للخطاب الملكي إلى “دعوة الملك الأحزاب السياسية إلى تقديم مرشحين تتوفر فيهم شروط الكفاءة والنزاهة وروح المسؤولية والحرص على خدمة المواطن”.
زمن الحكومة لم يتبق منه إلا القليل. فالانتخابات التشريعية على الأبواب، ولا يعلم أحد كيف سيتصرف الآن رئيس الحكومة الذي عادة ما كان يقحم اسم “الملك” في خطاباته أمام أنصاره؟ وكيف سيصبر دون أن ينطق “جلالة الملك”، سيما وأن العاهل المغربي رفض أن يتم استعمال اسمه في الصراعات الحزبية التي تسبق الموعد الانتخابي؟