منح خطاب الملك محمد السادس، بمناسبة افتتاح الدورة الأولى من السنة التشريعية الثانية من الولاية التشريعية الحادية عشرة، ملف الأمن المائي أهمية كبيرة، مسطرا على أن الماء هو أصل الحياة وعنصر أساسي في عملية التنمية.
محمد بنطلحة الدكالي أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاضي عياض بمراكش، قدم في حديث مع ”مشاهد24”، قراءة تحليلية بشأن الأولوية التي حظيت بها إشكالية الماء، في هذا الخطاب الملكي.
وأول ما لفت إليه بنطلحة، كون الخطب الملكية في عمقها ودلالاتها، هي خطب مؤسسة وتوجيهية لطرحها القرارات الاستراتيجية في الدولة وتقديمها تقييما للسياسات العمومية المتبعة من طرف الحكومة، معتبرا أنها بمثابة خارطة طريق لمسار الإصلاحات الكبرى مصاغة بشكل ملهم يحفز على الإنجاز والإبداع.
وأضاف أن استهلال خطاب أمس الجمعة 14 أكتوبر 2022، بتأكيد الملك، على أن ”افتتاح البرلمان ليس مجرد مناسبة دستورية لتجديد اللقاء بممثلي الأمة، وإنما نعتبره موعدا سنويا هاما، لطرح القضايا الكبرى للأمة، لاسيما تلك التي تحظى بالأسبقية” خير دليل على ذلك.
وسجل أن الخطاب منح بلغة واضحة، إشكالية الماء وما تفرضه من تحديات ملحة وأخرى مستقبلة، الأسبقية، إذ جعلها الموضوع الهام الأول ثم يليه موضوع النهوض بالاستثمار، مشيرا إلى أن نواب ومستشاري الأمة وكل الفاعلين المغاربة، معنيون بالتجاوب مع الدعوة الملكية في تجنب تام للمزايدات السياسية.
وأبرز الأستاذ الجامعي، أن الملك، حين حث على ضرورة التخطيط لإدارة الأزمة المائية، في إطار جهد منظم مع ضرورة التركيز على المستقبل درءا للمخاطر والأزمات، شدد على أن سياسة الماء ليست مجرد سياسة قطاعية، وإنما هي شأن مشترك يهم العديد من القطاعات، وهو مايقتضي التحيين المستمر للاستراتيجيات القطاعية وتطويرها المستقبلي بهدف تحقيق حكامة مائية، تستجيب بشكل مستدام للحاجيات المتزايدة للساكنة من جهة، ولمتطلبات القطاعات الإنتاجية من جهة أخرى.
وأوضح أن قوة الخطاب الملكي، تتجلى في تسليط الضوء على تحديات مرحلة الجفاف والتغيرات المناخية العالمية، واستحضار مقابل ذلك، التدابير المتخذة وطنيا في مواجهتها، من قبيل البرنامج الوطني الأولوي، ومواصلة بناء السدود وشبكات الربط المائي ومحطات تحلية مياه البحر، وإطلاق مشاريع ترشيد استعمال المياه.
وقال إن هذا ينسجم مع ما تتطلبه إدارة الأزمات من تخطيط استراتيجي، ينطلق من تحديد الأهداف الرئيسية ووضع البدائل والاحتمالات المختلفة وتحديد مسارها المستقبلي، من خلال التنبؤ والاختيار الاستراتيجي للفرص الموجودة، مردفا وهذا مايطلق عليه ”الاستراتيجية الوقائية”.
وتابع مضيفا ”إن عملية التخطيط الاستراتيجي عملية مستمرة وليست لحظية أو مؤقتة أو ذات طابع سياسوي، إنها عمل مؤسساتي يخضع للتقييم المستمر تفاديا لأي مشاكل محتملة، مع العلم أن التخطيط الاستراتيجي يعتمد على عمل جماعي يضع المصلحة العليا للوطن فوق كل اعتبار”.
وفي هذا السياق، تطرق إلى ما أسماها ”الروح العالية” التي حملها خطاب افتتاح البرلمان، قائلا ”الخطاب الملكي يدعونا اليوم إلى ضرورة التخطيط بروح وطنية عالية من أجل إدارة أزمة المياه في إطار جهد يقلل المخاطر المستقبلية”.