تضمن الخطاب الملكي بمناسبة الذكرى الثالثة والأربعين للمسيرة الخضراء، رسائل مهمة وواضحة حول ملف الوحدة الترابية للمملكة، وكذا بخصوص العلاقات المغربية الجزائرية، وأثرها على مستقبل الفضاء المغاربي.
وأهم ما ميز الخطاب الذي تابعه المغاربة داخل المملكة وخارجها، مساء أمس الثلاثاء، افتتاحه، بتوجيه الملك محمد السادس، دعوة مباشرة للجارة الجزائر، لإطلاق حوار يطوي صفحة خلافات دامت لعقود.
المحلل السياسي محمد بودن، تطرق في حديث لـ”مشاهد24”، إلى أبرز نقاط هذا الخطاب، وتوقف عند الإشارات التي حملها للجزائر، لتجاوز الوضع الحالي.
وسجل بودن، أن الخطاب الملكي بمناسبة الذكرى الثالثة والأربعين للمسيرة الخضراء، التي تعد حدثا مميزا وفاصلا في تاريخ المملكة، حمل ثلاث خلاصات كبرى، تتمثل أولها في التأكيد على مرجعيات السياسة الخارجية، المبنية على مبادئ الوضوح، والطموح، والواقعية، وثانيها في التمسك بالأخوة الصادقة مع الجزائر، وبناء أرضية غير مسبوقة تتعلق بآلية سياسية للتنسيق والتشاور بين البلدين، ثم تتعلق الثالثة بثوابت قضية الصحراء، وفقا لما تم تحديده في خطاب الذكرى الثانية والأربعين للمسيرة الخضراء، وإبراز أهمية هذا المعطى في إبرام الشراكات مع الدول والتكتلات الإقليمية، بما فيها الاتحاد الأوربي.
وبشكل مفصل، أبرز أن الخطاب الملكي، قدم فرصة تاريخية للعلاقات الثنائية بين المغرب والجزائر، ومنح مفتاحا حقيقيا للتغلب على التوتر الحاصل بالمنطقة المغاربية ككل، مشيرا إلى أن العلاقات بين البلدين الجارين، ظلت في الحد الأدنى من التوافق والتعاون لسنوات، في ظل استمرار إغلاق الحدود الذي ينعكس على المشترك الجماعي، والأمن الغذائي، والعلاقات الإنسانية.
واعتبر المحلل السياسي، أن طرح الملك، لمبادرة خاصة بعيدة عن الحساسيات القديمة، قد يؤسس لإطار جامع لجهود البلدين، وإمكانياتهما، مضيفا أن ذلك ”يعتمد على قناعة الجزائر، وتفاعلها الإيجابي وعدم ارتهانها للتغييرات المفاجئة، وهناك حاجة كذلك لخطاب جديد بعيد عن النمط التقليدي في المعالجة”.
ولفت الانتباه في هذا السياق، إلى العبارات الواردة في الخطاب، وخصوصا المتعلقة بالحوار المباشر، حيث قال ”حرارة الخطاب الملكي قد تذيب كرة الثلج بين البلدين، وتضع الشعبين أمام فرصة تاريخية بل صفقة سلام مغاربي في ظل رؤية ملكية لمأسسة العلاقات المغربية الجزائرية عبر مقترح إحداث الآلية السياسية لبلورة تصور مشترك”.
وأكد بودن، على أن الجزائر، مطالبة في المرحلة الحالية، باستثمار الفرصة، والدينامية التي أعلنها الملك محمد السادس، بشكل واضح ومباشر، مردفا أن اللقاء المنتظر انعقاده بجنيف بخصوص ملف الصحراء، في دجنبر المقبل، من شأنه كشف مدى تجاوب البلد الجار، مع المبادرة الملكية.
وختم كلامه مشددا على أن خطاب الأمس، جاء في مستوى آمال الشعبين المغربي والجزائري اللذين تجمعهما علاقات متينة ومتميزة، كما أنه حدد طبيعة نظرة المغرب، للعلاقات المغربية الجزائرية، وأزال كل غبش حاصل بخصوصها.