رمى الرئيس التونسي قيس سعيد، بتاريخ طويل من العلاقات المتينة بين تونس والمملكة، خلف ظهره ومضى لاستقبال زعيم جبهة ”البوليساريو” الانفصالية، على أرض ”ثورة الياسمين” التي دعمها المغرب في السراء والضراء.
قيس، اقترف فعلته غير مكترث للتاريخ ولا للجوار، بل خرق محضر الاتفاق الموقع بينه وبين رئيس وزراء اليابان، بشأن تنظيم المنتدى الياباني الإفريقي ”تيكاد 8”، الذي لم يتضمن أي دعوة للكيان الوهمي.
في هذا السياق، سجلت راضية الدباغ، الدكتورة المتخصصة في قضية الصحراء المغربية والوضع الأمني بالساحل والصحراء، أن المغرب، معني اليوم بالتعاطي مع تونس وفق اصطفافها الجديد، بعدما غض الطرف عن أخطاء فادحة ارتكبها قيس سعيد.
وأضافت الدباغ، في حديث لـ”مشاهد24”، أن المملكة، اتخذت الإجراءات المعقولة المتمثلة في عدم المشاركة بمنتدى ”تيكاد 8” واستدعاء السفير المغربي بتونس للتشاور، مشيرة إلى أن تأكد دعوة قيس، لـ”البوليساريو” بشكل أحادي الجانب، دليل قاطع على نهجه سياسة العداء ضد المملكة ومصالحها العليا.
واعتبرت أن الاحتمالات المطروحة بخصوص مصير العلاقات الدبلوماسية بين المغرب وتونس، تبقى ضيقة، لكون المغرب، وضع عبر الخطاب الملكي بمناسبة الذكرى الـ69 لثورة الملك والشعب، النقط على الحروف فيما يخص علاقاته الثنائية البين دولية، برسالة أن ”ملف الصحراء هو النظارة التي ينظر بها إلى العالم”.
وتابعت قائلة ”المغرب يساير التطورات التي عرفها ويعرفها في الآونة الأخيرة، فمغرب الألفية الثالثة يختلف جذريا عن ما قبله، وجلالة الملك محمد السادس، أوضح ذلك في خطابه الأخير، ملف الصحراء هو المعيار الواضح والبسيط، لقياس صدق الصداقات، ونجاعة الشراكات. والشركاء التقليديون والجدد، مطالبون بتوضيح مواقفهم من مغربية الصحراء، بشكل لا يقبل التأويل”.
وضمن حديثها للموقع، ألقت الدكتورة المتخصصة في قضية الصحراء المغربية والوضع الأمني بالساحل والصحراء، الضوء على أن تونس، باعتبارها بلدا جارا وشريكا تقليديا لبلادنا، حظيت بحرص مغربي بقيادة الملك محمد السادس، على تقوية العلاقات القائمة معها وتعزيز الشراكة في مختلف الأبعاد، يجد فيها البعد الإقتصادي والتجاري، حيزا من الثقة بعيدا عن الحسابات الجيوسياسية التي كانت قائمة وتتحكم في علاقات البلدان الإفريقية، لافتة إلى أنها نفس الرؤية التي تجسد من جهة أخرى، إيمان الملك، في انبثاق إفريقيا قادرة على التعافي من كل الأمراض السياسية والإيديولوجية، ومستقلة ومستقرة ومزدهرة.
وفي هذا السياق العميق الذي يربط البلدين، أبرزت أن الزيارة الملكية لتونس عام 2014، تعد محطة تاريخية في مسار العلاقات الثنائية، لاسيما أنها تمت في ظرفية صعبة، مردفة ”ستحتفظ أذهان التونسيين، لا محالة طويلا بذكرى تلك الزيارة العميقة المغزى”.
وبتنصيب قيس سعيد أستاذ القانون الدستوري، رئيسا لتونس، ذكرت الدكتورة، بأن المملكة، كانت إلى جانبه، حيث أرسلت حينها وفدا مغربيا رفيع المستوى، مثل الملك، مسطرة على أن المراقبين ووسائل الإعلام المحلية، توقفوا عند الدلالة العميقة لذلك، خصوصا أن الوفد المغربي، هو الوحيد الذي حضر حفل التنصيب على الصعيدين العربي والمغاربي.
وتطرقت إلى بيانات رسمية شكر فيها سعيد، المغرب، على دعمه وعبر عن استعداد تونس الدائم لمزيد من تعزيز علاقاتها معه، مشددة على أنه سرعان ما تذبذبت مواقف ”الرئيس”، وبدأت الدبلوماسية التونسية تفقد كثيرا من ركائزها.
واستحضرت الدباغ، مواقف تونس في عدة قضايا إقليمية ودولية، بعد دخول قيس، قصر قرطاج الرئاسي، على رأسها قضية الصحراء المغربية، حيث امتنعت عن التصويت على قرار التمديد لبعثة ”المينورسو”.
وخلصت إلى أن تونس، غادرت اليوم منطقة الحياد في ملف الصحراء المغربية، وتقف مع ”شقيق ضد آخر”، عكس ما حرصت على الالتزام به طيلة عقود.