تواجه أغلبية سعد الدين العثماني أزمة جديدة، بسبب صراع اندلع أخيراً، داخل ردهات البرلمان بين حزب العدالة والتنمية وحزب التقدم والاشتراكية المشارك في الحكومة.
وانطلق هذا الصراع قبل أيام وذلك خلال انتخاب رؤساء اللجان في مجلس النواب، حيث قررت مجموعة التقدم والاشتراكية خوض هذه الانتخابات بترشيح البرلماني رشيد الحموني، لمنصب رئيس لجنة المراقبة المالية العامة بمجلس النواب، ليجد هذا المرشح نفسه في نهاية المطاف أمام منافس عن العدالة والتنمية، والذي تمكن خلال اللحظات الأخيرة من الفوز بهذا المنصب الهام.
وبعد ظهور النتائج، عبّر المكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية في بيان، عن أسفه الشديد على هذا “السلوك المنافي لأخلاقيات العمل السياسي النبيل القائمة على احترام الالتزامات والاتفاقات القبلية، والمنافي لروح الدستور والقانون الداخلي لمجلس النواب فيما يخص حماية وتعزيز وتكريس التعددية”.
وأكد حزب التقدم والاشتراكية أن حليفه حزب العدالة والتنمية، تنصّل من ما تم الاتفاق عليه سابقاً. موضحاً أنه “تم فرض اللجوء إلى مسطرة التصويت بالنسبة إلى انتخاب رئيس لجنة مراقبة المالية العمومية، في الوقت الذي تم فيه انتخاب رؤساء باقي اللجان الدائمة من خلال إعمال منطق التوافق الذي جرت به العادة في انتخاب هياكل المجلس أو تجديدها في منتصف الولاية”.
من جانبه اعترف سعد الدين العثماني الأمين العام لحزب العدالة والتنمية رئيس الحكومة، بوجود خلاف بين حزبه وحزب التقدم والاشتراكية المشارك في الحكومة.
وقال العثماني خلال مشاركته في الندوة التي نظمتها شبيبة حزبه، مساء أمس الجمعة، بالرباط، بحضور نبيل بنعبد الله، الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية، إن “الواقع لا يرتفع، لكن الخلافات لا تمنع من أن نتعاون في الأمور التي نتفق فيها وهي كثيرة، لو كنا نتفق مئة في المائة لكنا حزبا واحدا، لكننا هيئتان سياسيتان مختلفتان”.
وزاد قائلا: “نعم لدينا خلافات ولن نخبئها لكن الإختلاف لا يفسد للود قضية”.
ويرى مراقبون أن حزب التقدم والاشتراكية قد يتجه نحو التصعيد في وجه حليفه الحكومي العدالة والتنمية رغم الوساطات التي قادها رؤساء الفرق النيابية بمجلس النواب لتذويب الخلاف.
وفي هذا الصدد، قال الدكتور محمد زين الدين، أستاذ القانون الدستوري في جامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء، إن تهافت الأحزاب على المناصب البرلمانية بهذا الشكل يؤكد أن هناك رغبة جامحة لدى الأحزاب بشكل عام للحصول على نصيب هام من “الكعكة البرلمانية” المحاطة بالامتيازات.
وأكد زين الدين في تصريح لـ مشاهد24 أن سلوك العدالة والتنمية يدل أن علاقته مع حزب التقدم والاشتراكية ليست على ما يرام ولم تعد كما كانت في عهد الأمين العام السابق عبدالإله بنكيران.
وأوضح المحلل السياسي أن العثماني، الأمين العام لحزب العدالة والتنمية يتعامل مع حزب التقدم والاشتراكية – باعتباره الحليف الاستراتيجي للحزب الإسلامي في فترة عبد الإله بنكيران – بحيطة وحذر. مبيّناً أن التنسيق مازال قائماً بين عدد من القياديين في التقدم والاشتراكية والتيار المقرب من بنكيران والذي يضم شبيبة العدالة والتنمية وبعض القياديين في الحزب وكذا بذراعه الدعوية “التوحيد والإصلاح”، وهو ما قد يبرر هذا “الحقد” الدفين الذي يُكنّه العثماني لرفاق نبيل بنعبد الله.
ويرى الخبير السياسي أن حزب التقدم والاشتراكية والذي يقوده الوجه السياسي البارز نبيل بنعبد الله، خسر فعلاً الكثير من بريقه في عهد حكومة العثماني، وتجلّى ذلك في إعفاء وزرائه وكتاب الدولة على خلفية تأخر مشاريع “الحسيمة”، حيث ظهر هذا الحزب أمام الرأي العام وكأنه فاشل في تدبير الأمور.
ويعتقد المتحدث أن هذه الصراعات لا تهدد التحالف الحكومي، وإنما قد تؤدي إلى تعديل حكومي موسع لأجل تحقيق انسجام أكثر، كاشفاً أن هناك أسماء سياسية أخرى تنتظر دورها للدخول إلى الحكومة وهو ما قد يتحقق.