بشكل مفاجئ، عيّن الملك محمد السادس، مساء أمس الاثنين، محمد بنشعبون (57 سنة)، وزيراً للاقتصاد والمالية خلفاً للوزير المُقال محمد بوسعيد، القيادي البارز في حزب “التجمع الوطني للأحرار”.
ولم يكن أحد يتوقع صعود بنشعبون إلى هذا المنصب الحساس، لكونه كان خارج حسابات المراقبين للشأن السياسي في البلاد، حيث كانوا ينتظرون اسماً آخر من نفس الحزب الذي ينتمي إليه الوزير المُقال.
ويُعرف عن بنشعبون أنه رجل مولوع بعالم المال والأعمال ويشتغل في صمت، حيث ظل منغمساً لفترة ليست بالهيّنة في تسيير كبريات المؤسسات المالية والاقتصادية في البلاد، وتدرّج في ناصب عديدة، وظل في نفس الوقت بعيداً عن المجال السياسي والحزبي.
ويعد الوزير الجديد، والذي كان يشغل منصب المدير العام لمجموعة “البنك الشعبي المركزي” من الشخصيات التي رافقت العاهل المغربي في أغلب زياراته الخارجية لتوقيع اتفاقيات اقتصادية وتحديداً مع الدول الأفريقية.
تركة صعبة
رغم أن بيان الديوان الملكي الصادر أثناء إعفاء الوزير السابق محمد بوسعيد، لم يوضح بشكل مدقق أسباب الإعفاء، إلا أن كل المعطيات المحيطة بهذا القرار أكدت أن بوسعيد فشل في تدبير أهم قطاع بالمملكة وهو الاقتصاد والمالية، بل والأكثر من ذلك فقد ترك بوسعيد للوزير الجديد بنشعبون اقتصاداً يعاني ضعفاً في النمو، ومشاكل مرتبطة بارتفاع المديونية، وأيضاً تراجع الاستثمارات الأجنبية المباشرة بنسبة 33.5 بالمائة في النصف الأول من العام الجاري 2018.
وأجمعت تقارير محلية، صادرة عن مكتب الصرف (المؤسسة المكلفة بإحصاء التبادل التجاري والاقتصادي للمغرب مع الخارج)، وأيضا عن المجلس الأعلى لحسابات، وكذا المندوبية السامية للتخطيط، والبنك المركزي، مؤخراً، أن الاقتصاد المغربي يعاني منذ العام الماضي، من أعطاب عديدة في ظل غياب رؤية واضحة لتحقيق النمو، كما رصدت هذه التقارير بعض العوامل التي قد تمثل مخاطر على استدامة المالية العمومية.
مشاريع الحسيمة.. الامتحان الصعب
وجّه المجلس الأعلى للحسابات، الشهر الماضي، تهمًا ثقيلة لوزير الاقتصاد والمالية السابق محمد بوسعيد، تتمحور جلها في تقصير وزارته في إنجاز برنامج “الحسيمة منارة المتوسط”.
وأكد التقرير الذي قدمه إدريس جطو، رئيس المجلس الأعلى للحسابات، أمام العاهل المغربي، أن هذا البرنامج التنموي الهام شابته مجموعة من الخروقات.
ويرى مراقبون، أن هذه المشاريع ستكون بمثابة الامتحان الصعب الذي سيمر منه بنشعبون في بداية مشواره كوزير للاقتصاد والمالية، خصوصاً وأن هذه المشاريع الهامة أسقطت مجموعة من الوزراء.
مسار حافل
حصل بنشعبون على ديبلوم المدرسة الوطنية العليا للمواصلات بباريس في عام 1984.
في بداية سنوات التسعينات تدرّج وزير الاقتصاد والمالية الجديد في عدد من المناصب حيث تم تعيينه في غشت 1996، مديراً في إدارة الجمارك والضرائب غير المباشرة، حيث كان مكلفا بتنسيق المشاريع الشاملة لعدة قطاعات لصالح وزارة الاقتصاد والمالية.
وبعدها بسنوات التحق بنشعبون بـ”البنك الشعبي” في العام 1999، كنائب للمدير العام مكلف بالخدمات المشتركة ثم بقطب التنمية. ثم عينه الملك بعد ذلك في منصب المدير العام للوكالة الوطنية لتقنين المواصلات، بين سنتي 2003 و2008، قبل أن يتم تعيينه في منصب الرئيس المدير العام لمجموعة البنك الشعبي المركزي في فبراير 2008.
وبموازاة مع مسؤولياته، يعمل بنشعبون كخبير لدى صندوق النقد الدولي وهو كذلك نائب رئيس الكونفدرالية الدولية للأبناك الشعبية.