كشف البشير الدخيل، رئيس جمعية “منتدى البدائل الدولي” وأحد مؤسسي جبهة “البوليساريو”، في حوار خص به مشاهد24، أن المناورات، التي قامت بها مليشيات الجبهة الانفصالية، مؤخرا بمعبر الكركرات، كانت محاولة لـ”امتصاص” موجة الغضب، التي تسود داخل مخيمات تندوف.
-في رأيك ما هي الأسباب الحقيقية، التي دفعت جبهة “البوليساريو” إلى إرسال قطاع الطرق للقيام بمناورات بائسة في معبر الكركرات؟
أولا يجب أن نذكر بأنه في سنة 1991، ارتكبت جبهة “البوليساريو” خطأ ربما لم تعي به، وهو التوقيع على اتفاق السلام، خصوصا فيما يخص الاتفاق العسكري رقم 1، الذي يقول إن هذه المنطقة عازلة تحت إشراف الأمم المتحدة.
ثانبا، يجب أن نفهم أن الداعم الرئيسي في أواخر السبعينات وبداية التمانينات للجبهة كانت ليبيا، وكان هناك أيضا نوع من التعاطف المحلي والدولي مع الجبهة، لأن خباياها الداخلية وخبايا الجزائر لم تكن آنذاك واضحة عند البعض.
لكن في أواخر التسعينات، وقعت لبييا اتفاقا مع المغرب، وانسحبت. وبقيت الجزائر تدعم “البوليساريو”، لأنها تستفيد من المساعدات الإنسانية الموجهة للمخيمات، وفي المقابل لم تبني ولا مستشفى واحد في تندوف.
وفي أواخر التسعينات، لم تعد “البوليساريو ” قادرة على الاستمرار في حرب دامت لمدة 15 سنة، ومع دولتين وهما المغرب وموريتانيا. فبعد انسحاب موريتانيا، بقيت الجبهة وحدها في مواجهة مع المغرب، فوقعت البوليساريو اتفاقية السلام.
يضاف إلى كل هذا أنه في سنة 1989، سقط جدار برلين، وتغير عصر الإيديولوجية إلى عصر البرغماتية، حيث أن الدول التي كانت تدور في فلك الاتحاد السوفياتي تغيرت، وأصبحت تبحث عن حلول لصالحها هي، فتوقف الدعم الدولي للجبهة.
ولما وجدت البوليساريو نفسها في ورطة، بدأت تكشف عن خباياها الداخلية، حيث أنها ظلت عالقة، لأن قبادتها قديمة أبدية. فبدأت تلوح بالحرب، في وقت أصبح المشكل عتد العالم هو ظاهرة الإرهاب وليس ما يسمى بحروب التحرير. فكل هذه العوامل جعلت البوليساريو يندثر.
ولا يجب أن ننسى أن هناك شباب درسوا في جامعات دولية، وأصبحوا يطالبون بالبديل وحل تعجز القياية الحالية على إيجاده.
والآن، وبعد أن أصبح الوضع خطير، بالإضافة للوضعية الوبائية لفيروس كورونا، وأيضا بعد انقطاع مساعدات الجمعيات الإسبانية، وبعد أن باتت ساكنة مخيمات تندوف معزولة، فالقيادة لكي تمتص الغضب، وخصوصا الشباب، دفعت بهم إلى الكركرات.
-كيف تثمنون التحرك المغربي في معبر الكركرات لطرد مليشيات “البوليساريو”؟
أولا يجب أن نقول إن مغرب 2020 ليس هو مغرب 1975. هناك دستور جديد وأصبحت قضية الصحراء قضية وطنية يدخل فيها جميع مقومات الشعب المغربي من أحزاب سياسية والمجتمع المدني، كما تنازل المغرب عن الكرسي الشاغر.
وبعد أن كانت له سياسة دفاعية أصبح للمغرب اليوم سياسة هجومية بالمفهوم الإيجابي، ونذكر هنا أنه حتى في كوبا أصبحت له سفارة.
ماكان يساعد البوليساريو هو جهل القضية، ولكن اليوم أصبحت العديد من الدول تفهم النزاع. هناك تغيير ليس فقط على مستوى العسكري بل حتى الاقتصادي، بالإضافة إلى الانفتاح، الذي أصبح في المغرب، فمثلا هناك جمعيات في الأقاليم الجنوبية موالية للبوليسارو، والمغرب يتعلمل معها بشكل طبيعي، ما دامت لا تلجا إلى العنف.
فالرد المغربي لم يكن ارتجاليا بل منسقا مع الأمم المتحدة، ونوه به المنتظم الدولي، لأن العالم كله ينادي بالسلم. فالمغرب قام بعملية هندسة سلمية، وليست عسكرية وفتح الطريق للتجارة الدولية. ليس هناك دولة واحدة أو منظمة في العالم أدانت المغرب لأن القضية شرعية.
-وماذا عن دور الجزائر؟
نحن قرأنا البيات الذي أصدرته الجزائر حول الموضوع. لابد أن نذكر بأن الجزائر وقبل أزمة كورونا، كانت تشهد حراكا شعبيا سلميا خرج خلاله الشعب الجزائري في مظاهرات للمطالبة بتغيير جدري في البلاد وبديموقراطية مدنية، لأن البلد لحد الساعة يحكمها العسكر. فالجزائر عندها صراع قديم مع المغرب منذ الستينات، وهناك حسابات استراتيجية.
أظن أنه عنما سيقع تغيير في الجزائر وتكون قيادة جديدة تناضل من أجل مغرب كبير موحد لصالح الجميع، سيمكن حل المشاكل العالقة.
-في رأيكم لماذا تلجأ “البوليساريو” وإعلام الجزائر للترويج لأكاذيب حول ما يقع في المعبر”؟
هذه مجرد بروباغندا. هي حرب الدعاية، لأن ضروري للبوليساريو الاستمرار في حشد الصحراويين بالمخيمات، غير أن الواقع اليوم في الكركرات هو شيئ آخر. فحتى عسكريا لا يمكن لأي دولة تتوفر على ترسانة عسكرية أن تدخل الجبهة في حرب معها. هي أكاديب تروج لها أبواق ليس لها مصداقية، وهده الادعاءات لا تجدي نفعا.
-ما هي الأخبار التي تصلكم عن المعبر بعد تأمينه من طرف القوات المسلحة الملكية؟
رأينا الصور والفيديوهات للمعبر، والتي تظهر انسيابية في حركة السير. فالشاخنات تعبر والسلع تمر، والجيش المغربي يؤمن المعبر، وخير دليل على ذلك النرفزة التي يعيشها البوليساريو بعد فشله، فقد كانت محاولنه اغلاق المعبر عملية فاشلة وخطوة خاطئة. فالمشاكل لا يمكن حلها بالحرب، بل بالسلم والتفاوض. يجب على قيادة البوليساريو أن تصبح براغماتية، لأن الصحراويين في الأقاليم الجنوبية للمملكة، في مدن العيون والداخلة والسمارة يعيشون في سلم وأمان، ولن يقبلوا العيش في الرابوني.
-وماهو الحل في نظركم لهذا النزاع المفتعل ؟
الحل هو التفاوض، وعندما تجلس على مائدة الحوار، يجب أن تقدم شيئا جديدا. فالمغرب قدم مقترح الحكم الذاتي و”البوليساريو ” ظل واقفا عند اجراء الاستفتاء. غير أن هذا الاستفتاء لا يمكن أن يكون، وذلك بلسان الأمم المتحدة.