دعا فريق الاتحاد المغربي للشغل الحكومة إلى مراجعة النموذج الاقتصادي والتنموي، بإقرار نموذج يراهن على التصنيع وتنويع الاقتصاد وتطوير المنتجات ذات القيمة المضافة العالية..
وقالت أمال العمري، رئيسة فريق الاتحاد داخل مجلس المستشارين، خلال الجلسة الشهرية المتعلقة بالسياسة العامة حول اتفاقيات التبادل الحر وأثرها على الميزان التجاري وتنافسية المقاولات الصغرى والمتوسطة، أن المغرب يحتاج، اليوم، إلى نموذج قادر على خلق مناصب الشغل اللائق وخلق الثروة وتدبيرها بشكل يضمن الحقوق الاقتصادية والاجتماعية لكل المواطنين، ويقلص الهوة بين الطبقات الاجتماعية ويحافظ على مكانة الطبقة المتوسطة المحرك الحقيقي للاقتصاد الوطني والضامن للتوازن الاجتماعي، ونموذج يعتمد سياسة ضريبية شفافة وعادلة واسعة الوعاء، تقطع مع التهرب والتملص الضريبيين، وتدمج القطاع غير المهيكل عبر توسيع الحماية الاجتماعية، عوض الاستسلام للمديونية ونهج سياسات تقشفية تضرب في العمق الخدمة العمومية، والقطاعات الاجتماعية الاستراتيجية، وفي مقدمتها التعليم والصحة والتشغيل.
وتساءلت العمري، في هذا السياق، عما إذا كان المغرب قام بتأهيل اقتصاده قبل اعتماد اتفاقيات للتبادل الحر مع دول عظمى واتحادات قوية مثل الاتحاد الأوربي والولايات المتحدة الأمريكية، وفي ما إذا كان إبرام هذه الاتفاقيات خيارا حرا، أم قرارا أملته إكراهات مالية والتزامات جيوستراتيجية.
وأوضحت ممثلة الاتحاد المغربي للشغل أنه أمام غياب سياسة فعالة ومندمجة لتأهيل الاقتصاد الوطني وتعزيز قدرته على الصمود أمام التحديات المطروحة، لا يمكن تجاوز ضعف تنافسية الاقتصاد الوطني الذي نتج عن السياسات المتبعة من طرف الحكومات المتعاقبة منذ أن طبق المغرب برنامج التقويم الهيكلي سنة 1983 على مدى 10 سنوات.
واستعرضت المستشارة مختلف الاكراهات التي خلفها خوض الدولة غمار التجارة الحرة بالتوقيع على اتفاقيات للتبادل الحر مع 56 دولة، بهدف الاندماج في الاقتصاد العالمي، وتمكين الشركات المغربية من الولوج للأسواق الدولية، معتبرة أن هذه الشراكات “لم تنبن على وضع متكافئ بين الطرفين”، ومستدلة بنموذج الاتفاقية الفلاحية مع أوروبا الموقعة حسب نظام “الاستثناء” التي لا تعدو كونها “ترسانة من الإجراءات الحمائية الجمركية وغير الجمركية التي تحد من ولوج المنتجات الفلاحية المغربية لأسواق الدول الشريكة كالطماطم والحوامض، علما أن قطاعنا الفلاحي المرتبط بالتساقطات المطرية يعاني من إشكالات جمة مرتبطة بالماء والعقاروالاستغلالات الكبيرة والصغيرة واستعمال وسائل الإنتاج والتثمين والتسويق”.
وتحدثت المتدخلة عن التأثيرات الوخيمة على تنافسية المقاولات الصغرى والمتوسطة التي تشكل 95 في المائة من النسيج الاقتصادي، وعلى القطاعات الإنتاجية الهشة، التي تضررت بسبب إغراق السوق الداخلية بسلع خارجية مدعمة، ما ساهم في تعميق البطالة البنيوية والهشاشة بفعل إغلاق الوحدات الإنتاجية (إفلاس 5000 مقاولة) والتسريحات الجماعية، وتفاقم المديونية بذريعة تمويل الإصلاحات الهيكلية للاقتصاد (التقاعد، المقاصةّ، الإجهاز عن المرفق العمومي والقدرة الشرائية)، وما لهذه الإصلاحات المفروضة من طرف الممولين من آثار كارثية على التماسك الاجتماعي.