تطرح “حادثة الشاحنتين” التي تروج لها الجزائر عبر قنواتها الإعلامية لمحاولة إدانة المغرب وجره إلى ساحة الحرب أسئلة كثيرة؛ وذلك في ظل تقديم بيان الرئاسة الجزائرية، أمس الأربعاء، مجموعة من المعطيات غير المتناسقة والتي تفتقد للمصداقية.
وتدعي الجزائر حسب روايتها أن الأمر يتعلق بشاحنات مدنية مخصصة للنقل التجاري، لكن مكان الحادث بعيد تماما عن المعبر التجاري الذي يربط موريتانيا بالجزائر والذي صُرف عليه ملايين الدولارات.
وبالتالي هنا نطرح السؤال التالي: ما الذي يمكن أن يفعله نشاط تجاري (حسب رواية الجزائر) في هذه المنطقة الخاضعة للقانون الدولي؟.
وبما أن الجزائر لم تحدد مكان هذه الواقعة المزعومة بالتحديد، فما يروج من أخبار يفيد أن الحادث وقع بالقرب من منطقة “بير لحلو”، ومعلوم أن هذه الأخيرة منطقة لحد الآن غير منزوعة الألغام كليا، فكيف يسمح هذا النظام لمواطنيه بالعبور منها، علما أنه يوجد طريق بري آخر مباشر بين الجزائر وموريتانيا أكثر أمناً.
وقبل كل هذا، فالمنطقة مشمولة بمراقبة بعثة “المينورسو”، وهذه الأخيرة لم تعلن عبر وسائلها الرسمية عن أي شيء يفيد بوجود عمل عسكري أدى لتفجير الشاحنات.
وقبل كل هذا لماذا بقي هيكل الشاحنتين سالما بشكل نسبي إن تعلق الأمر بهجوم حربي عبر سلاح “متطور” كما تدعي الجزائر.
من الضروري أيضاً أن نتساءل: كيف ستشرع الجزائر في عملية التحقيق حول هذه “الواقعة”، مع العلم أن مكان الحادث يقع في نطاق اختصاص “المينورسو” ومسؤوليته المباشرة.
وحيال ذلك، فإعلان الرئاسة الجزائرية عن فتح تحقيق حول الحادث يثبت أن “دولة العسكر” تسمح لنفسها باتخاذ إجراءات في المنطقة العازلة المذكورة، في انتهاك صارخ للأنظمة الدولية المعمول بها.
إن “هشاشة” قصة الجزائر يمكن إدراكها من خلال المعلومات الأولية المتعلقة بهذه القضية، والتي أبلغت في البداية عن حادثة وقعت في موريتانيا.
لكن الجزائر تلقت صفعة بعد دخول قيادة الأركان العامة للجيش الموريتاني على خط الحادث، إذ نفت وقوع أي “هجوم” داخل ترابها، داعية إلى “توخي الدقة في المعلومات، والحذر في التعامل مع المصادر الإخبارية المشبوهة”.
ولا يستبعد عدد من المراقبين وجود يد الجنرالات خلف الحادث لتبرير التصعيد ضد المغرب وتهريب الأزمات الداخلية. فالنظام العسكري في الجزائر علّمنا أنه لا يتردد في اقتراف أعمال القتل ضد أبنائه وتعليق الجريمة على خصومه.