في ثاني زيارة رسمية له للمملكة، بعد دخول العلاقات بين الرباط ومدريد، مرحلة جديدة، حضر خوسيه مانويل ألباريس وزير الخارجية الإسباني، باجتماع التحالف الدولي ضد داعش الذي احتضنته مراكش.
ولم يكن حضور ألباريس، باجتماع مراكش، مجرد مشاركة لتمثيل بلاده في لقاء دولي، بل محطة وضع خلالها النقط على الحروف، بخصوص متانة العلاقات المغربية الإسبانية، وتخطيها كل محاولات التشويش.
في هذا السياق، أكدت المحللة السياسية الدكتورة راضية الدباغ، أن زيارة ألباريس، لمراكش، تعمق العلاقات الثنائية بين المغرب وإسبانيا.
وأضافت في حديث لـ”مشاهد24”، أن الزيارة وما رافقها من تصريحات للمسؤول الإسباني، تؤكد المسار التوافقي السياسي الجديد للمملكتين المغربية والإسبانية، بخصوص العديد من القضايا المشتركة، بما فيها تدبير تدفقات الهجرة، الأمن ومكافحة الإرهاب. كما تجسد التفعيل الواقعي لأنشطة ملموسة تغطي جميع قطاعات الشراكة.
وسجلت أن هذا الأمر، يعمق فشل الجزائر، بعدما راهنت عبر صنيعتها جبهة البوليساريو الانفصالية، على التشويش على علاقة البلدين الجارين، في سعي منها لإبقاء محور مدريد الرباط، متأزما.
ولفتت إلى أن العلاقة التي يبني لها المغرب وإسبانيا اليوم، بتزكية من القيادة الملكية الرصينة، تتجاوب وتتفاعل مع الأسس التي يرغب المغرب، في وضعها لتحديد وضبط علاقاته مع شركائه، بشكل مستدام، وتترجم الطموح المشترك بين البلدين، وسعي إسبانيا، لكسب جارها كحليف استراتيجي، يحظى بحضور إقليمي ودولي مميز، مردفة ”أسلوب كرسته آلية الديبلوماسية المغربية، عبر حضورها الثابت والمقدر على المستوى الإقليمي والدولي ونجاعتها في حل مجموعة من الملفات المرتبطة بالأمن وتدبير الأزمات”.
واعتبرت المحللة السياسة، أن التصريحات التي أدلى بها وزير الخارجية الإسباني، في لقائه بوزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة، على هامش الاجتماع الوزاري للتحالف الدولي ضد داعش، تعطي البعد الكبير والتطلعي نحو البناء للعهد الجديد بين البلدين، كما تسطر بشكل واضح وقاطع على الخيار الواقعي بخصوص وجاهة مبادرة الحكم الذاتي، في وعي من صناع القرار الإسبان، بأهمية هذه العلاقة التي تأتي مسايرة للظروف الإقليمية والعالمية.
وأوضحت أن الدول الأوروبية، وعلى رأسها إسبانيا، وجدت نفسها معنية بالانفتاح على قوى دولية وكذا إقليمية صاعدة، في مقدمتها المغرب، الذي حقق نجاحا وإشعاعا يحسب لصالحه، خصوصا بعد الإعتراف الأمريكي بالسيادة المغربية على الصحراء، والتحول الكبير في مواقف دول عديدة، مثل ألمانيا وإنجلترا، وأيضا شخصيات سياسية، سطرت في مواقفها، بأن الأمور عادت إلى نصابها بعد تعقيد معتمد عرفته القضية في وقت سابق.
وشددت المتحدثة ذاتها، على أن المملكة، معنية بالاستفادة من هاته التطورات الإيجابية، لوضع حد نهائي وجذري لنزاع الصحراء، مضيفة ”نشر وزارة الخارجية الإسبانية عبر بوابتها الرسمية، خارطة المغرب كاملة. يعد أيضا ترسيخا للاعتراف الإسباني بمغربية الصحراء، وتحولا تاريخيا في مجريات تسوية ملف الوحدة الترابية، شأنها شأن الدول العظمى اليوم، الأمر الذي يبقي موقفها الجديد داخل الشرعية الدولية ويتماشى مع ميثاق الأمم المتحدة وقرارات مجلس الأمن، بما في ذلك القرار الأخير رقم 2602”.
من جهة أخرى، سلطت الدباغ، الضوء على أن حلول ألباريس، ببلادنا، يعزز الآفاق الجديدة والأدوار المؤثرة التي يجب أن يلعبها البلدان، في الفضاء المتوسطي، في ظل الوضع الدولي الحساس، خصوصا على مستوى الأمن القومي والغذائي والطاقي والحدودي، ما يتماشى مع اتفاقية مدريد التي تشمل التعاون في مجال مكافحة الجريمة، والاتجار بالمخدرات والبشر والهجرة غير الشرعية، بالإضافة إلى المعاملات المالية غير المشروعة، والجرائم في المجال الاقتصادي والمالي وغيرها من البنود المهمة للاتفاقية.
وفي مقام ثالث، تطرقت الدكتورة، إلى كون الحضور الإسباني للاجتماع الوزاري بمراكش، يعطي دفعة قوية لأهمية استئناف العلاقات الديبلوماسية بين البلدين، على جميع المستويات الاقتصادية منها والسياسية والأمنية والبيئية، مبرزة وجود آفاق وفرص واسعة لمضاعفة التعاون الثنائي.