بإعادة افتتاح مقر سفارة المملكة المغربية بالعراق وتوقيع مذكرتي تفاهم بين البلدين لإحداث آلية للمشاورات السياسية وفي مجال التكوين الدبلوماسي، تُدشن الرباط وبغداد مرحلة جديدة من العلاقات الدبلوماسية.
وتم اليوم السبت بالعاصمة العراقية بغداد، افتتاح مقر سفارة المملكة المغربية بالعراق، بحضور وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، ناصر بوريطة، ونظيره العراقي فؤاد حسين، وشخصيات سياسية ورجال أعمال عراقيين وممثلي منظمات دولية عاملة بالعراق.
ورحب وزير الخارجية العراقي في تصريح صحفي، بافتتاح السفارة المغربية ببغداد، موضحا أن فتح السفارة المغربية يعد آلية مهمة لتعزيز العلاقات بين البلدين الشقيقين ودليلا على أن هذه العلاقات وصلت لمرحلة متطورة جدا.
وأضاف أنه “على هذا الأساس سنبني العلاقات الاقتصادية والتجارية والثقافية والأمنية وفي مختلف المجالات والعمل المشترك في المحيط العربي والإسلامي والدولي”.
من جهته قال ناصر بوريطة، إن افتتاح السفارة المغربية في بغداد يأتي في إطار تعزيز العلاقات القوية والمتجذرة بين المملكة المغربية وجمهورية العراق.
وتابع “نحن اليوم في مرحلة جديدة من العلاقات المغربية العراقية بنفس الأسس القوية القائمة ولكن برؤى تتطابق مع واقع البلدين والمنطقة”.
وأشار بوريطة إلى أن افتتاح السفارة بعد نحو 18 عاما من الإغلاق “إشارة قوية” توضح “ثقة المغرب في العراق الجديد واستقراره والمسار الإيجابي” الذي سلكه.
وأغلقت السفارة المغربية في بغداد أبوابها عام 2005 وانتقلت إلى عمان بسبب “تدهور الأوضاع الأمنية” في العراق.
زيارة تاريخية بدلالات عميقة
وزيارة بوريطة إلى العراق هي الأولى من نوعها لوزير خارجية مغربي ومسؤول حكومي رفيع المستوى منذ حوالي ربع قرن.
ووصفت وسائل إعلام عربية ودولية زيارة وزير الخارجية المغربي إلى بغداد بـ”الخطوة المهمة” لبناء وتطوير العلاقات والصداقة بين المغرب والعراق.
وينتظر أن يسهم هذا القرار الدبلوماسي الهام في تسهيل العلاقات الاقتصادية والتجارية والسياحية بين البلدين.
ووفق وسائل إعلام عراقية، تم الاتفاق على عقد ملتقيات لرجال الأعمال والمستثمرين بين بغداد والرباط وبحث إمكانية تفعيل خط جوي مباشر بين البلدين. كما سيتم إعادة النظر بالاتفاقات التي عقدت بين العراق والمغرب في حقب مختلفة.
وتطمح القيادة العراقية الجديدة إلى خلق آلية لجمع رجال الأعمال والمستثمرين من الجانبين (المغربي والعراقي) وتأسيس منتدى لرجال الأعمال من البلدين.
ويشهد العراق حاليا تحسنا أمنيا نسبيا، بعد أن تعرضت العديد من البعثات الدبلوماسية إلى أعمال عنف من قبل التنظيمات المتطرفة التي ظهرت في البلاد.
خطوة إعادة فتح السفارة المغربية ببغداد لها دلالات كثيرة، أهمها أن المغرب يثق في “العراق الجديد”، وعلى هذا الأساس يريد تعزيز علاقاته مع النخب السياسية الجديدة التي تقود البلاد.
ولطالما دعت النخب السياسية في العراق إلى إعادة فتح السفارة المغربية بحكم مكانة المملكة إقليميا ودوليا، وأيضا لتعزيز العلاقات السياسية والاقتصادية، لكن الرباط كانت تنتظر فقط الوقت المناسب.
وبما أن العراق يشهد مرحلة انتقالية جديدة، فالأكيد أن المغرب يريد انتهاز الفرصة لقطع الطريق أمام أعداء الوحدة الترابية وملء الفراغ بشكل صحيح.
الأكيد، أن هذه الخطوة الدبلوماسية ستكون منطلقا لشراكة تنسجم وحجم العلاقات التاريخية بين الجانبين.
قضية الصحراء المغربية
قضية الصحراء المغربية كانت حاضرة بقوة في مباحثات وزير الخارجية ناصر بوريطة ونظيره العراقي فؤاد حسين.
وحيال ذلك، جددت العراق التأكيد على موقفها الثابت، الداعم للوحدة الترابية للمملكة المغربية.
وقال فؤاد حسين “أجدد موقف العراق الدائم من قضية الصحراء المغربية والداعم للوحدة الترابية للمملكة المغربية”، مؤكدا أن العراق “تقف إلى جانب المغرب في موضوع وحدة ترابه الوطني”. كما أكد دعم العراق لجهود الأمم المتحدة للتوصل لحل نهائي لهذا النزاع، مضيفا أن بلاده “تؤيد قرارات الأمم المتحدة ذات الصلة”.
موقف العراق الثابت تجاه الوحدة الترابية المغربية، من المرتقب أن يزيد من متاعب خصوم المملكة، وذلك في ظل اتساع رقعة الداعمين لمغربية الصحراء.
وفي نفس السياق، سيسعى المغرب إلى دعم “العراق الجديد” وتطوير التعاون الثنائي حتى لا يبقى في فلك النظام الإيراني.