تتجه العلاقات المغربية الموريتانية إلى مزيد من التقارب لتوحيد الرؤى حيال عدد من الملفات الحساسة، بهدف تجاوز لحظات الضباب التي اعترت مواقف البلدين، وهو ما سيزيد من عزلة الجزائر إقليمياً.
وبدا هذا التقارب الجديد بشكل جلّي عقب الاتصال الهاتفي الذي أجراه الملك محمد السادس، يوم الجمعة 20 نونبر الجاري، مع الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني، والذي أعلن فيه الملك عن استعداده للقيام بزيارة للجارة الجنوبية.
ورغم أن هذا الاتصال من الناحية الشكلية “بروتوكولي”، إلا أنه يحمل دلالات عديدة، ويأتي بعد أيام قليلة من تحرير معبر الكركرات من مليشيات جبهة “البوليساريو”، وإعلان الملك عن استعداده لزيارة موريتانيا في هذه الظرفية الدقيقة ما هو إلا صفعة للجزائر وللجبهة الانفصالية.
ومعلوم أن أزمة معبر الكركرات أثرت بشكل سلبي على الاقتصاد الموريتاني وذلك بعد إغلاقه لأزيد من 20 يوماً من طرف جبهة “البوليساريو” الانفصالية وهو ما يجعل هذا المنفذ البري استراتيجي للجارة الجنوبية.
وأظهرت عملية الكركرات النظام الجزائري وكأنه فاقد للشرعية ويعيش في عزلة قاتلة، وذلك عقب الدعم العربي والإفريقي بل وحتى الدولي الذي حظي به المغرب عقب تحركه المشروع من أجل وضع حد للاستفزازات المتكررة لجبهة البوليساريو والميليشيات التاعبة لها بالمنطقة.
وفي هذا الصدد، قال محمد زين الدين، أستاذ القانون الدستوري والعلوم السياسية بجامعة الحسن الثاني في الدار البيضاء، إن التقارب المغربي الموريتاني استراتيجي وأساسي في الوقت الراهن أكثر من أي وقت مضى؛ على اعتبار أن استقرار المنطقة يقف على عاتق البلدين وهذا ما بدا واضحاً في أزمة الكركرات.
وأضاف زين الدين في تصريح لـ”مشاهد24″ أن توافق وتناغم قيادات البلدين ساهم في تجاوز أزمة الكركرات، مشيراً إلى أن الموقف الموريتاني إزاء هذه الأزمة أعطى إشارات سياسية إيجابية للرباط.
واستطرد الخبير السياسي، أن الزيارة المرتقبة للملك محمد السادس إلى موريتانيا هي بمثابة رد سياسي واضح على الخصوم، وذلك في ظل تزايد الضغوطات الجزائرية على موريتانيا، لافتاً أن المغرب سيلعب دورا كبيرا في تخفيف هذا الضغط.
ويعتقد المتحدث، أن موريتانيا تحتاج حاليا إلى دعم مالي ومعنوي من طرف المغرب لتخفيف الضغط المفضوح الذي تمارسه الجزائر حيث تعتبر هذه الأخيرة نواكشوط الحلقة الأضعف في المغرب العربي، وتحاول جرها بشتى السبل لتعقيد المسار السياسي لقضية الصحراء المغربية.
ومن شأن الزيارة الملكية المرتقبة – يردف الأستاذ الجامعي- أن تغير الموقع الحيادي الذي اختارته موريتانيا في ما يتعلق بنزاع الصحراء المفتعل.
ويرى زين الدين أن العلاقات المغربية الموريتانية مقبلة على مرحلة جديدة عنوانها العريض رابح رابح، لافتاً أن أزمة الكركرات أعطت دروسا للرباط ونواكشوط، وأظهرت أن أمن المنطقة يخصنا جميعا، وأن “البوليساريو” منظمة إرهابية تسعى إلى زعزعة الاستقرار بمساعدة الجزائر.