كما كان متوقعا، أصدرت المحكمة الأوربية في “ستراسبورغ” صباح يومه الخميس حكمها في نازلة زعيم الحزب الجمهوري الكاتلاني “أوريول جونكيراس” المدان بالسجن،بالموافقة على تمتعه بالحصانة عن المقعد الذي فاز به في البرلمان الأوروبي، ترشح له وهو في طور المحاكمة.
وورد في حيثيات الحكم أن النائب الإسباني من حقه الاستفادة من مزايا الحصانة بمجرد الإعلان عن فوزه بمقعده في المؤسسة التشريعية الأوربية؛ وبالتالي كان على السلطات القضائية الإسبانية، حسب منطوق الحكم، وقبل أن تصدر حكمها النهائي عليه ب 13 سنة سجنا، أن ترخص له للحضور إلى ستراسبروغ للتوقيع على استلام محضر عضويته البرلمانية، بالنظر إلى أنه كان معتقلا ضمن إجراءات الاعتقال الاحتياطي، في انتظار إتمام الإجراءات المسطرية القضائية المتعلقة بالمحاكمة
ولا يعني قرار المحكمة الأوروبية وهو قد يشمل إجراء مماثلا في حق المدانين الآخرين فيما يسمى “بروسيس” لا يعني مغادرة جونكيراس السجن فورا وهو الذي يتردد اسمه كثيرا في خضم الصراع السياسي الجاري في الإقليم بشأن إ الاستقلال عن الدولة الإسبانية.
ومنحت ذات المحكمة خمسة أيام للأطراف التي تابعت جونكيراس، وضمنها الدولة الإسبانية الممثلة في النيابة العامة؛ أجل خمسة أيام للتقدم بطعنها في قرار المحكمة الأوروبية؛ بعد ذلك يعود القضاء الإسباني (المحكمة العليا) للنظر في حكم المحكمة الأوروبية إما بنقضه أو السعي القانوني لإلغائه.
يذكران، جونكيراس، أدين بعد محاكمات طويلة مع زعماء انفصاليين أخرين، بتهمة العصيان وإشاعة الفتنة في البلاد وإعلان الجمهورية، من جانب واحد عام 2017.
ولا يعني إصدار الحكم لصالح فريق الدفاع عن الزعيم الكاتلاني المتمرد، انتهاء المشكل المشكل السياسي في الإقليم، غير أنه قد يفتح بارقة أمل في الأفق، على اعتبار أن الحزب الجمهوري يعقد مؤتمره يوم السبت للبت في اتفاق مقترح من قيادة الحزب الاشتراكي على ،جونكيراس، وأنصاره، يقضي بتسهيل مصادقة البرلمان الإسباني على حكومة التي سيشكلها سانشيث وتنتظرها البلاد منذ أشهر. ولا يطلب الاشتراكيون من نواب الحزب الجمهوري، سوى التغيب عن التصويت ، ما يمكن، بيدرو سانشيث، من الفوز بأغلبية نسبية في جولة الاقتراع الثانية ،لكنهم إذا صوتوا ضده، إلى جانب اليمين، فذاك يعني العودة إلى المربع الصفر وصناديق الاقتراع مرة ثالثة في ظرف اقل من عام.
ومقابل امساندة القوميين الكاتلان إن حدثت، يلتزم الحزب الاشتراكي بعد تشكيله الحكومة، بالدخول في مباحثات سياسية مع القوى الحزبية في الإقليم الذي تصاعدت فيه حدة العداء والعنف ضد الدولة الإسبانية؛يلتزم بالدخول في مسلسل تفاوض في إطار الدستور الإسباني وطبقا لمقتضيات الحكم الذاتي الذي يتمتع به الإقليم، بشرط استبعاد خيار الانفصال أو استفتاء تقرير المصير، لكن منح المنطقة صلاحيات واسعة واردة في ذهن الاشتراكيين.
ويراهن الحزب الاشتراكي على واقعية جونكيراس، بالرغم من وجود مقاومة في حزبه تدعوه إلى التصعيد حيال الحكومة المركزية وعدم التنازل عن خيار انفصال الإقليم حتى لا يفقد شعبيته في إطار التنافس مع الأحزاب الأخرى التي تسعى لهدف مماثل
وتعرض الحزب الاشتراكي وأمينه العام المرشح لتولي رئاسة الحكومة، منذ انتخابات أبريل، لانتقادات عنيفة وشرسة من مكونات اليمين المحافظ والمتطرف الممثل في ثلاثة أحزاب: الشعبي، ثيودادانوس والوافد الجديد بقوة “فوكس”.
ويتهم التحالف اليميني الزعيم الاشتراكي، بالتخوين وتعريض وحدة البلاد إلى الخطر، إن هو تحالف مع حزب ،بوديميوس، اليساري الفوضوي وصوتت لصالحه الأحزاب الإقليمية التي لها نزوعات استقلالية مثل انفصاليي كاتالونيا للخروج من ظل التاج الإسباني.
وينفي الاشتراكيون قطعا اتهامات اليمين لهم، مؤكدين أن تحركهم لا يتعارض مع الدستور ،وأن هدفهم إعادة الهدوء إلى البلاد وإنهاء أزمات الاحتقان السياسي الذي طال سنوات؛ ويؤملون في المراهنة على القوى السياسية المعتدلة في إقليم كاتالونيا التي تتعرض من جهتها للهجوم والنقد من طرف غلاة الانفصال.
ويرى ملاحظون إسبان مستقلون أن ضيق أفق اليمين، أغرق بلادهم بشكل من الأشكال،في أتون صراع سياسي استفحل منذ عهد حكومة، ماريانو راخوي، ما قوى التيارات المتطرفة في إقليم كاتالونيا وأيقظ شهية شبيهاتها في مناطق أخرى.
ويضيف ذات الملاحظين أنه كان بالإمكان تشكيل حكومة بعد الانتخابات التشريعية في شهر أبريل الماضي، برئاسة الاشتراكي سانشيث على اعتبار أن حزبه متصدر النتائج؛ وذلك لإما بالاتفاق على السياسات الكبرى التي تعارضه وعدم المشاركة في الحكومة أو بانضمام حزب ثيودادانوس الذي له تجربة تحالف سابق مع الاشتراكيين. لكن انعطاف زعيم التنظيم الأخير نحو اليمين، عقد الأزمة فنتج عنها إعادة الانتخابات التشريعية حيث مني البرت ريفييرا، بهزيمة منكرة، واكتسح اليمين المتطرف الساحة السياسية ، الأمر الذي استوجب اعتزال ريفييرا ن الحياة السياسية وهو دون الأربعين، بينما كان يحلم برئاسة الحكومة لكنه ابتعاده عن الوسط الليبرالي واستبداده بالرألأي ابعد عنه مساعديه الأقربين وكذلك الناخبين وحسر حوابلي 40 مقعدا في البرلمان.
إلى ذاك، من المنتظر أن يثير حكم القضاء الأوربي، جدلا قانونيا في إسبانيا، يعكف السياسيون على بلورة ملامحه. كما أن رئيس إقليم كاتولونيا السابق ، بودجيمون، الفار من العدالة مع اثنين من أعضاء حكومته، سيطالب بأن يسري نفس الحكم لصالح جونكيراس، عليهم ، وبالتالي إمكانية عودتهم إلى إسبانيا التي فروا من عدالتها، ويكون ذلك تحت غطاء الحصانة البرلمانية ،ما قد يشعل نار جدل قانوني سياس ساخن سيدور حول مسألة سمو القوانين الأوروبية على القانون الوطني.