البداية كانت في لعبة فيديو، من نوعية الألعاب متعددة اللاعبين التي تلعب على الإنترنت، وهي لعبة “Perfect World” أو “عالم مثالي”، حيث تعرف مجموعة من الشباب على بعضهم البعض، واعتادوا اللعب سويا.
إلا أن هذه الصداقة والأوقات السعيدة، سرعان ما تحولت إلى وضع هو أبعد ما يكون عن المتعة، حيث استيقظ أحد هؤلاء الشباب، ويُدعى “مارون أيوب” على رسالة أتته على تطبيق “ديسكورد”، من أحد أصدقائه على اللعبة، وهو شاب يعرفه أصدقاؤه باسم “منهاز”.
وجاء نص الرسالة كالتالي: “لقد ذبحت للتو أسرتي بأكملها، وغالبا سأقضي ما تبقى من حياتي في السجن.. آمل أن أكون قد نجحت، في أي لحظة من لحظاتنا سويا، في جعلكم تضحكون.. أتمنى أن تتذكروا دائما أوقاتنا الجميلة، سأفتقدكم جميعا”.
أرسل منهاز بعد ذلك صورا لمارون ولعدد آخر من الأصدقاء، الصور كانت تظهر جثث عدة أشخاص، يدعى منهاز أنهم أسرته.
هنا، وجد الأصدقاء نفسهم في موقف شديد الصعوبة.. كيف يمكن لمجموعة من الشباب، الذين لم يلتقوا من قبل وجها لوجه، ولا يعرفون حتى أسماءهم الحقيقية، أن يتعاونوا سويا، ليصلوا إلى هوية شخص لا يعرفون عنه أي معلومات تقريبا.
كان منهاز قد بدأ يتحدث مع أصدقائه، منذ أشهر عديدة قبل الواقعة، عن رغبته في الانتحار، كما بدأ يفضي إليهم عن اعتزامه قتل أسرته، وكان أصدقاؤه يفترضون أن حديثه هذا هو نوع من أنواع المزاح.
وقال منهاز لأصدقائه إنه كان مسلماً ثم ألحد، وأخذ بعض أصدقائه صورا لمحادثاتهم مع منهاز، يهاجم فيها الإسلام والمسلمين بشكل عدواني.
مرت فترة، توقف فيها حساب “منهاز” عن الدخول إلى اللعبة، فأرسل أحد أصدقائه، والذي فضل عدم ذكر اسمه في حديثه مع مجلة فايس “Vice”، رسالة إليه على برنامج ديسكورد، ليطمئن عليه، فوجئ هذا الصديق بمنهاز يرد عليه: لقد قتلت أسرتي، ثم أرسل إلى صديقه صورة لامرأتين ممددتين على الأرض والدماء تغطيهما.
لم يمر وقت طويل، حتى أرسل حساب منهاز رسالة، يقول فيها إنه سيقتل شقيقته أيضا، وبعدها بفترة أرسل صورة لفتاة مقتولة، ثم أرسل حساب منهاز صورة جماعية، يظهر فيها منهاز مع أفراد أسرته، وهم نفس الأشخاص الذين تظهر جثثهم في الصور السابقة، وهم يضحكون سويا، في حفل عيد ميلاد، وذلك ليثبت أن الجثث الموجودة في الصور هي جثث أسرته فعلا.
قال منهاز، بعد ذلك، إنه ينتظر رجوع أبيه إلى المنزل ليقتله أيضاً، وأنه يتوقع رجوعه في غضون ساعة.
أصبح الوضع في منتهى المأساوية والخطورة، فالأصدقاء الآن لم يتأكدوا فقط من صحة زعم منهاز بقتل أسرته، بل هم على علم أيضا بأن ضحية رابعة على الوشك الموت، في غضون ساعة أو أقل.
أنشأ جون مجموعة للمحادثة على تطبيق ديسكورد، وضم إليها كل الأصدقاء الذين كانوا يعرفون منهاز، كما ضم أيضا أي لاعبين يعرف جون أنهم من كندا.
بعد وقت قليل، أرسل حساب منهاز صورة لرجل عجوز مذبوح مثل الضحايا السابقين.
في رسالة لاحقة إلى مارون أيوب، قال منهاز إنه أرسل صور جريمته إلى عدد كبير من الأشخاص، رغبة منه في كشف جريمته والقبض عليه في أسرع وقت، لكي تنتهي المأساة التي يعيشها سريعا.
حرص الأصدقاء على الدخول في محادثات طويلة مع منهاز، رغبة منهم في تعطيله وإبقائه في مكانه لأطول فترة ممكنة، خاصة بعد أن أخبرهم أنه سيذهب لزيارة صديقته السابقة، وهو ما اعتبره أصدقاؤه نذيرا بوقوع جريمة قتل جديدة.
أخيراً، تمكن الأصدقاء من الوصول إلى عنوانه بالتفصيل، عن طريق عنوان بروتوكول الإنترنت الخاص بجهازه، واتضح أنه يسكن في حي يدعى “أرخام”، في ضواحي مدينة تورنتو، بولاية أونتاريو الكندية، وتم ابلاغ الشرطة بالجريمة وبعنوان منهاز.
في الساعة الثالثة بعد الظهر، يوم الأحد، وصلت الشرطة إلى منزل منهاز، وكان منهاز وقتها في محادثة مع جون، وعندما شعر بالشرطة تقتحم المكان، أنهى محادثته مع جون، قائلا: الشرطة وصلت، الوداع.
داخل المنزل، وجدت الشرطة الجثث الأربع وألقت القبض على “منهاز زامان” البالغ من العمر 23 عاما، ووجهت إليه أربع تهم بجريمة القتل من الدرجة الأولى.