تحدث الخطاب الملكي بمناسبة الذكرى السابعة والأربعين للمسيرة الخضراء، لغة التنمية فاتحا آفاقا جديدة للقارة الإفريقية، العمق الاستراتيجي للمملكة.
الدينامية التنموية بالأقاليم الجنوبية ومشروع خط أنبوب الغاز نيجيريا المغرب، محوران انبنى عليهما خطاب الملك محمد السادس في ذكرى الملحمة التاريخية، والدكتورة راضية الدباغ محللة سياسية مختصة في قضية الصحراء المغربية والأمن المغربي الإفريقي، تقدم في حديث خصت به ”مشاهد24”، قراءة بشأنهما.
الدباغ، افتتحت قراءتها التحليلية بالتأكيد على أن الخطابات الملكية، تتسم بحمولة جيوسياسية واستراتيجية قوية متعددة الأبعاد، مبرزة أن مضامين خطاب الذكرى 47 للمسيرة الخضراء، تظهر ذلك بجلاء من خلال حضور النهج الملكي القويم لمواصلة بناء مغرب الغد والذي تشكل فيه قضية الصحراء المغربية، أولوية ما فتئ الملك محمد السادس، يبين أهميتها الاستراتيجية وطنيا وإقليميا ودوليا.
وسجلت أنه في المحور الأول من الخطاب، وقف الملك، عند تنمية الأقاليم الجنوبية للمملكة التي على غرار كونها مفتاحا لحل ملف الصحراء المغربية، تندرج في هذا الخطاب في عمق سياسة النهوض بالتنمية الاقتصادية والاجتماعية والبشرية المرتكزة أساسا على الاعتناء بكرامة الإنسان المغربي الصحراوي، معتبرة أنه ”منظور متكامل في فكر جلالة الملك”.
وأضافت أن التطورات الإيجابية التي عرفتها قضية الصحراء، تعززت بمسار إطلاق التنمية المتواصلة والدينامية الفاعلة بالأقاليم الجنوبية، حيث تمت تعبئة استثمارات هامة للنهوض بالرأسمال البشري وتثمين منتجات المنطقة ومواردها الطبيعية ودعم البنيات التحتية والاستثمار في النسيج الاقتصادي، بما يقعد لمسار تنموي لجهات الجنوب الثلاث شأنها في ذلك شأن باقي جهات المملكة، ويكرس نهج السياسات الحكومية والقطاع الخاص في استمرارية تثمين جاذبيتها للاستثمارات الأجنبية، لتصبح بوابة المغرب إلى القارة الإفريقية ومنصة اقتصادية مهمة.
وربطت ذلك بالتوجه المغربي السياسي والاقتصادي الجديد الذي يرحب بالشركاء الصادقين، ويعبد طريقهم للاستثمار إلى جانب القطاع الخاص الوطني، في إطار من الوضوح والشفافية بما يعود بالخير على ساكنة المنطقة.
أما المحور الثاني، فلفتت المحللة السياسية، إلى أن ما تضمنه من معطيات عن مشروع أنبوب الغاز نيجيريا المغرب، يشكل رسالة للعالم حول الإيمان الراسخ للملك محمد السادس، بقدرة هذا المشروع الضخم على تحقيق التنمية والسلام بإفريقيا.
وأوضحت قائلة ”هذا الجزء عرج فيه جلالة الملك محمد السادس، وفي إطار تعزيز دوره التاريخي والروحي والاقتصادي بين المغرب وعمقه الإفريقي، على أهمية مشروع خط أنبوب الغاز بين المغرب ونيجيريا، الذي كان قد مهد له بزيارة لهذه الأخيرة سنة 2016، وتوقيعه مع شقيقه الرئيس النيجيري الإطار التعاقدي لأطول أنبوب غاز في العالم يربط إفريقيا بأوروبا، وسيمر من 13 دولة من الغرب الإفريقي، بالإضافة إلى موريتانيا والمغرب، وهي الدول التي اجتمعت من جديد في شهر شتنبر 2022 بالرباط من أجل توقيع مذكرة التفاهم، وأعلنت عن التزام بالتمويل وإرادة سياسية لإنجاح الخط كمشروع استراتيجي لفائدة منطقة الغرب الإفريقي التي تضم 440 مليون نسمة”.
وتطرقت إلى أهمية تحقيق المشروع، الأمن الطاقي والاقتصادي والاجتماعي وتوفيره ضمانات السلام والاندماج التي لعب فيها المغرب دورا رياديا، تحديدا في مجال الوقاية من النزاعات وحفظ السلام، إلى جانب مجموعة من الشركاء الاستراتيجيين الذين لديهم نفس الإرادة والتوجه لإرساء أمن جماعي إفريقي أكثر إدماجا، للخروج بإفريقيا من متاهات الصراع والتطرف.
واعتبرت أن تأكيد الملك، على كون أنبوب الغاز نيجيريا المغرب، ليس مشروعا ثنائيا فحسب، يحمل دلالة قوية مضمونها أنه مشروع لإفريقيا قادرة على التعافي من الأمراض السياسية والإيديولوجية التي تعتيرها، إفريقيا مستقرة ومزدهرة.
وبناء على هاته المضامين، خلصت الدكتورة راضية الدباغ، إلى أن الخطاب الملكي، ربط بجرعة شافية من الطاقة الإيجابية بين مسيرة تحرير الأرض قبل 47 عاما، وبين مسيرات استكمال الوحدة الترابية للمملكة وتسريع وتيرة قطار التنمية بالأقاليم الجنوبية وبسائر التراب الوطني وتحقيق النفع المشترك بالقارة الإفريقية.
وختمت مشددة على أنه بقدر ما هو وقفة انتصار، يعد الخطاب الملكي بمناسبة المسيرة الخضراء لسنة 2022، اعترافا بأهمية العمل المنجز بخصوص ملف الصحراء المغربية، تحديدا التزام الملك محمد السادس، بالتوجيه والمواكبة، الأمر الذي كرس مسارا موسوما بامتلاك وعي حقيقي بالقضية ومدعوما بالإصرار والإجماع الوطني.