خلف القرار الأمريكي القاضي بالاعتراف بمغربية الصحراء، تفاعلا كبيرا لدى المنتظم الدولي.
ومن أجل معرفة تفاصيل القرار وأبعاده، حاورت مشاهد24 عائشة الدويهي، رئيسة مرصد الصحراء للسلم والديمقراطية وحقوق الإنسان.
كيف استقبلتم الاعتراف الأمريكي بخصوص مغربية الصحراء؟
الاعتراف الأمريكي بخصوص مغربية الصحراء لا يمكن وصفه إلا باللحظة التاريخية، وهو الصادر عن الولايات المتحدة الامريكية العضو الدائم لدى مجلس الأمن، من خلال مرسوم رئاسي ذو أثر فوري.
هذا القرار الصادر عن البيت الأبيض والذي جاء في لحظة جد مؤثرة؛ بتزامنه مع اليوم العالمي لحقوق الانسان وعقب أسابيع قليلة من العملية المغربية لتأمين معبر الكركارات الحدودي وإعادة الوضع القائم بالمنطقة.
القرار عرف الكثير من الترحيب وطنيا وخصوصا بالمناطق الجنوبية للمملكة، حيث اعتبرته الساكنة مدشنا لبداية جديدة لطي ملف النزاع حول الصحراء الذي عمر طويلا، وخصوصا أنه سيجسد كخطوة أولى من خلال فتح قنصلية للولايات المتحدة الامريكية بمدينة الداخلة ذات أهمية اقتصادية باستثمار ثلاثة ملايير دولار في المنطقة.
القرار شدد على حصرية مبادرة الحكم الذاتي كقاعدة وحيدة لحل مشكل النزاع حول الصحراء داخل دواليب الأمم المتحدة عبر حل عادل ودائم، ليبعد أي مطامح لجبهة البوليساريو ومناصريها لسلك سبل ثانية غير هذا المسار أو اقحام أطراف أخرى.
ما مدى تأثير القرار الأمريكي على قرارات مجلس الأمن المقبلة؟
لا بد في البداية أن نتحدث عن الحمولة الإيجابية التي أصبحت تحملها القرارات الأممية وخصوصا قرارات مجلس الأمن، والتي أصبحت تتناول الوضعية الصحراء وتقيمها بالكثير من الاتزان والتصويب وخصوا القرار الأخير 2548 والذي وصف الوضع بالأقاليم الجنوبية أنه يتسم بالهدوء كما أشاد بالمجهودات التنموية بها.
لا يجب أن ننسى أن مبادرة الحكم الذاتي التي اقترحها المغرب كأرضية للتفاوض من أجل حل مشكل هذا النزاع المفتعل بدعوة من الأمم المتحدة، عرفت اشادة تقريبا عبر كل قرارات مجلس الامن منذ طرحها سنة 2007.
وأظن أن القرار الأمريكي الذي راسلت به الولايات المتحدة الامريكية، عبر ممثلتها الدائمة “كيلي كرافت”، مجلس الأمن من أجل اعتماده كوثيقة رسمية سيكون له أكيد تأثيرا إيجابيا داخل المجلس وعلى مستوى القرارات الصادرة عنه مستقبلا وخصوصا اننا نتحدث عن صاحبة المرسوم الرئاسي الولايات المتحدة الامريكية الحامل للقلم لصياغة القرارات المتعلقة بتمديد ولاية بعثة المينورسو بذات المجلس.
كيف تردون على من يدعون أن بايدن سيلغي المرسوم الرئاسي لسلفه ترامب؟
لا أظن بتاتا بأن الرئيس المنتخب جديدا “جو بايدن” سيقوم بإلغاء القرار، فالأمر لا يخضع للمزاجية أو متعلق بالاختلاف بين الرئيسين أو حتى في تباين الأسلوب بين الجمهوريين والديمقراطيين.
الأمر أعمق من هذا المستوى، لأننا نتحدث عن دولة عظمى تأسس لقراراتها بطريقة براغماتية مبنية على استراتيجية محددة تصب في مصلحة أمريكا بالدرجة الأولى وخاضعة لتقييم كامل من طرف مؤسسات عدة.
هل تتوقعين انضمام دول أخرى عظمى لتأييد القرار الأمريكي؟
أكيد، فلما تتخذ دولة عظمى كالولايات المتحدة الأمريكية خطوة كهذه فيجب أن ننتظر مواقف دولية أخرى مشابهة وخصوصا من الدول القريبة منها والحليفة لها وحتى من بعض الدول المترددة في اتخاذ هكذا قرار أو حتى من بعض الدول التي تترابط مصالحها وتتقاطع مع التوجه الجديد حتى ولو كانت تقف في صف الجانب الاخر.
ما الدلالات المستقبلية لهذا القرار على جيواستراتيجية المنطقة المغاربية؟
القرار الأمريكي كان واضحا في مسألة الانفصال بنزعه عن صفة الواقعية عن فكرة قيام كيان مستقل داخل المنطقة؛ كما أن الأمر يتعلق بمنطقة منتمية لمنطقة الساحل والصحراء والمفتوحة على عمل الجماعات المسلحة والعمليات غير المشروعة وتسريب الأفكار المتشددة وتنامي العمل الاجرامي والإرهاب، مما شكل وعيا متناميا حول ضرورة احتواء مناطق التوتر ومواجهة الانفلاتات ومكافحة الارهاب وخصوصا بعد ضهور “قاعدة المغرب الإسلامي”، وتهديد استقرار هذه المنطقة هو تهديد للأمن والسلم الدوليين.
فقوة هذا القرار ستعجل بطي هذا الملف، تعزيزا لوحدة المغرب الترابية وأبعاد المطامح الانفصالية التي كانت تشكل حجرة في حذاء مشروع التكتل المغاربي الكبير، ولتفسح المجال من أجل استئناف طموح خلق وحدة بالمغرب الكبير.
أطروحة البوليساريو الواهية هل ممكن القول إنها انتهت بالتحركات الأخيرة التي أقدمت عليها الدبلوماسية المغربية؟
لقد ارتكبت جبهة البوليساريو خطأ جسيما بابتزازها للمنتظم الدولي عبر غلق معبر الكركارات الحدودي وظنها بأن تبنيها لخطاب المظلومية سينقذها هاته المرة أيضا كما اعتادت، لكن مغامرتها التي تخطت حدود الممكن كما سماها أعتى مناصريها، كانت سيئة الإخراج ومفضوحة الغايات، لتخرج بعد فشل خطتها بقرار أكثر جزافية والمتمثل في تنصلها من اتفاقية وقف إطلاق النار لسنة ١٩٩١، لتحسم بذلك الجبهة في عزلتها السياسية بشكل نهائي مكشوفة أمام العالم كتنظيم مارق منغلق ومتملص من كل رقابة دولية.
الانتصارات الديبلوماسية المغربية دقت أخر مسمار في نعش الانفصال الذي تنادي به الجبهة لأكثر من أربعة عقود، بفضل الديبلوماسية الملكية الهادئة والحكيمة والمجهودات الديبلوماسية لمختلف الفاعلين والتي دشنت لمرحلة جديدة من شرعية مغربية الصحراء على المستوى الدولي بفضل ديبلوماسية القنصليات.