قال أحمد أشعبان، باحث في علم الآثار، لـ”مشاهد24″، إن ضريح سيدي بليوط الشهير في مدينة الدارالبيضاء، يلفه الكثير من الغموض حول الهوية الحقيقية للشخص الذي حمل هذا الاسم، وأصبح متوارثا عبر التاريخ، وكذا الموقع الأصلي للضريح.
يوجد ضريح سيدي بليوط على الواجهة اليسرى لشارع أحمد الحنصالي سابقا و Houphoët Boigny حاليا بمركز الدار البيضاء الحاضرة الاقتصادية للمغرب. واشتهر الاسم إداريا بـ”مقاطعة سيدي بليوط الحضرية” وتحتل المقاطعة النصيب الأوفر من المجال الحضري البيضاوي، واشتهر الاسم أيضا خلال فترة الاستعمار، مثله في ذلك كباقي أولياء المدن المغربية، بسيد المدينة أي وليها الرئيسي بعد أن كانت سيادة الولاية باسم الولي علال القرواني.
إن أولى المشاكل التي تعترض المثقف البيضاوي هي موقع الضريح، فحسب الوثائق الخرائطية الفرنسية المؤرخة قبل الدخول الفرنسي للدار البيضاء أو خلالها أي سنة 1907.
يقع الضريح داخل المدينة القديمة، وهناك من السكان من يذكر أن الضريح الحالي لم يكن لسيدي بليوط بل لولي آخر وأن الفرنسيين في هدمهم لسور المدينة القديمة الممتد على طول الشارع (مكان البزارات الحالية) نقلوا ضريح سيدي بليوط من موضع الهدم إلى ضريح الولي المجهول أي الضريح الحالي، يقول أحمد أشعبان لـ”مشاهد24″.
ويفسر البعض الآخر أن ضريح سيدي بليوط هو نفسه الذي كان داخل المدينة وقام الفرنسيون بهدم السور خلف الضريح الذي كان داخل برج زاوية السور ولا زال البرج باديا إلى يومنا الحالي.
كما أن هناك تضارب للآراء حول صحة توطين الضريح، تفسره البقايا الأثرية التي تمت ملاحظتها عند أشغال حفر شارع الحنصالي بشهر يونيو 2014 وتتمثل في بقايا الهياكل العظمية البشرية أي التي كانت تنتمي للمقبرة الإسلامية المحاذية للمدينة القديمة، بمعنى أن توطين سيدي بليوط كان داخل المدينة القديمة أي عن يمين الشارع المحفور بينما الضريح الحالي يوجد عن يسار الشارع ووسط مقبرة المسلمين، يفيد أشعبان.
ولم يتوان أحمد أشعبان عن التذكير بأن “هناك مشاكل أخرى ترتبط بهذا الضريح حول “من هو سيدي بليوط؟ بمعنى آخر هل له ترجمة تعرف به؟ مضيفا أن الاسم
في “سيدي بليوط” وترسم بأشكال مختلفة “أبو الليوث” ، “أبو الليث” بالمفرد، “بو ليوط”… وهي كنية وليس اسم ولا تعكس اسما معينا مثلا أبو العباس هو أحمد أبو عبد الله هو محمد”
ويستطرد قوله إن الفقيه العدل هاشم المعروفي قام في كتابه عبير الزهور بتضليل الرأي العام المغربي والبيضاوي بتحريف نص يعود للقرن السادس الهجري لابن الزيات”التشوف إلى رجال التصوف”.
وفيما يلي النصين ليقف القارئ على هذا التحريف، ويضح أحمد أشعبان.
يقول ابن الزيات في ترجمة رقم 147
أبو حفص عمر بن هارون الماديدي
من أهل أنسا وكان عبدا صالحا …
يقول هاشم المعروفي: كتاب” عبير الزهور ….” ج1 ص 100
“فوجدت فيه(أي في التشوف)
ترجمة أبي حفص عمر بن هارون المديوني
ذكر أنه من أهل آنفا وكان عبدا صالحا …
ويرجح أحمد أشعبان أن سيدي بليوط أو أبو الليوث لسببين: أولهما : أنه من أهل آنفا، وثانيهما أن أصله من قبيلة مديونة التي تقع فيها مدينة الدار البيضاء كما هو معلوم:، قائلا “يبدو واضحا من كلمات “الماديدي وأنسا، والمديوني وأنفا، تحريف كلمتي الماديدي بالمديوني وآنسا بآنفا وأظن أنه اسقاط خطير جدا سبق أو نبهت إلى تصحيح الخطأ ما دام أنه يرتبط بالعاصمة الاقتصادية الدار البيضاء”.