يطوي العالم صفحة عام 2021، بعد ساعات معدودة، ويستقبل عاما جديدا بتطلع كل فرد ومجموعة وبلد لمضاعفة الإنجازات وتجاوز الصعوبات.
في هذا السياق، يلقي ”مشاهد24”، الضوء على أهم الإنجازات التي حققتها المملكة، على مستوى تطوير وتوطيد علاقاتها الدولية خلال سنة قاربت على الانتهاء، عبر مقال تحليلي يرص الأحداث ويحصي ثمارها.
شراكة استراتيجية مع الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل
وقع المغرب، مع الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل، بتاريخ 22 دجنبر 2020، الاتفاق الثلاثي، لكن الشراكة الحقيقية مع البلدين، لم تنطلق فعليا إلا بحلول سنة 2021، حيث وقعت اتفاقيات في مجال التدريب العسكري، وأعلن عن إطلاق حوالي 30 شراكة في قطاعات التكنولوجيا والفلاحة والمياه والنسيج والصحة والطاقات المتجددة.
الخبير والمحلل الاقتصادي رشيد ساري، أكد في تصريح لـ”مشاهد24”، أن سنة 2021، اتسمت بكون الدبلوماسية الاقتصادية للمغرب وازت الدبلوماسية السياسية، مبرزا أن الشراكة مع الولايات المتحدة الأمريكية، انتقلت لمرحلة أكثر نضجا وفعالية.
واعتبر أن الوحدتين الصناعيتين اللتين تنشآن بتمويل من مؤسسة تحدي الألفية، ضواحي مدينة الدار البيضاء، ضمن مشروع وحدات صناعية عالية المستوى بعدد من مناطق المملكة، يشرف عليه القائم بأعمال السفارة الأمريكية بالمغرب ديفيد غرين، شخصيا، خير دليل على ذلك.
قمة ”مجموعة فيشغراد+ المغرب”.. باب جديد لتقوية الحضور بأوروبا
شكلت قمة ”مجموعة فيشغراد+ المغرب”، التي انعقدت بتاريخ 7 دجنبر 2021، حدثا استثنائيا بكل المقاييس، لكونها الأولى من نوعها التي تجمع وزير الشؤون الخارجية المغربي ناصر بوريطة، بمسؤولي أربعة بلدان تلتئم في تكتل له وزنه داخل أوروبا.
وسجل ساري، أن الاجتماع الوزاري الذي جمع بوريطة، بنظرائه من بولونيا، التشيك، هنغاريا وسلوفاكيا، تحت صيغة ”فيشغراد+المغرب”، محطة فارقة في مسار تنويع المغرب لشراكاته على الصعيد الدولي، وتحديدا داخل القارة الأوروبية.
وأضاف أن مجموعة ”فيشغراد”، التي أسست سنة 1991، تكتل قوي بالقارة الأوروبية، تمكن في ظرف وجيز من الانضمام للاتحاد الأوروبي، كما أنه عضو بحلف الناتو.
ولفت المحلل الاقتصادي، إلى أهمية التصريحات التي تلت قمة ”فيشغراد+ المغرب”، حيث قدم المغرب، نفسه كبوابة لولوج القارة الإفريقية، مؤكدا أن ذلك يليق به، بفضل البنيات التحتية المتوفرة من موانئ وشبكة طرقية ولوجستيك، وكذا ورش تنمية متواصل واستتباب للأمن والاستقرار.
من جانبه، شدد عبد الواحد أولاد مولود، الباحث في العلاقات الدولية والمتخصص بالشؤون الإفريقية، على أن الارتقاء بتعاون المغرب، مع التكتل المكون من أربع دول متواجدة بأوروبا الوسطى، إلى شراكة متعددة الأبعاد، ستكون له ثمار تستفيد منها القارة الإفريقية، وليس المملكة، فحسب.
وأوضح أولاد مولود، ضمن حديث مع ”مشاهد24”، أن الاستحضار الدائم للقارة الإفريقية، من طرف المغرب، باعتبارها تشكل الامتداد العميق له، سيمكنها من قطف بعض ثمار هذه الشراكة التي تشمل تعزيز التبادل الاقتصادي ومواجهة التحديات القائمة من قبيل الإرهاب والجريمة المنظمة والاتجار بالبشر.
ومن زاوية أخرى، سطر الباحث في العلاقات الدولية، على أن وضع المملكة، يدها في يد تكتل أوروبا الشرقية، سيعينها على إسماع صوتها بقوة أكبر داخل الاتحاد الأوروبي، وإسكات اللوبيات التي تعترض مجهوداتها بدعم من الخصوم، مردفا ”ستتمكن بلادنا من التقدم أكثر وتجاوز الصعوبات التي تشوش على علاقتها مع الاتحاد”.
إسبانيا وألمانيا.. تودد لطي صفحة الخلاف
عملت إسبانيا، صيف سنة 2021، على التقرب من المغرب بعد أزمة فجرتها استضافة زعيم جبهة البوليساريو الانفصالية إبراهيم غالي. وعلى مدى أشهر، توالت تصريحات من مدريد تخطب ود الرباط.
بدورها بادرت الحكومة الألمانية الجديدة، مباشرة بعد انتخابها إلى التودد للمملكة، وطي صفحة الخلاف التي كانت قائمة في عهد المستشارة أنجيلا ميركل.
وفي أول بلاغ تصدره بخصوص ملف الوحدة الترابية للمملكة، أكدت الوزارة الفدرالية الألمانية للشؤون الخارجية، أن مخطط الحكم الذاتي، يشكل مساهمة مهمة للمغرب، في تسوية النزاع حول الصحراء.
هاته التطورات، صنفها أولاد مولود، في خانة ”الاعتراف بالخطأ”، عقب أزمتين حافظ فيهما المغرب، على هدوئه ورزانته، فحقق انتصارا مستحقا.
وشرح أن إصدار بلاغات رسمية تدعم المبادرة المغربية لحل نزاع الصحراء والتودد من خلال تصريحات مسؤولين كبار، يبرهن أن البلدين، صارا على غرار عدد من الدول المتقدمة، مدركين للمكانة التي يتمتع بها المغرب، كقوة صاعدة، فيحذوهم حرص على توطيد العلاقات وتعزيز التعاون معه.
والخبير ساري، أورد أنه بقدر ما تحرص المملكة، على تنويع شراكاتها، لم تقطع علاقاتها بالشركاء التقليديين، وسط مجموعة من الهزات، معتبرا أن ذلك يجسد حنكة الدبلوماسية المغربية.
بريطانيا وسويسرا.. لقاءات واحتفاء واتفاقيات
جمعت وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج ناصر بوريطة، خلال السنة الحالية، لقاءات مهمة مع مسؤولي كل من بريطانيا وسويسرا، توجت بتوقيع مذكرات تفاهم في مجالات الأمن والهجرة وغيرها.
وبداية شهر دجنبر 2021، احتفت وزارة الشؤون الخارجية للاتحاد السويسري، بمرور مائة عام على تواجدها بالمغرب.
أولاد مولود، اعتبر أن إعطاء دفعة جديدة للعلاقات بين المغرب، ودولتين قويتين كبريطانيا وسويسرا، يجسد الثقة في إمكانياته ومصداقيته العالية.
ومن منظور الخبير الاقتصادي، تحدث رشيد ساري، عن أهمية مضاعفة الصادرات الفلاحية المغربية إلى بريطانيا، ومشروع مد أطول كابل كهربائي عبر البحر، بطول 3800 كيلومتر وميزانية ضخمة تقدر بـ16 مليار جنيه أسترليني.
كما توقف عند مجالات جديدة تدخل بلادنا غمارها، من قبيل ”البيوتكنولوجيا”، حيث قال ”المغرب كما هو اليوم قطب في صناعة السيارات والطائرات والطاقات المتجددة، يمكن أن يصبح غدا قطبا كذلك في البيو تكنولوجيا، تعبد له اتفاقيات وقعها مع الصين وكذا سويسرا هذا الطريق”.
دول الخليج.. دعم صريح وتقدير متبادل
شكل تأكيد دول الخليج، على دعم قضية الصحراء المغربية، مسك ختام هذه السنة، حيث أخرس الأصوات المشوشة، وأضفى على العلاقات المغربية الخليجية، مزيدا من الدفء.
وتوقع ساري، أن تعرف الشراكة بين المملكة ودول الخليج، دينامية أكثر خلال المستقبل القريب، وتهم على وجه خاص استثمارات بالأقاليم الجنوبية.
أما عبد الواحد أولاد مولود، فأبرز أن نقطة قوة علاقة المملكة، بالدول الخليجية، تكمن في لعبها دور الحياد الإيجابي بين دول مجلس التعاون الخليجي.
وختم حديثه بالقول إن المغرب، راكم تجربة جعلته منتجا للحلول في ظل الأزمات، كما أنه لا يفرض نفسه على شريك أو آخر، مؤكدا قدرته على تحقيق مزيد من الإنجازات في القادم من الأيام، مع حماية المكتسبات.
والخبير والمحلل الاقتصادي ساري، جزم أن المملكة المغربية، تمضي بخطى ثابتة في مسار إقلاع اقتصادي، بفضل تنويع شركائها، وتبصم اسمها ضمن الدول الصاعدة التي لا يعول اقتصادها أساسا على الفلاحة والسياحة، وإنما يعتمد أيضا على التصنيع في مختلف المجالات.