كثيرة هي القضايا التي تشغل بال المغاربة خلال الآونة الأخيرة، وذلك في ظل تسارع الأحداث الاجتماعية والاقتصادية وكذا السياسية بالبلاد.
نقلنا بعضاً من هذه القضايا إلى الدكتور مصطفى كرين، رئيس المرصد الوطني للعدالة الاجتماعية فكانت هذه إجاباته.
الرأي العام المغربي منزعج بشدة من قرار الحكومة القاضي بإقرار التوقيت الصيفي طوال السنة.. ما تعليقك على هذه الخطوة، وهل ستقدم إضافة نوعية للاقتصاد والمجتمع المغربي؟
التوقيت الصيفي لم تمله أي ضرورة اجتماعية أو صحية، بل أملته إكراهات وإملاءات اقتصادية، وقد عبّر عن ذلك صراحة وضمنيا كل من وزير الوظيفة العمومية ورئيس الحكومة سعد الدين العثماني، أما ارتهان المغرب لهذا القرار فإنه يعطي فكرة واضحة عن المأزق الاجتماعي والاقتصادي والمالي الذي يمر منه المغرب.
نبقى في هذا الموضوع وعلاقته بقطاع التعليم. الحكومة أقرت توقيتا جديداً للتلاميذ. هل في اعتقادك سيكون صحيا للتلاميذ والطلبة، وهل سيساعد في إصلاح هذا القطاع “المعطوب” أم سيزيد من مشاكله؟
المغرب عرف منذ الاستقلال أكثر من ستة عشرة محاولة لإصلاح التعليم، وأكثر من اثنين وثلاثين وزيرا، باءت كلها بالفشل، وحاليا يتم التخلي نهائيا عن التعليم كقطاع اجتماعي وكرافعة للنمو من طرف الحكومة، ويتم تحويله إلى قطاع تجاري مدر للأرباح وفارغ من أي محتوى. الحكومة تخلت بشكل شبه نهائي عن التعليم، ولذلك لم يعد قطاعا استراتيجيا يستحق أن يؤخذ بعين الاعتبار بقدر ما يتم تدبيره كمشكلة، ولذلك لم نعد نستغرب من كل البدع والقرارات البئيسة والخطيرة التي يتم اتخاذها في حق هذا القطاع، سواء تعلق الأمر بالأطر أو التلاميذ أو البرامج التعليمية أو التوقيت المدرسي.
ننتقل إلى القطاع الصحي، والذي بدوره يعيش غليانا كبيراً بسبب الاستقالات المتوالية لأطباء القطاع العام ووصول الحوار إلى النفق المسدود بين نقابة الأطباء والحكومة.. أنتم كمرصد ماذا تقترحون لإنهاء هذا الجدل؟
على غرار التعليم، فإن قطاع الصحة كقطاع اجتماعي لم يسلم بدوره من عملية تحويله إلى مصدر لموارد للخزينة العامة التي باتت على حافة الإفلاس، خصوصا في ظل الارتفاع المهول للمديونية بشهادة المجلسين الأعلى للحسابات والاقتصادي والاجتماعي. قطاع الصحة إلى جانب قطاع التعليم يحتاجان إلى قرار تاريخي يحدد مكانتهما كقطاعين يسموان فوق باقي القطاعات ويعطيهما وضعا خاصا ذا أولوية وإلا فإنهما سيشكلان بابين لانهيار كل شيء.
نبقى في القطاع الاجتماعي والذي حرص الملك في خطاباته الأخيرة على أن يوليه اهتماماً كبيراً. لماذا الحكومة عاجزة إلى حدود الساعة عن إنجاح الحوار الاجتماعي مع المركزيات النقابية هل غياب الإرادة السياسية هي السبب أم أن هناك فعلا ضعفا في سيولة الحكومة؟
شخصيا لا أدري لماذا تتحاور المركزيات النقابية مع حكومة لا تملك من أمرها شيئا، القرار الاقتصادي والاجتماعي لم يعد بيد الحكومة، الريع ورأس المال تمردا بدورهما على الحكومة وأصبحا يسيران سيرهما الخاص بعيدا عن أي برنامج حكومي، لذلك فإنني لا أتوقع للحوار الاجتماعي أي أفق يذكر في الوقت الحالي وبالأسلوب الحالي. الحكومة أصبحت رقما زائدا في حوار يستحسن أن يدور بشكل مباشر بين النقابات وتمثيلية عن رأس المال الذي بالمناسبة يزداد توحشا كل يوم في المغرب.
بعد كل هذا الجدل هناك من يعتبر أن حكومة العثماني تعيش تيهاً سياسياً وغير قادرة على حل عدد من المشاكل التي تمس المغاربة.. هل تتفق مع هذا الطرح؟
رأيي في حكومة العثماني قلته مرارًا وهو أنها لا تملك المقومات البشرية والفكرية لتدبير خطورة المرحلة، وإنجاز الإصلاحات التي إن لم تتم فإن المغرب يتوجه نحو السكتة الاجتماعية، ولذلك ما فتئت منذ تعيين هذه الحكومة أطالب بإقالتها والإسراع بتنظيم انتخابات سابقة لأوانها لتفادي السيناريوهات السيئة.
الحكومة طرحت قبل أيام قانون الخدمة العسكرية الإلزامية على طاولة البرلمان للمناقشة والمصادقة.. تطبيق هذا القانون هل سيساعد فعلا الشباب المغربي في تحسين أوضاعه الاجتماعية والاقتصادية وفق ما أكدته الحكومة؟
أنا مع الخدمة العسكرية كما قلت ذلك دائما، ربما ليس لنفس الأسباب التي بررت بالنسبة للحكومة إعادة فرضها، ولكنني أعتبر أنها يمكن أن تشكل بعدا هاما في العملية التربوية وتكريس روح الانتماء للوطن، ويجب أن لا تشكل موضوعا للتجاذب السياسي، حيث يجب على الجميع أن يكون مستعدا للدفاع عن وطنه.
ننتقل إلى الشأن الاقتصادي.. هل قانون المالية لسنة 2019 يحمل تطلعات المغاربة فعلا؟
باختصار، قانون المالية في اعتقادي محبط وبه ثغرات عديدة، وبنوده تكرس للريع واستبداد رأس المال، ويُغيب البعد الاجتماعي بالمعنى الحقيقي.