يحتفل الشباب المغربي، كباقي شباب العالم، بـ “السنة الدولية للشباب”.. وهي فرصة لتقييم المنجزات والمشاريع والوضعية بشكل عام، وفرصة لدعوة المسؤولين إلى إيلاء هذه الفئة الاجتماعية الأهمية التي تستحقها، والحرص على أن تأخذ مكانتها ضمن المشهد السياسي ومنحها فرصة المشاركة في اتخاذ القرار.
الشبكة المغربية للتحالف المدني للشباب تستعد لتخليد هذه المناسبة، لتطرح بدورها إشكاليات تعاقدات الحكومة والجهات والجماعات مع الشباب، ولتقيّم الحصيلة وتستنهض أصحاب القرار من أجل إجراءات أكثر عملية.
عن واقع الشباب المغربي ورهانات التنمية ودورهم في تحقيقها يتحدث عبد الواحد زيات رئيس الشبكة لـ “مشاهد 24” في هذا الحوار:
- ماهي استعداداتكم للاحتفال بالسنة الدولية للشباب؟ وما هي القضايا التي قد تطرحونها خلال هذا الاحتفال؟
السنة الدولية للشباب هي مناسبة دولية لتقييم وضعية الشباب في جوانب متعددة اجتماعيا واقتصاديا، وكذا تقييم موقعهم في التنمية ومختلف التحديات. وأيضا فرصة للحكومات لإطلاق مبادرات كبيرة، وفتح نقاشات، وطرح البدائل من أجل الإسهام في إشراك هذه الشريحة، التي تعد فرصة ديمغرافية لا تتكرر في التنمية في حالة ضياعها. إلا أننا نسجل، بأسف شديد، أن الحكومة لم تعط أهمية لهذا الحدث الدولي حيث تعاملت معه ببياض شديد، وكأن هذا اليوم العالمي لا يعنيها في شيء.
من موقعنا كمجتمع مدني نستعد لتنظيم ملتقى وطني بمناسبة السنة الدولية للشباب وأيضا بمناسبة عيد الشباب، تحت شعار “الشباب ومغرب الجهات أي تعاقدات”. وهو ملتقى سيعرف مشاركة لعدد من رؤساء الجهات، وفعاليات شبابية وإعلامية وحقوقية.
- كيف تقيمون كمجتمع مدني حصيلة العمل الحكومي ذات الصلة بالشباب في ظل الاستراتيجية الوطنية، التي سبق وضعها في عهد الحكومة السابقة والتزمت بتنفيذها؟
الحصيلة تبقى دون الانتظارات، لأن الخطوات الإجرائية لم يتم مباشرتها بعد.. فإذا كان مشروع الاستراتجية الوطنية للشباب ضمن المشاريع المهمة المفروض أن تجعل الحكومة عند موعد اللحظة، وعند مستوى التحديات، فإنها تعاملت مع الملف باستهتار كبير، وكان المفروض أن تبدأ مراحل الاستراتجية بتنفيذ 64 إجراء، لم يتم الشروع في أي واحد منها لحد الآن. وهنا تبدو الصورة أكثر وضوحا حول موقع الشباب في اهتمامات الحكومة، أو حتى عند مؤسسة البرلمان التي لم تقدم على مساءلة الحكومة في هذا السياق. وطبعا هناك مشاريع أخرى لازالت معطلة ذات صلة بالشباب، والإشكال المطروح أكثر هو تنامي البطالة ، وهشاشة عقود العمل بالنسبة لشريحة عريضة من الشباب، فضلا عن تنامي التفاوتات بالمناطق الذي يطرح عوائق كثيرة للشباب في الفرص. وأعتقد أن الصراع السياسي زاد من تقديم ضعف الحصيلة، لأنه لم يكن هناك تعاون في حل المشكلات بل تعميقها أكثر.
- برأيك ما هي أولويات الشباب المغربي؟ وكيف يمكن استنهاض صناع القرار من أجل تحقيق هذه الأولويات؟
إن واقع البطالة مقلق جدا في صفوف هذه الشريحة، وتراكم أعدادها يطرح الخطوات العملية، التي ينبغي أن ينخرط فيها جميع الفاعلين من مؤسسات حكومية وتشريعية، وجماعات ترابية، وقطاع خاص، لتحريك حركة الاستثمار أكثر.. ولا ينبغي وضع عراقيل للشباب في الدراسة، كما ينبغي توسيع مشاركته في القرار، وحمايته من مظاهر الانحراف والجريمة.. وعلى صناع القرار أن يعرفوا أن إسهامهم الجيد في الاستثمار في الأجيال هو عمل يحتاج إلى صدق أكبر وإلى إحساس بأن شباب وأطفال المغرب هم أبناءهم، ويحتاج منهم تقديم الأفضل لصالحهم.
- شباب اليوم متهم بالتقاعس واللامبالاة، وبعزوفه عن الانخراط في العمل السياسي ما يعيق دوره في التنمية التي تحتاجها البلاد. ما هو تقييمكم لكفاءة هذا الجيل ولمدى مؤهلاته كقوة مجتمعية؟
الواقع السياسي فيه الكثير من الأعطاب، وهذا نتيجة تنامي العديد من الممارسات السيئة، فضلا عن عدم تجديد النخب وأعطاب بالديمقراطية.
لسنا هنا لجلد الواقع السياسي، بل لتأكيد أن السياسة تحتاج إلى تصحيح لتكون جذابة بدل هذا النفور من طرف الشباب. فهل تعتقدون أن صورة البرلمان بكراسي فارغة تشجع على احترام المؤسسات؟ الشباب بدوره معني بتحريك مياه السياسة، والانخراط في طرح البدائل، وليس فقط الفرجة والابتعاد. عليه خلق جبهة قوية لإسماع صوته وقضاياه، ولا أعتقد أن هذا الجيل فاشل ومتقاعس، بل يحتاج من يستنهض همته، لأن هناك كفاءات كثيرة تضيع، بدل الاستفادة منها.
- ما هي انتظاراتكم؟ وما هو دوركم في تشكيل قوة ضغط على أصحاب القرار من أجل جعلكم في صلب اهتمامات السياسات العمومية؟
نطمح إلى أن يقوم صناع القرار بواجبهم ومسؤولياتهم في رسم سياسات صحيحة عمومية للشباب، بدل تجريب البرامج وهشاشة في الأفكار.. انتظاراتنا أن تكون قناعة لدى صناع القرار بأن التنمية لن تكون بدون الشباب. فهم الطاقة الواعدة لتنمية المجتمعات التي عرفت كيف تستفيد منها،
على الدولة أن تفكر بكل مكوناتها في تحريك طاقات الشباب بمختلف جهات المملكة، بما فيها الكفاءات الشبابية التي في المهجر.. بهذا فقط، سيتجه المغرب بسرعة لكسب رهانات التنمية دوليا وإفريقيا، وبمعادلة قوية..
طبعا هذا مع توحد قوى المجتمع المدني الشبابي والطلابي والحزبي والنقابي في فرض أولوياتها، ليس بمنطق الحسابات الضيقة، بل بتغليب المصلحة المشتركة وتحقيق الإجماع حول هذه الأولويات..