يشاهد المغاربة، كما يصادفون على مختلف وسائل الإعلام التقليدية والحديثة، منذ أيام، فيديوهات ترويجية للبرامج التي تخوض بها الأحزاب السياسية المغربية، الانتخابات التشريعية والجهوية والجماعية لسنة 2021.
وأمام سيل من الوعود، وتسابق الأحزاب، في إقناع أكبر عدد من الناخبين، بالتصويت لرموزها، تطرح مجموعة من التساؤلات، خصوصا حول مضمون البرامج الانتخابية، ومدى تعبيدها الطريق لحكومة مقبلة، يفترض أن تكون متجانسة وقادرة على مواكبة ورش التنمية بالمغرب.
“مشاهد24″، طرح هذه الأسئلة وأخرى، على عز الدين خمريش أستاذ العلوم السياسية بجامعة الحسن الثاني في الدار البيضاء، وأجاب عنها بتحليل أكاديمي في حوار خاص.
كيف تقيمون مستوى استعداد الأحزاب المغربية لانتخابات 8 شتنبر 2021 ؟
في خضم الحملة الانتخابية التي انطلقت الخميس الماضي، وبعد متابعة لتحركات مختلف الأحزاب، أسجل أن الاستعدادات لمحطة الثامن شتنبر المقبل، مشوبة بعدة نواقص، حيث تأخر الإعلان عن البرامج والحسم في المرشحين، كما يظهر جليا الارتباك الحاصل في التواصل مع المواطنين.
وهاته النواقص، تسببت فيها الجائحة الصحية العالمية، بنسبة كبيرة، لكن ساهمت فيها الهيئات الحزبية، بنسبة معينة.
ما تهم الإشارة إليه هنا، هو أن تأثير ظرفية جائحة “كوفيد19″، على العملية التواصلية بين الأحزاب والمواطنين، سيكون كبيرا، ما قد يحدث مفاجآت على مستوى النتائج.
هل أتت البرامج الانتخابية بالجديد ؟ أم أنها تجتر وعودا سابقة ؟
إذا قمنا بقراءة استنباطية لمضامين برامج الأحزاب السياسية، لاستحقاقات سنة 2021، نجد أنها لا تحمل جديدا، بل تجتر ما سبق، من وعود سئم المواطنون، تكرارها دون تحقق أبسطها.
البرامج التي أمامنا اليوم، في التلفاز أو الهاتف الذكي، تدور في فلك وعود محاربة الفساد وتحسين عيش المغاربة، هناك أحزاب معدودة مثل الاستقلال والتجمع الوطني للأحرار والأصالة والمعاصرة، اجتهدت نوعا ما باقتراح إجراءات تستهدف فئات معنية، كتخصيص تعويضات والرفع من الأجور، لكن ما عدا ذلك، لا جديد يذكر.
ما مدى واقعية وعد الأحزاب المتنافسة على المرتبة الأولى بتحسين عيش المغاربة في ظل ظرفية صعبة ؟
تحسين عيش المغاربة، وبعبارة أدق حل المشاكل الاجتماعية للمواطنين وضمان ولوجهم للخدمات الأساسية، وعد قديم أطلقته جميع الأحزاب المغربية، في المحطات الانتخابية السابقة، وتتضمنه البرامج الحالية، لكن متى وكيف يتحقق ؟ هذا ما لا تركز عليه الأحزاب للأسف.
من موقعي كأكاديمي، أجد أن تحسين عيش المواطن المغربي، غير مرتبط بالأحزاب بقدر ماهو مرتبط بالتشكيلة الحكومية، التي لابد أن تكون قوية وقادرة على حل القضايا الكبرى، من فقر وبطالة وتهميش.
أي حزب يصرح بقدرته على تحقيق ذلك، يبيع الوهم ويقدم وعدا سياسيا لا غير، لأن الترسانة القانونية الانتخابية، لا تتيح حصول أي حزب على أغلبية مطلقة، لابد من تحالف بين عدة أحزاب.
وهنا يطرح السؤال المهم، هل ستفرز الانتخابات المنتظرة حكومة قوية بوزراء تحذوهم إرادة حل مشاكل المغاربة ؟
لن أكون متشائما وأأمل أن تسير الأمور في اتجاه إيجابي أفضل من المرحلة الحالية.
هل تلعب الأحزاب على الوتر الحساس للمغاربة بثلاثية التعليم الصحة التشغيل ؟
نعم هو لعب على الوتر الحساس، دون كشف الإجراءات العملية لتجويد التعليم وتحسين خدمات الصحة وتوفير الشغل.
هي ثلاثية، إذا أصلحت أعطابها سينعكس ذلك بشكل جلي على راحة المواطن المغربي، لكن مرة أخرى، أتأسف لأن البرامج الانتخابية المعروضة، تفتقد للإجراءات العملية التي تقدمها عادة أحزاب الدول المتقدمة.
أؤكد نحن أمام وعود فضفاضة، غير إجرائية وغير دقيقة، أما إصلاح القطاعات الحيوية، فيقتضي من كل حزب يطمح للمشاركة في الحكومة، إعداد مقترحات قابلة للتحقق، بهدف التشاور بشأنها مع أحزاب الأغلبية، وتفعيل ما تسمح به الإمكانيات.
ما تعليقك على غياب عدة قضايا على غرار الهجرة عن البرامج الانتخابية للأحزاب ؟
ملفات عديدة لم تحظى بحيز ضمن البرامج الانتخابية، من بينها ملف الجالية المغربية، وهذه فئة مهمة وجزء لا يتجزأ من المجتمع المغربي، إضافة إلى أنها تساهم في عجلة الاقتصاد الوطني.
لابد أن تراجع الأحزاب، حساباتها في هذا الملف، وتعمل خلال الاستحقاقات المقبلة، على تجاوز هذا النقص.
هل تحد إجراءات تقييد الحملة الانتخابية في ظل تفشي كورونا من استعمال المال والممارسات غير المشروعة ؟
لا أظن ذلك، لأن هاته الممارسات، تصدر عن أشخاص منتمين لأحزاب، وإذا لم تهتم الأحزاب، بتوعية مناضليها، بضرورة الاشتغال في إطار القانون، لن تحد الإجراءات الحكومية، من الممارسات المشبوهة.
الأحزاب هي المسؤولة عن استعمال المال وشراء ذمم المواطنين، واللحظة التاريخية التي تعيشها بلادنا، تفرض عليها ممارسة العمل السياسي بنبل واحترام اختيار المواطن.
ما المقومات اللازمة لتشكيل أغلبية حكومية متجانسة بعد استحقاق الثامن شتنبر ؟
أهم مقومات تشكيل حكومة قوية ومتجانسة، تتمثل أولا في توافق التوجهات الاستراتيجية، إذ لابد أن تكون الأحزاب المشكلة للحكومة، متقاربة من حيث البرامج والتوجهات.
أما المقوم الثاني، فيرتبط باقتراح الأحزاب المشكلة للحكومة، شخصيات وازنة ومؤهلة للظفر بالحقائب الوزارية، وبالتالي إذا تم اقتراح شخصيات كاريزماتية، يمكن إحداث تغيير كبير وتجاوز الصعوبات.
المغرب، يشهد ثورة تنموية بقيادة الملك محمد السادس، وينبغي أن تواكبها الحكومة المقبلة، ببرامج واقعية وعملية تتوج المجهودات المبذولة.