يتابع شركاء المغرب في الاتحاد الأوروبي الاستحقاقات الانتخابية بالمملكة بشكل مكثف وفق ما تظهره تقارير إعلامية دولية، لمعرفة هوية الحزب الذي سيتصدر المشهد السياسي في البلاد خلال السنوات الـ5 المقبلة.
وبما أن المغرب شريك استراتيجي لعدد من دول الاتحاد خصوصا فرنسا وإسبانيا، فالحزب الذي سيقود سفينة الحكومة المقبلة سيكون محط اهتمام الجميع لإعادة التشكيل الجيوسياسي والاقتصادي بالمنطقة بهدف تجاوز التداعيات السلبية لجائحة كورونا، وتعزيز التعاون في ملفات هامة خصوصاً ملف الهجرة غير الشرعية، ومحاربة الإرهاب.
وتجمع المغرب والاتحاد الأوروبي علاقات عريقة وعميقة ومتنوعة تطورت على مر السنين.
مكانة المغرب
رغم أن جائحة كورونا أرخت بضلالها على أقوى اقتصادات العالم، إلا أن المغرب استطاع أن يقوم بتدبير نموذجي لهذه الأزمة الصحية، وذلك بفضل رؤية ملكية متبصرة واستباقية.
وبفضل هذه الرؤية مكّنت مختلف الإجراءات والتدابير المتخذة، المملكة، من إبقاء الجائحة تحت السيطرة والحد من تداعياتها الاقتصادية والاجتماعية.
هذه السيطرة، أثارت انتباه الشركاء في القارة العجوز، وكذا أبرز الشركات المختصة في الدراسات الاستراتيجية.
وفي هذا الصدد، أكدت دراسة حديثة أجرتها شركة “ديلويت”؛ وهي أكبر شركة خدمات مهنية بالعالم مختصة في مجال خدمات المراجعة (تدقيق الحسابات) والضرائب والاستشارات المالية، أن المغرب أظهر استجابة ملحوظة خلال فترة الجائحة في مجال الصحة، وكذا على الصعيدين الاقتصادي والمالي.
ووفق الدراسة، استطاعت المملكة إعادة تنظيم النسيج الإنتاجي، كما اتخذت إجراءات مهمة تهدف إلى امتصاص الصدمات الاقتصادية.
وشددت الدراسة على أن المملكة انتهزت الفرصة أيضاً، لإطلاق إصلاحات جوهرية، بما في ذلك إنشاء صندوق محمد السادس للاستثمار، وتوسيع الحماية الاجتماعية.
هذه المقاومة التي أبان عنها المغرب أكدت بالملموس أن المملكة المغربية رقم صعب لا يمكن الاستغناء عنها بل هي حلقة وصل قوية بين القارة الأوروبية والإفريقية وجسر كبير لتحقيق التنمية في القارة السمراء.
ازدهار اقتصادي وتطلع أوروبي
خلال سنة 2020، تغيرت مكانة المغرب بشكل كبير. فبالإضافة إلى الإنجازات المسجلة في مكافحة الوباء وإعادة التشغيل السريع لقطاعات الاقتصاد بأكملها، بما في ذلك قطاع تصدير السيارات، أنفق المغرب أيضًا ما يقرب 12% من ناتجه المحلي الإجمالي (حوالي 10 مليار دولار) في خطة انعاش اقتصادي واسعة النطاق تشمل العديد من القطاعات الهامة بالنسبة للشركاء الأوروبيين، بما في ذلك فرنسا. وفق ما أكده موقع “فوربس” المختص بأخبار المال والأعمال.
وبفضل هذه الخطة الاقتصادية، سيتحول المغرب إلى منصة مناسبة للدول الأوروبية، ويرجع ذلك إلى الوضع المتقدم الذي تتمتع به بلادنا ما يمنحها فرصا تجارية واستثمارية كبيرة.
ووفق موقع “فوربس”، فإن السلطة التنفيذية الجديدة التي ستفرزها صناديق الاقتراع، مسؤولة عن “إعادة الحياة” وإعادة التوازن إلى طبيعة النمو المغربي لجعله أكثر شمولية واستدامة، وعلى هذا النحو فإن انتخابات 8 شتنبر الجاري ستشكل لحظة مفصلية.
ملفات ثنائية
مهما كان اللون السياسي للحزب الذي سيمسك بزمام الأمور خلال الولاية الحكومية المقبلة، فإن مسألة التعاون مع دول الاتحاد الأوروبي ستظل قائمة، بل قد تتعزز بشكل غير مسبوق بحكم التحديات المطروحة والملفات المشتركة والرهانات المعقودة لتحقيق اقلاع اقتصادي كبير.
ويطفو على السطح ملف الهجرة السرية، والتعاون الأمني والاستخباراتي والذي أظهر فيه المغرب بشهادة الجميع علو كعبه، وبالتالي متابعة الأوروبين للانتخابات المغربية لم تأت من فراغ فالمغرب وفق عدد من المراقبين يمثل في الوقت الراهن ركيزة أساسية في المنطقة.