يبرز اندفاع جزائري لافت في الفترة الأخيرة باتجاه الجارة الجنوبية موريتانيا، ترجم عبر سلسلة مكثفة من الزيارات الوزارية إلى نواكشوط، وإسناد جزائري كبير للجهود الموريتانية في مواجهة وباء كورونا، وتعاون عسكري بين جيشي البلدين، فضلاً عن اتفاق للتنسيق الأمني في الأفق، والتمهيد لحضور اقتصادي كبير منذ فتح أول معبر بري تجاري بين البلدين في غشت 2018.
لكن هذه الحسابات لا تخلو من ملامح منافسة مرضية جزائرية للمملكة المغربية، في محاولة يائسة للنظام العسكري للوصول إلى حضور أكبر في المنطقة، خصوصا أن موريتانيا لها صلة سياسية بقضية الصحراء المغربية، باعتبارها دولة ملاحظة (مراقبة) للنزاع المفتعل لدى الأمم المتحدة. كما أن لها صلة جغرافية بالمعبر الحدودي الكركرات، الذي أعادت فتجته القوات المسلحة الملكية في تدخل سلمي حازم، بعد طرد ميليشيات “البوليساريو”.
وفي السياق، اعتبر الباحث الموريتاني في الشؤون السياسية، عبد الله ولد بيبة، في تصريحات صحافية، أنّ “موريتانيا ظلت منذ فترة طويلة محل صراع نفوذ بين الجزائر والمغرب بسبب قضية الصحراء، وهي القضية التي تحكّمت دائماً في طبيعة علاقات موريتانيا مع كل من الجزائر والمغرب”.
وأضاف أنّ “الاهتمام الجزائري الأخير بموريتانيا له علاقة أيضاً بتطور موقف نواكشوط باتجاه دعم الحل الأممي وابتعاده عن الطرح المغربي”.
ويأتي العامل الاقتصادي ضمن الدوافع البارزة في المتغيّرات الجزائرية إزاء موريتانيا، إذ ترغب الجزائر في التوجه نحو الأسواق الأفريقية التي تعدّ موريتانيا بوابتها الرئيسة، والدخول في منافسة مع المغرب، صاحب الحضور الاقتصادي أيضاً في موريتانيا وإفريقيا. وهو ما يفسر فتح المعبر البري التجاري الأول بين البلدين والذي يربط بين تندوف الجزائرية والزويرات الموريتانية، في غشت 2018، ونقل معارض تجارية جزائرية إلى العاصمة نواكشوط، وتقديم تسهيلات كبيرة للشركات الجزائرية والموردين الراغبين في تصدير منتوجاتهم إلى موريتانيا وأفريقيا.
وتحدث الخبير الاقتصادي الجزائري مراد ملاح، والذي سبق له العمل في نواكشوط ونواديبو في موريتانيا عن وجود “هيمنة مغربية واضحة على سوق الخضار والفاكهة والحليب ومشتقاته إلى جانب سوق الأدوية وفي قطاع البنوك والتأمينات، وهذه قطاعات يمكن أن تستفيد منها المنتجات الجزائرية التي تملك جودة وتنافسية مهمة، وخصوصاً قطاع صناعات الأجهزة الكهربائية المنزلية”، حسب تصريحاته.