بقلم: طالع السعود الأطلسي
نمت بنيات حقوق الإنسان في المغرب، مؤسسات وقوانين، إلى المستوى الذي أنتج ثقافتها… وأضحت صيانتها شأنا سياديا للدولة، بالموازاة مع تقدمها في حفر موقعها في الضمير الجمعي العام… حفر ولو بطيء، متواصل ومستمر في توسيع موقعه وترسيخه. وقد أضحى للعمل الحقوقي مواصفاته، لغته، مرجعياته المفاهيمية… ومدونة سلوكه حين يكون موجها لتغذية المسار التنموي، الوطني، الديمقراطي والاجتماعي، تغذيته بالمشاركة المواطنة فيه… المشاركة الواعية حين تصون الحقوق وحين تنبري للواجبات… بنفس الحماس، نفس الجدية، نفس الصدقية ونفس الفعالية.
في هذا المسار يتبين العمل الحقوقي الذي يذهب عميقا ومفيدا لطموحات التقدم المغربي، وينكشف “الشغب”، الموجه ضد إثمار حقوق الإنسان و تخصيبها، لخدمة جهات معادية للمغرب أو ذلك الصادر عن طيش سياسي، مرضي… و هو الذي يذهب جفاءا… سلطانه خيا، المتنكرة لمغربيتها، ثبت للمقررة الأممية الخاصة المعينة بحالة المدافعين عن حقوق الإنسان، السيدة ماري لا ولو ر، أنها مجندة سياسية وعسكرية وبالتالي “لم تعد خاضعة لولايتها”… أي أنها لم تعد مشمولة بالرعاية كونها ضحية انتهاكات لحقوق الإنسان…
بعد اتضاح تجندها السياسي والعسكري في حركة البوليساريو الانفصالية… لقد انكشفت أنها مجرد مجندة سياسية وعسكرية في حركة انفصالية، وتستفيد من مناخ وممكنات ومجالات احترام حقوق الإنسان في المغرب… وهي التي أنتجها المغاربة، عبر تاريخ طويل، عسير، معقد ومتعرج لفائدة تقدم المغرب… والسيدة سلطانة تستثمر تلك المساحات والمكتسبات وهي الأبعد عن صون حقوق الوطن قبل حقوق الإنسان… ومزاعمها، بأنها ضحية انتهاكات لحقوق الإنسان، محض باطلة ومكذوبة… ولقد أبعدتها السيدة المقررة الأممية عن دائرة اختصاصها… وكان يكفي للسيدة المقررة الأممية أن تلاحظ الهوية العسكرية للمعنية بادعاءات تعرضها لانتهاك حقوقها السياسية، و تعارض ذلك مع ما هو متاح لها من حقوق مدنية وديمقراطية في الملموس من التزامات وقوانين وإجراءات متصلة بتمتين الإلتزام بمقولات ومبادئ حقوق الإنسان في شموليتها، وبكل أجيالها، في عموم الوطن المغربي… مغرب يجتهد في التربية عليها، في ترسيخها وفي تطويرها… عبر التعليم، عبر الإعلام، عبر صياغة القوانين المغربية بحبر حقوق الإنسان، عبر سياسات وإجراءات اجتماعية صادرة عن النهوض بالحقوق المجتمعية، الإقتصادية والثقافية… عبر التكوين الحقوقي للمكلفين بإنفاذ القانون من رجال ونساء، القضاء والأمن… وقبل ذلك، بسببه و لأجله، إرساء مؤسسات حكامة وتدبير دولتي لحقوق الإنسان… المجلس الوطني لحقوق الإنسان والمندوبية الوزارية لحقوق الإنسان… وهو ما أتاح ويتيح للسيدة سلطانة ومثيلتها السيدة أميناتو وبعض زملائهما الرجال، الجهر بانتمائهم لحركة البوليساريو، ومن داخل مدن الأقاليم الصحراوية المغربية… هل كان سيحدث هذا في بلد لا يتوفر على مناعة وقابلية سياسيتين لتسامح وسعة حكمة ناتجين عن وضعه مبادئ واختيارات حقوق الإنسان في موقع الرافعة الإستراتيجية لحكامته… وأقوى معبر عن ذلك.. مقترح الحكم الذاتي لحل المنازعة حول مغربية أقاليم الصحراوية… المقترح الذي يصون حقوق الوطن ويراعي داخله حقوق الإنسان.
نموذج آخر من “مغاربة” قادتهم أوهام التكسب على حساب الوطن والتسول بمزاعم انتهاكات لحقتهم في حقوقهم الديمقراطية… نموذج “مغاربة”، يعلي صوته بعض الإعلام الغربي، المعبر عن مصالح دول مخترقة بتناقضات مكوناتها اتجاه التعامل مع المغرب…بين من يرى فيه ممكنات تعاون وتبادل الفائدة في علاقة تفاهم متوجهة للمستقبل، وبين من لم يلحظ بعد تواري الحقبة الإستعمارية وتآكل منطلقاتها في التعامل مع المغرب الجديد، الناهض، الواعد والمعتز بقراره المستقل… إنهم مغاربة، استهواهم طمع الاسترزاق بمفردات حقوق الإنسان لفائدة توهمهم اكتساب مغانم، فاعتلوا من منصة العداء للمغرب، المنصوبة في بعض البلاد الأوروبية. آخرهم، زوج حل بباريس قادما من الصين، “ليعزز” جوقة ممتهني العداء لبلدهم… الجوقة التي تفرقت بأعضائها السبل، بعد اتضاح خوائهم وتبيان أولائك بما اقترفوه ضد بلدهم، من ادعاءات وأكاذيب وسخافات وما حاولوه من ابتزازات مالية ومعنوية، إنما كانوا “يبحثون” عن خبز يومياتهم، ويجدون اليوم صعوبة في تصريف بضائعهم لحاجة “الخبز” الضروري للحياة.. و قد أجروا أنفسهم لجهة، في خلفية المشهد، التي اقتصتهم وحركت بعضهم لفترة وتحاول مع آخرين حاليا… تلك الجهة، لا يعنيها مؤازرة “مناضلين” ضحايا “تعسف” الدولة المغربية… ولا يعنيها، أصلا، إرساء حقوق الانسان في المغرب… تلك الجهة يشغلها، فقط، إزعاج المغرب وتسليط ضجيج مشوش على صوته في دائرة تفاعلاته الخارجية.. سعيا منها لاستعادته إلى داخل طوقها… صاغرا وشاكرا… وهو ما لم يفعل بالأمس ولن يفعل اليوم، وقد اكتسب مناعة سياسية واقتصادية قوية ضد رعاة من تاريخه جردهم تطور تاريخه من أحقية وجدارة وقدرة رعايته له.
سلطانة وأمثالها في الأقاليم الصحراوية المغربية، ونظرائهم في بعض الساحات الأوربية، يشتركون في تنكرهم لمغربيتهم، و في انكشاف زيف ادعاءاتهم بكونهم ضحايا انتهاكات لحقوق الإنسان في المغرب… وتبين أنهم فقدوا صلاحية توظيفهم حتى لدى من شغلهم لأمد قصير، وانطفأ لمعان إبهارهم لدى من اغتر بهم لبرهة… و إن كانت بعض الجهات تقتات بهذيانهم لكي تغذي بياناتها الموجهة ضد المغرب، لمرامي عدائية في الجوار الإقليمي أو في المجال الجيواستراتيجي الأوسع… و هو ما تحركت ضده، و باقتدار، المندوبية الوزارية لحقوق الإنسان… وهي بذلك اخترقت حاجز الصمت أو التردد الذي ألزم الفعل الحقوقي المغربي الوطني المؤسساتي نفسه به، واستفادت منه الجهات المعادية والمعتاشون معها لكي تعلي نبرات وضجيج افتراءاتها على المغرب وعلى أوضاع حقوق الإنسان فيه…
الخرجات الإعلامية والرسمية للسيد أحمد شوقي بنيوب، المندوب الوزاري المكلف بحقوق الإنسان، أبلغت كل من يريد أن يسمع أو ينبغي أن يسمع بأن أوضاع حقوق الإنسان هنا في المغرب هي من النضج ومن الرسوخ بحيث أنتجت ثقافتها بمداميكها القوية والجاهزة لتبديد وتفتيت الإفتراءات بمبضع حقوقي حاد، نظيف وفاعل… و في الآن نفسه من طبيعة هذه الثقافية الحقوقية والديمقراطية أنها جاهزة للتفاعل الإيجابي مع كل من يسهم في تنشيط قدراتها الذاتية على التطور وعلى تقويم فعاليتها… ولقد كانت المندوبية الوزارية سباقة لتوجيه الإنتباه إلى ما يحتاج للمراجعة والتصويب من صلب ثقافة حقوق الإنسان… منها منهجية تقارير جمعيات حقوق الإنسان، والتي هي فاعل وشريك اجتماعي في ترسيخ احترام مبادئ وآليات حقوق الإنسان، حتى تكون مفيدة في تطوير ثقافة حقوق الإنسان، لا مجرد مشوشة حواليها… ومنها جملة من المساطر الإدارية والقانونية المتصلة أو الرديفة للحريات العامة، والتي تمكن الجمعيات من مرونة أنجع في حركيتها الحقوقية… إنها مدخل لوضع جديد في التعاطي مع “الشوشرة” على المغرب وعلى التقدم في مساره الإصلاحي والتحديثي، من منصات الخارج ومن بعض نوافذ الداخل… وضع المواجهة الحقوقية الصارمة والعالمة للإفتراءات الظالمة للمغرب، من جهات، قليلها جاهلة وأكثرها متجاهلة وعن عمد و سبق عداء.