“الملك محمد السادس خط أحمر”.. هي جملة قصيرة لكن بحمولة ودلالات كبيرة تداولتها مواقع التواصل الاجتماعي في المغرب طيلة الأيام الماضية؛ للرد على قناة “الشروق” الجزائرية التي قامت بشكل وقح بالتطاول على شخص ملك البلاد.
وتوحّد المغاربة بمختلف مشاربهم خلف هذا الوسم؛ الذي راج كثيراً في المنصات الاجتماعية، لإظهار حبهم وتعلقهم الشديد بملكهم من جهة، ومن جهة ثانية لإيصال رسالة إلى النظام العسكري في الجزائر مفادها أن الملك وشعبه لن تؤثر عليه هذه الهجمة الإعلامية الهوجاء.
واشتد السعار الجزائري ضد مصالح المملكة وثوابتها منذ الاعتراف الأمريكي بمغربية الصحراء، حيث لم يجد هذا النظام العسكري “الفاشل” -بشهادة عدد من الخبراء- أي منفذ للتشويش على القافلة المغربية التي تسير بخطى ثابتة سوى النباح.
وفي هذا الصدد، قال أمين صوصي علوي، الخبير المختص في القضايا الجيوسياسية والباحث في هندسة الرأي العام وتحليل البروباكاندا التطبيقية، إن ما أقدمت عليه قناة “الشروق” الجزائرية من إساءة لشخص الملك محمد السادس هي لبروبكاندا شعبوية مهينة أولا للشعب الجزائري الذي يستحق إعلاما يمثله أحسن تمثيل، ولا يسئ لسمعته بالابتذال والبذاءات، فالعالم أصبح مفتوحا والكل يمكنه مشاهدة ما تبثه هذه القنوات التي تصدر صورة سيئة عن الجزائر ونخبها وتصورهم كالسوقة.
كما بين الباحث في تحليل البروبكاندا أنها ليست المرة الأولى التي تتهجم فيها هذه القناة على المغرب وقد قدمت منذ أكثر من شهر في نفس البرنامج السمج دمية تستهزئ عبرها برئيس الحكومة المغربي سعد الدين العثماني.
وأضاف علوي في تصريح لـ”مشاهد24″، أن الدول التي تحترم نفسها تمنع المساس بالرؤساء والزعماء عبر وسائل الإعلام، لافتاً أن القضاء المغربي سبق له أن أدان بعض الصحفيين المغاربة بعقوبات سجنية لمساسهم برؤساء مثل بوتفليقة والقذافي رغم خلاف المغرب معهما.
كما أن المغرب رسميا وسائل إعلامه لا تتدخل في الشؤون الداخلية لأي بلد بما فيها الجزائر التي يعادي إعلامها الرسمي المغرب ويوجه برامجه بتركيز شديد لمهاجمة المغرب والتدخل في شؤونه الداخلية بدل الاهتمام بالشؤون الداخلية في الجزائر.
ويعتقد الخبير المغربي أن التطاول على الملك محمد السادس “يعكس حالة من الفشل داخل دواليب السلطة الجزائرية في إدارة الشأن الداخلي”، مشدداً على أن الهدف الرئيسي من وراء هذه الخطوة الدنيئة هي محاولة تصدير الأزمات الداخلية صوب الخارج لضمان إلهاء الرأي العام الجزائري بعد موجة الغضب الشعبي التي كادت أن تودي بالبلاد إلى ثورة وخلقت زلزالا سياسيا عصف بالجنرالات والسياسيين، وتسبب في أزمة حكم وتصفية حسابات بين القوى المتصارعة على السلطة.
واستطرد المتحدث بالقول: “أن من يحكمون الجزائر الآن يواجهون صعوبات في تدبير الشؤون الداخلية – في ظل تفاقم أعداد البطالة، وتفاقم مشاكل تموين الأسواق الداخلية، وانهيار مبيعات النفط، وضعف العملة وغيرها من المشاكل الاقتصادية والاجتماعية- وخوفهم من انفلات الأمور داخليا دفعهم لاختيار الطرق السهلة الملتوية للإفلات من المواجهة مع الرأي العام الجزائري المتذمر باختلاق الزوابع الوهمية للخروج من الباب الخلفي وترك المواطنين منشغلين ببروباكاندا التهييج لاستنزاف انفعالاتهم مع عدو خارجي وهمي”.
وشدد علوي على أن هذه الاستفزازات “الرخيصة” هي من الحلول الترقيعية للمشاكل الداخلية التي تواجهها الجزائر، ولابد لقياداتها أن يواجهوا مشاكلهم بشجاعة ويقدموا حلولا معقولة قبل أن تنفلت الأمور داخليا لا قدر الله.
مبينا أن قادة الجزائر منذ انقلاب بومدين على الحكومة الانتقالية بعد استقلال الجزائر يلجؤون عموما إلى مبدأ تصدير الثورة الاشتراكية؛ لهذا هم مقربون من الدول التي تصدر الثورات للجوار مثل النظام الإيراني والتركي، خاصة تجاه الدول التي تنعم بالاستقرار السياسي. وفق تعبيره.
وقد زاد تحرشهم بالمغرب إعلاميا – يضيف المتحدث- بعدما حقق مكاسب دبلوماسية هامة لصالح قضيته الأولى الصحراء المغربية بسلسلة من النجاحات عبر ما يعرف بدبلوماسية القنصليات، واستراتيجية القوة الذكية التي أكسبته دعما دوليا لوحدته الترابية؛ وقد حاول الإعلام في الجزائر إفشال ذلك بحملات بروبكاندا تدعم تحركات متمردي “البوليساريو” ففشلوا في دعمهم لخلق أزمه في الكركرات، وهو ما دفعهم للتصعيد إعلاميا محاولين استفزاز المغرب بمحاولة المس برمز البلاد لتحريك موقفه الرسمي إلا أن المملكة تحافظ على هدوئها ورزانتها.
وأردف أن المملكة تجاهلت هذا الهجوم مما اكسبها ود واحترام أطياف واسعة من الشعب الجزائري، وهذا سيكون له آثار جد سلبية على من اختاروا هذه الأساليب المبتذلة التي زادت من منسوب كراهية الشارع لتوجهاتهم.
واعتبر الخبير المختص في تحليل البروباكاندا التطبيقية، أن تلك القيادات الجزائرية التي توارثت التحرش بالمغرب، لا تعمل على كسب ود الشعب الجزائري بالإنجازات بل بالسيطرة على غرائز مثل العداء المفرط والخوف من عدو خارجي بإيهامه أنه يتعرض لمؤامرة من دول الجوار، وأن طوق نجاته في التماهي مع تلك المنظومة السياسية المتكلسة التي ورثت سياسات الأنظمة الشيوعية أيام الحرب الباردة.
وزاد: “يجب على نخب وعقلاء الجزائر أن يبحثوا في التاريخ جيدا لفهم الأخطاء التي ارتكبها قادتهم تجاه المغرب؛ الذي ساعد الجزائر على الانعتاق من الاستعمار بكل الوسائل على حساب مصالحه، وأن يبتعدوا عن دعمهم في العداء غير المبرر الذي ينتهجونه تجاه المغرب والذي قد يؤدي بالمنطقة إلى ما لا تحمد عقباه”.