لم يعلن رسميا في المغرب،موعد انعقاد أشغال اللجنة العليا المشتركةبين المغرب وإسبانيا التي يفترض أن يرأسها رئيسا وزراء البلدين: سعد الدين العثماني وبيدرو سانشيث، بعد منتصف الشهر المقبل.
وكانت المصادر الإسبانية سباقة إلى الإعلان قبل حوالي أسبوعين،عن موعد اللقاء وحددت تاريخ 17 ديسمبر،موعدا لزيارة رئيس الوزراء الإسباني للرباط والتي ستدوم في الغالب يوما واحدا يمكن أن تتوج باستقبال ملكي للضيف الإسباني؛ ولكن مع الظروف الصحية السائدة في العالم،فقد يتغير البروتوكول وجدول الأعمال.
وذكرت ذات المصادرأن الجانبين سيبحثان مختلف أوجه التعاون بينهما وقد تأخذ الهجرة السرية إلى الأرخبيل الكناري،حصة وافية من زوقت المحدثات،بالنظر إلى التعقيدات المحيطة بها وارتفاع شكوى الجانب الإسبانيمن تدفقضاغط غير مسبوق للمهاجرين السريين،انطلاقا من الشواطئ المغربية الجنوبية،إذ تقول إسبانيا صراحة إنها ضاقت ذرعا بأفواج المهاجرين وأنها باتت شبه عاجزة عن توفير الإيواء للتدفقات المستمرة كما أنها تتعرض لهجوم من اليمين المتطرف المعادي أصلا لوجود الأجنبي ببلادهم وخاصة في ظروف الأزمة.
وبموازاة أعمال اللجنة، سيتم على هامشها انعقاد اجتماع لمجلس رجال الأعمال في البلدين يرأسه رئيسا الهيئتين في؛ ولا شك أن الحوار بين الجانبين لن يكون صعبا بالنظرإلى المصالح المادية المشتركة التي تقرب الرؤى ومنهجيات العمل.
ويعود أخر اجتماع للجنة العليا إلى شهر يونيو 2015 في العاصمة الإسبانية،بنفس المستوى التمثيلي بين عبد الإله بنكيران، وماريانو راخوي، رئيسي الحكومتين السابقين.
ولمتؤجل اللقاءات اللاحقة بسبب أزمة في العلاقات الثنائية بقد ما يعود لتعارض أجندات السياسية الداخلية في إسبانيا والمغرب وتحديدا الأولى التي أجريت بها عدة استحقاقات انتخابات،جراء أزمة الحكم التي اجتازتها، منذ أن أفرزت النتائج انقساما سياسيا في إسبانيا،أنهت استئثار أحد الحزبين التاريخيين بحكم البلاد بمفرده؛ كما ألقت أزمة،كاتالونيا المستعصية بثقلها الكبيرعلى الوضع السياسي، ثم أتت جائحة كورونا لتزيد الأزمة استفحالا وتعقيدا،امتد تأثيرها إلى وتيرة العلاقات والتعاون بين البلدين الجارين؛ ما اضطرا لمغرب إلى إغلاق المعابرإلى سبتة لوقف نزيف اقتصاده الوطني ووقف ظاهرة تكدس المغاربة كل يوم بالالاف في المعابر، ينتظرون الدخول الجماعي إلى المدينة المحتلة ليعودوا، وخاصة النساء محملات، بأكوام من البضائع المهربة، يستفيد من تسويقها في المغرب كبار المهربين.
ومن الواضح أن إسبانيا سكتت على مضض وتحملت الإجراء المغربي المشروع، رغم معارضة اليمين المتطرف لإغلاق النقطة الحدودية المصطنعة على مداخل سبتة وكذا مليلية المحتلتين.
وبرأي مراقبين،فإن الحكومة الاشتراكية التي تواجه صعوبات وتداعيات جائحة كورونا،ابتعدت عن التصعيد مع المغرب، إذ كان لافتا موقفها من الإجراء الحاسم الذي اتخذته الرباط في معبر” الكركرات ” بتحريره من عبث عصابات البوليساريو، وتحصينه بستار واق، لتأمين عبور البضائع والبشر،بسلام ، إلى الجارة موريتانيا، ومنها إلى الدول الأفريقية ؛ ما حقق نتائج دبلوماسية غير مسبوقة للرباط ،تجلت في تفهم الجارة الموريتانية وتعاونهان وتوالي الدعم الدبلوماسي للموقف المغربي من إفريقيا والعالم العربي وكذا من أوساط دولية،حكومية كانت أو مستقلة.
وفي هذا السياق انزعجت الحكومة الاشتراكية من التصريحات الرعناء التي أطلقها بعض القياديين في حزب”بوديموس” الحليف المزعج للاشتراكيين؛ حينما نصب،بابلو إيغليسياس، الفوضوي المعادي للنظام نفسه محاميا لصالح جبهة البوليساريو، مطالبا حكومة بلاده، بدعم تقرير المصير في الصحراء المغربية، مذكرا بالمسؤولية الأخلاقية التي تتحملها مدريد باعتبارها قوة محتلة سابقة للصحراء.
ولا يريد إيغليسياس،حليف الاشتراكيين المشاغب، أن يدرك معنى التضامن الحكومي، وأن صلاحيات السياسة الخارجية محصورة في يد رئيس الوزراء ورئيسة الدبلوماسية التي أكدت ما قاله،بيدرو سانشيث، من أن مدريد تؤيدحلا سلميا تفاوضيا منسجما مع القرارات التي صدرت بالتتابع عن مجلس الأمن والأمين العام الأممي، اوكلها أشادت بمقترح الحكم الذاتي والجهوية الموسعة التي اقترحها المغرب كإطار قابل للنقاش؛ وبالتالي فإن تقريرا للمصير، وفق نسخة البوليساريو،طوته السنون منذ عقود،وأصبح متجاوزا “كادوك” بفعل متغيرات الزمان والمكان ومستجدات العلاقات الدولية.
إلى ذلك،لا يخفي المتتبعون لتطورا لشأن السياسي بين البلدين،أن الحكومة الاشتراكية تتعرض لحملة منسقة من اليسار واليمين المتطرفين، رغم تعارض الأجندات بينهما، لكنها مؤمنة أن التفاهم مع المغرب ممكن دائما، في إطار سياسة لا ضرر ولا ضرار.
وتتفهم الرباط، كما في الماضي الوضع السياسي الداخلي في إسبانيا وهشاشة الائتلاف الحكومي،لدرجة أن قياديين اشتراكيين من العيار الثقيل رفعوا مؤخرا أصواتهم،منددين باستمرار التحالف مع اليسار الجذري الذي يسعى من وجهة نظرهم،إلى تفكيك الدولة الإسباني، وهو نفس التخوف الذي بعبر عنه الحزب الشعبي،رغم إصراره على وضع الأحجار والمتاريس في طريق رئيس الوزراء، سانشيث،لمنعه من الاستمرار في قصر “لامونكلوا”.
ويضيف ذات المحللين أنه مع بقاء الأزمة الصحية وانعكاساتها على تماسك المجتمع،فإن كل شيء بات ممكنا:فقد تتم الدعوة إلى انتخابات سابقة لأوانها،قد تفرز تعزيز قوة اليمين الشعبوي المتطرف، في البرلمان ودخوله الحكومة المقبلة ؛ وقد يستأثرا لحزب الشعبي بالحكم بمفرده،دون استبعاد فرضية بقاء الاشتراكيين في السلطةدون أغلبيةمطلقة.
وفي هذا الصدد،دعا الزعيم الاشتراكي،غونثالث،صراحة إلى فك الارتباط بحزب”بوديموس” واليسار الراديكالي الانفصالي في كاتالونيا وبلاد الباسك؛ والاقتداء بالتحالفات المنطقية التي تبرمها الأحزاب السياسية أوروبا فيما بينها
ويرفض الحزب الشعبي من جهته، وبسبب منافسات تاريخية تسهيل ذات المنحى.
يشار إلى أن الزعيم الاشتراكي سانشيث، سبق أن زار الرباط،بعد تشكيله حكومة الأقلية الأولى، كما أن آخر مسؤول زار المغرب هو وزير الداخلية “مارلاسكا ” عقب تطور مشكل المهاجرين السريين في الأرخبيل الكناري.
إلى ذلك،يستبعد أن تبت اللجنة العليا المشتركة في الملفات الصعبة العالقة مثل ترسيم الحدود المائية بين البلدين في المحيط الأطلسي والمتوسط،كونها تتطلب وقتا ومباحثات مكثثفة ودبلوماسية سرية والتشاور مع أهل الخبرة من القانونيين لتذليل الصعوبات.