يمضي قطار شراكة المغرب وإسبانيا، براقا فائق السرعة يطوي المسافات بين الجارين ويقودهما صوب وجهة تعاون فعال مبني على التشاور والثقة والاحترام المتبادل، في ظل سياق عالمي صعب تنذر تحولاته بالأسوأ.
الاجتماع الـ12 رفيع المستوى المغربي الإسباني المنعقد بالمملكة بداية شهر فبراير الحالي، يعد محطة بارزة في مسار الشراكة التاريخية والاستراتيجية بين المملكتين، وعن أهميته ودلالات الاتفاقات والمواقف المعلنة خلاله، تقدم المحللة السياسية والخبيرة في قضية الصحراء والعلاقات المغربية الإفريقية راضية الدباغ، قراءة تحليلية لـ”مشاهد24″.
الدباغ سطرت في مستهل قراءتها على أن الثقة المتبادلة بين المغرب وإسبانيا، المبنية على الاحترام المتبادل والطموح القوي، غذت منحى العلاقات الثنائية وأعطته زخما كبيرا بعد التغيير الذي طرأ على موقف مدريد من ملف الصحراء المغربية وتأييدها لمقترح الحكم الذاتي، مشيرة إلى أن مرحلة جديدة ومفصلية دشنت وأسدل معها الستار على الأزمة الدبلوماسية والخلافات والقضايا العالقة، في آن واحد.
وسجلت أن التاريخ والجغرافيا والمصالح المشتركة والثقة والوفاء بالالتزامات والاحترام المتبادل لضمان الاستقرار والوحدة الترابية للبلدين، لبنات أساسية في بناء أفق جديد لعلاقات الرباط ومدريد.
واعتبرت الدكتورة، أنه من أبرز نقاط قوة الاجتماع الـ12 رفيع المستوى بين الدولتين، ترسيخه عزم الحكومة الإسبانية بقيادة بيدرو سانشيز، مواصلة التأكيد على رغبتها في تجديد وتعميق العلاقة المتميزة مع المغرب، بروح من التعاون الوثيق، مبرزة أنه أمر يجدد سمو الروح الإيجابية التي تخللت مختلف الخطوات التي بنى لها الطرفات في علاقاتهما وعلى أعلى مستوى، سواء من خلال المكالمات الهاتفية بين الملك محمد السادس مع سانشيز، أو تلك التي جمعته بالملك فليبي السادس في إطار من تجديد التعبير والتقدير العميق بين البلدين.
وأضافت أن الاجتماع رفيع المستوى، بقدر ما أعطى دفعة قوية للعلاقات الديبلوماسية بين البلدين، أتاح إمكانية الوقوف على أهمية الآفاق والفرص الأخرى الواسعة والتي كانت محور الاتفاقيات الموقعة في المجالات الاقتصادية والسياسية والأمنية والبيئية.
وتابعت قائلة “وهي المسألة التي تدلي بالقناعة المشتركة لمضاعفة التعاون الثنائي، من جهة أولى وإلى ترسيخ لواقع جديد، كما هي رسالة من منظور منطقي، مشهود لها إقليميا ودوليا لإزالة كل ضبابية للعلاقات المغربية الإسبانية التي أصبحت موسومة بالأهمية الاستراتيجية التي يمثلها البلدان بعضهما البعض، بالرغم من كل المحاولات والضغوطات للحيلولة دون تميزها وتطورها”.
وأكدت المحللة السياسية، أن العلاقة الجديدة بين البلدين، يتوقع لها أن تعطي مدا إيجابيا للعديد من القضايا الثنائية، كما ستعزز الآفاق الجديدة والأدوار المؤثرة التي يجب أن يلعبها المغرب وإسبانيا في الفضاء المتوسطي، في ظل وضع دولي حساس يدلي بكل المؤشرات الأزماتية، وعلاقاتها بالأمن القومي والغذائي والطاقي والحدودي.
وتطرقت إلى مؤشرات ذلك، مردفة أن إسبانيا، أبانت خلال الاجتماع رفيع المستوى الـ12، عن رؤية واقعية واستشرافية للمستقبل وتحدياته الإقليمية والدولية والتي لايمكن تجاوزها خارج شراكة قوية ومتينة مع المغرب، كما أن هذا الأخير، القوة الإقليمية الصاعدة والفاعلة دوليا، كرس لكل قيم مساعي السلام، جهويا وإقليميا وقاريا ودوليا، بفضل ما يوفره من معدات وطاقات لتعزيز السلم والأمن بإفريقيا وأبعد من حدودها، سواء في مجال محاربة الإرهاب، أو ضبط تدفق اللاجئين والمهاجرين في احترام تام للقيم الإنسانية.
وضمن نفس القراءة التحليلية، لفتت الدكتورة الدباغ، إلى أنه بعيدا عن أرقام الاتفاقيات المهمة، يفتح الاجتماع رفيع المستوى، الباب على مصراعيه لبناء مستقبل واعد لعلاقات المملكتين المغربية والإسبانية، كونهما دولتان جارتان وصديقتان طورتا شراكة استراتيجية راسخة، وأقامتا علاقات إنسانية وثقافية واقتصادية عميقة تعد نموذجا بالمنطقة وعلى الصعيد الدولي.
وختمت بأن إرادة الملك محمد السادس، في إرساء تعاون فعال مبني على الشراكة المتينة الواضحة، عبدت طريق ذلك.