توقعت مصادر دبلوماسية متطابقة، أن تتم زيارة رئيس الوزراء الإسباني للمغرب في موعدها أي يوم 17 من الشهر الجاري، ليرأس مع نظيره المغربي سعد الدين العثماني أشغال الدورة الجديدة للجنة العليا المشتركة التي لم تنعقد منذ خمس سنوات.
وتضفي مدريد أهمية بالغة على الاجتماع عالي المستوى، بالنظر للقضايا التي سيبحثها الطرفان، ضمنها العالق منذ مدة مثل موضوع الربط القار الذي تجدد الحديث عنه في الأيام الأخيرة، وبينها المستجد الذي فرضته التطورات الأخيرة خاصة ما يتعلق بمشكل المهاجرين السريين الذين توافدوا جماعات خلال الشهر الماضية على الأرخبيل الكناري، هربا من الفقر والوباء؛ علما أن هذا المشكل لا يؤثر على مجرى العلاقات الثنائية بين البلدين، كونها ليس جديدا واعتاد البلدان على التعامل معه بطرق الحوار والتفاهم.
وفي هذا السياق، نفت، ماريا خيسوسو مونتيرو، وزيرة المالية الناطقة الرسمية باسم الحكومة الإسبانية، وجود أية أزمة بين الرباط ومدريد،بل كشفت بصريح العبارة أن المغرب لم يحتج على إسبانيا على خلفية التصريحات التي أدلى بها،بابلو إيغليسياس، النائب الثاني لرئيس الحكومة عن حزب، بوديموس، بخصوص نزاع الصحراء حين طالب المسؤول الحكومي،أن تعمل حكومة بلاده على تطبيق ما اسماه الحق في تقرير المصي في الصحراء المغربية؛ مساندا شعار جبهة البوليساريو، الذي رفعته منذ عقد سبعينيات القرن الماضي والذي لم يعد مجلس الأمن الدولي، يشير إليه في قراراته الأخيرة ذات الصلة، بينما تكررت إشادته الضمنية والصريحة بالمقترح المغربي الخاص بالحكم الذاتي في إطار الجهوية الموسعة.
وفي هذا الصدد، أشاد معلقون إسبان، بموقف المغرب الذي لم يعر تصريحات، إيغليسايس، زعيم بوديموس المستفزة أي اهتمام أو قيمة؛ معتبرين الموقف المغربي، دليل حكمة وبعد نظر سياسي، مراهنا على حسن العلاقات بين البلدين الجارين .
وكان زعيم، بوديموس، نفسه قد تراجع أخيرا عن تصريحاته ووضعها في إطار التعبير عن رأي شخصي محض، لا يلزم الحكومة الإسبانية التي لها من يعبر عن سياستها الخارجية، وهي التي تتبنى تسوية سلمية للنزاع مثل المغرب، أخذا في الاعتبار المتغيرات الجديدة على الصعيد الإقليمي والدولي والتي غيرت المواقف من النزاع والتعاطي معه في اتجاه الاعتراف بوحدة التراب المغربي.
ولم تتهرب الوزيرة الإسبانية، وهي من الأسماء الأساسية في الحكومة الاشتراكية، من التوقف عند احتمال تأجيل اللجنة العليا،إلى موعد آخر؛ إذ لو حدث ذلك، تقول الوزيرة “مونتيرو” فإن انتشار الوباء هو الذي سيفرضه دون أن يلغيه،مبرزة أن انتشار فيروس “كورونا” بات مؤثرا على حرية التنقل واللقاء بين البشر.
وفي هذا السياق، تمنت الناطقة باسم الحكومة، أن تتوج أشغال اللجنة العليا باستقبال جلالة الملك لرئيس الوزراء الإسباني،مذكرة أن اللقاء الأول بينهما جرى بينهما في عام 2018، بعد تولي، سانشيث، رئاسة الحكومة الأولى .في أعقاب سحب الثقة البرلمانية من سلفه ماريانو راخوي، زعيم الحزب الشعبي.
ومضت الوزيرة قائلة في لقائها مع وسائل الإعلام أمس الثلاثاء: إذا لم يحدث الاستقبال الملكي فسيكون بسبب أجندة ملك المغرب، وليس لسبب آخر؛ مؤكدة عدم وجود أي أزمة بين البلدين اللذين يتشاوران ويتصلان ببعضهما كلما استوجب الأمر ذلك وعلى مدى الأيام.
وعلى عكس كلام الوزيرة الإسبانية، هولت صحافة اليمين، من تداعيات تصريحات زعيم، بوديموس،على العلاقات الثنائية بين البلدين، معتبرة أنها سببت أزمة،في حين أن الحكومة على لسان رئيسها ووزير الخارجية تنصلت منها، بل وجهت النقد إليه صراحة وألزمته بمقتضيات التضامن الحكومي.