أظهرت مواقع التواصل الاجتماعي، النرجسية المختبئة في شخصية كل روادها، فما بين أحدهم لا يمرر لحظة في أي مكان دون التقاط الصور ولنفسه ورفعها على صفحته.
وما بين آخر يدون كل ما يجول في خاطره، ولو كان حول طعامه وشرابه وما يلبسه في يومه، باتت النرجسية تسود العالم في الوقت الحالي، بحسب خبراء الصحة النفسية.
ونقلت هيئة الإذاعة البريطانية “بي بي سي” عن خبراء الصحة النفسية، أن “اقتفاء النرجسية” بات أشبه بنشاط رياضي على وسائل التوصل الاجتماعي التي هي بمثابة الموطن الطبيعي لـ”جيل السيلفي”، لكنهم تساءلوا ” لماذا زادت أعداد النرجسيين أكثر من أي وقت مضى على الإطلاق؟”.
وأضافوا أن النرجسية التي تعرف بأنها “اهتمام استثنائي أو عجب بالذات، لا سيما بالمظهر الجسدي، أصبحت تعبر عن مستوى متضخم من حب الذات والاهتمام الزائد بالنفس لصالح إشباع رغبة الرضا عن الذات والمبالغة في أهميتها وقدراتها.
وتنطوي النرجسية على عدد من السمات الشخصية، يتسم بها كل منا بدرجات متفاوتة، لكن في أكثر حالاتها تطرفا تُصنّف كمرض يصيب الصحة النفسية اسمه “اضطراب الشخصية النرجسية”.
كيف تعرف أنك شخص نرجسي؟
نقلت “بي بي سي” عن د. تنيسون لي، استشاري بريطاني متخصص في علاج اضطراب الشخصية النرجسية، إن ثمة تسعة معايير تشخيصية للمرض كما هو منصوص عليه في الدليل التشخيصي والإحصائي الذي يستخدمه أطباء النفس والباحثون حول العالم وهي.
•إحساس متعاظم بأهمية الذات
•خيالات بالنجاح والنفوذ
•اعتقاد بخصوصية الذات وتفردّها
•المطالبة بتلقي إعجاب مفرط
•إحساس بالاستحقاق
•الاتسام باستغلال الأشخاص
•الافتقار إلى إظهار التعاطف مع الآخرين
•الحسد
•استظهار سلوكيات واتجاهات متغطرسة متعجرفة
متى يصبح الأمر اضطرابًا نفسيًا؟
يقول د. لي: “يصبح اضطرابًا إذا ما تكثف ظهور تلك السمات على نحو يسبب نوعا من المعاناة أو الصعوبات للأفراد الذين يُظهرون تلك السمات أو لمن حولهم”.
وتوصلت دراسة أجريت على عينة من الأشخاص باستخدام معايير الدليل التشخيصي والإحصائي، إلى أن نسبة ستة في المئة من الأمريكيين نرجسيون.
على أن ثمة خمس دراسات أخرى على الأقل، استخدمت معايير أكثر تشددا، توصلت إلى عدم وجود أي شخص نرجسي في العينات التي أجريت عليها حتى في حالات الاستعانة بعينات كبيرة.
وتقدّم أنوشكا مارسين، التي تدير مكتب استشارات نفسية، نصائح لآخرين في كيفية التعرف على النرجسية في شخص ما وكيفية علاج النرجسية.
وتقول إن كثيرين من ذوي اضطراب الشخصية النرجسية يأتون إليه معتقدين أنهم يعانون اكتئابا – لكن العقاقير المضادة للاكتئاب في الواقع لا تظهر أي أثر على من يعانون اضطراب الشخصية النرجسية.
كما نبهت على أن “علاج اضطراب الشخصية النرجسية ليس بالأمر اليسير”؛ فهو من العلاجات النفسية التي لا تسير بسهولة؛ فعادة ما تكون هنالك صعوبة في اعتراف المرضى بالمعاناة من أي مرض، فضلا عن ميلهم في العموم إلى إلقاء اللوم على الآخرين.
وأضافت أنه لا شك أن وسائل التواصل الاجتماعي تشجع السلوك النرجسي، ولو أن هنالك شيئا مؤكدا، فهو أن افتتاننا بالنرجسية لا يُظهر أي مؤشرات على التراجع.