بقلم: طالع السعود الأطلسي
حدث فوق ديبلوماسي، وبصبيب سياسي قوي، متعمد و عن سبق إصرار. السيدة نجلاء المنقوش ، وزيرة الخارجية الليبية، أبلغت الأحد الماضي، ناصر بوريطة، وزير الخارجية المغربية، في مكالمة هاتفية معه، بأن دولة ليبيا قررت سحب ترشيحها لعضوية مجلس الأمن والسلم للاتحاد الإفريقي لولاية 2022-2025، والتنازل لصالح المغرب ودعم ترشيحه لعضوية المجلس.
أكبر من التنازل ومند عمال ترشيح، في المبادرة الليبية تعبير واضح وحار عن المكانة الخاصة التي حازها المغرب لدى الليبيين وتقدير فعاليته في دعم الحل الوطني والوحدوي للأزمة الليبية، و تقدير ممكنا تفعله لخدمة الاتحاد الإفريقي… هو تقدير مستخلص من التعاطي المغربي مع ليبيا ومن فعالية الحضور المغربي في تفاعلات تدافعات الوضع الليبي… حضور فعال في دعم مسار التفاهم الليبي، الخالص، للتوصل إلى إنتاج ذاتي من صنع ليبي لحل معضلات و أزمات في ليبيا. أزماته يمنحوا ضنو مولدات داخلية و وصايات خارجية، في أصلها و في تأجيجها وفي محاولات سد مخارج حلها.
الديبلوماسية المغربية تصرف رؤية الملك للعلاقات الخارجية للمغرب. رؤية مبناها احتراما لشؤون الداخلية للدول وللشعوب، واعتماد مقاربة التوليد الذاتي للحلول… دون اسقاطات ودون وصايات ودو غصب أو قسر. يكفي أن نتذكر بأن الوثيقة المرجعية الأساس والمتوافق عليها بين كل أطراف الفعل السياسي الليبي… هي وثيقة الصخيرات وما أنتجته من اتفاقات للحل السياسي لصراعات حادة بين فرقاء البلد الواحد: تلك الاتفاقات التي أقرت في وثيقة وقعت في دجنبر 2015، واكتسبت مناعة قوية أمام محاولات عدة لتمزيقها أو تهميشها أو تجاوزها.. عبرت مراحل من تصعيد الصراع والعودة إلى “التخاطب” بالسلاح بين الأطراف… كما تحدت كل مساعي الالتفاف عليها وإقبارها من الأطراف الخارجية المنحشرة في الوضع الليبي سياسيا أو عسكريا أوهما معا، وخاصة النظام الجزائري. النظام الذي يبتز الأطراف الليبية ويضغط بمجاورة الجزائر لليبيا وبالحدود الطويلة المشتركة بينهما لكي يوجه الصراع الليبي نحو أفق يضمن وصاية سياسية جزائرية على المستقبل السياسي الليبي… مع خلفيات تلك الوصاية من مطامع هيمنية للجزائر في المنطقة المغاربية ،و أيضا بما يفترض أن تضمنه تلك الوصاية من “غنائم”جزائرية اقتصادية ، وخاصة التأهب لكسب مغنم من أوراش إعادة إعمار ليبيا، والذي يتوقع أن يرصد له أزيد من 500مليار دولار… بعد العشر اتمن اللقاء اتنظمتها في بلدانها دول قريبة أو بعيدة من ليبيا، جغرافيا وسياسيا، وبعضها نظم فقط “لالتهام” اتفاقية الصخيرات… ثبت لليبيين أولا وللمنتظم الدول يأن الصح والممكن والواقعي لحل الأزمة الليبية هو ماتوافق عليه أطرافها في اتفاقية الصخيرات… وفي الصخيرات المدينة المغربية، فقط توفرت للإخوة رعاية أخوية مغربية صادقة ساعدتهم على سقي محادثاتهم بالكثير من الأمل، ما أدى إلى صوغ تفاهمات الصخيرات واتفاقاتها. على هذه المتانة التي أثبتها في استمرارها المرجع الأساس لمسار الحل السياسي الوحدوي في ليبيا… إذ في ليبيا تختلف الأطراف السياسية في ما بينها كما تريد، أو كما يراد لها… ومن بين محاور ومجالات اتفاقها القليلة و المحدودة القلة: المغرب… كل الأطراف تحترم هو كل الأطراف تصغي إليه وكل الأطراف تزن رأي هب ميزان المصداقية… لأن المغرب لا يناور في تعاطيه مع الأزمة الليبية، ولا يغلب فيها طرف ضد آخر ولا يشغله إلا التقدم في حل سياسي يضمن لليبيا وحدة شعبها وأرضها ويعيد لها أمنها واستقراها ويعزز فيها مسارات التقدم الاجتماعي.
التنازل الليبي لصالح المغرب للترشح إلى عضوية مجلس السلم والأمن في الاتحاد الإفريقي، والذي يعبرعن احترام كل مكونات الفعل السياسي الليبي، هو نوع من “التصويت النافع” تمارسه ليبيا لفائدة الاتحاد الإفريقي عبر ثقتها في فعالية المغرب في إفريقيا وفي اتحادها. وهو تنازل فاضلت فيه ليبيا بينه وبين دول أخرى، و خاصة دولة لها تماس معها بالجغرافية وبالتاريخ.
المغرب في المنظمة الإفريقية يمتلك رؤية في تعاطيه مع عائلته الإفريقية، المنظمة هي أداتها… رؤيته جوهها توطين عوامل نهضة افريقية شاملة. وقد حملها الملك قبل عودة المغرب للاتحاد الإفريقي. واليوم الديبلوماسية المغربية تجتهد للعمل بهاد اخل أروقة الاتحاد وفي علاقات المغرب الإفريقية الثنائية.
نهضة تقوم على ثقة إفريقيا في إفريقيا، وعلى ترصيد إمكانياتها البشرية والطبيعية الهائلة كما و نوعا، بندية و بمنطق رابح-رابح… المغرب جاهز،سياسيا وعمليا ،لكي يسهم في أن يكون الاتحاد الإفريقي، أداة توثيق العرىبين الدول الإفريقية وشعوبها ،أداة تفعيل العلاقات الثنائية بين دوله، لكي تكون تلك العلاقات في محصلتها وعائداتها لحمة الاتحاد بل وعصبيته المحركة له لفائدة القارة والمنشطة لإضافاته في الفضاءات الدولية الأوسع.
المنهجية التي تؤطر علاقات المغرب مع ليبيا،هي نفسها التي ستؤمن الفعالية للمغرب في مؤسسات الاتحاد… ليبيا خبرت ذلك.. وتعرف أنها ستفيد الاتحاد وفي موقع مؤثر بفاعل فيه… وستستفيد مند اعمل أمنها واستقرارها وتقدمها… ضمن نفعه لإفريقيا ولمنظمتها.