أكد سعد ناصر، الأكاديمي والمحلل السياسي، أن الرسالة التي وجهها الملك محمد السادس، إلى الدورة العادية الـ30 لقمة رؤساء دول وحكومات الاتحاد الإفريقي، المنعقدة بمقر المنظمة القارية بأديس أبابا، والتي تمحورت حول قضية الهجرة، أبانت بالملموس أن المغرب “تحول إلى بلد رائد في مجال تدبير تدفقات الهجرة، بفضل المقتضيات التي يتبناها في هذا المجال الحساس”.
وأضاف ناصر في تصريح لـ مشاهد24، أن الدول الإفريقية، أضحت تدرك أن المملكة المغربية “هي نموذج يحتذى به في المنطقة فيما يتعلق بسياسة الهجرة، وذلك من خلال الخطوات غير مسبوقة التي أعلنتها في السابق، منها إطلاق عملية تسوية أخرى لفائدة المهاجرين في وضعية غير قانونية، وذلك لتحقيق الإدماج الاقتصادي والاجتماعي لهؤلاء المهاجرين خاصة المنحدرين من بلدان إفريقيا جنوب الصحراء”.
ويعتقد المتحدث، أن مثل هذه المبادرات “تعكس مصداقية المغرب في مجال حقوق الإنسان وخاصة ما يتعلق باحترام حقوق المهاجرين”.
وأشار المحلل السياسي، إلى أن المملكة المغربية التي كانت بلد مصدر ثم بلد عبور، “تحولت منذ بضع سنوات إلى وجهة يفضلها العديد من المهاجرين غير القانونيين من جنوب الصحراء، وانطلاقا من واجب التضامن، ومن تقاليد الضيافة والاستقبال التي يتميز بها، قام المغرب مؤخرا بوضع سياسة جديدة للهجرة”.
وشدد ناصر، على أن المغرب، “استطاع وقف الهجرة إلى القارة العجوز مؤقتا، ودفع دول الإتحاد الأوروبي إلى الاعتراف بالمجهودات التي يبذلها في هذا المجال”. مؤكداً أن المملكة “تولي اهتماما كبيراً لقضية الهجرة والمهاجرين وذلك لعدة أسباب أهمها، أن أغلب هؤلاء المهاجرين ينتمون إلى القارة الإفريقية، وبالتالي فهم منا وعلينا، والمغرب يريد إدماجهم وجعلهم طاقة منتجة ومساهمة من خلال السياسية الرشيدة التي يتبعها الملك في هذه القضية”.
هذا، ودعا الملك محمد السادس، في رسالته إلى تصحيح مجموعة من المغالطات، التي قال إنها “تشوه صورة الهجرة بشكل مشين”.
وشدد العاهل المغربي، في الكلمة التي ألقاها، نيابة عنه رئيس الحكومة سعد الدين العثماني، اليوم الاثنين، إنه “لا وجود لتدفق الهجرة ما دام المهاجرون لا يمثلون سوى 3.4% من سكان العالم”.
واعتبر الملك أن الهجرة “لا تسبب الفقر لبلدان الاستقبال، لأن 85% من عائداتها تصرف داخل بلدان استقبالهم نفسها، مستطرداً: “الهجرة تمثل حلا وليس مشكلة، ومن ثم ينبغي مقاربتها من منظور إيجابي، مع تغليب المنطق الإنساني”.
واقترح الملك محمد السادس، في إطار “الأجندة الإفريقية حول الهجرة”، التي جرى تقديمها للقمة الـ 30 للاتحاد الإفريقي، إحداث مرصد إفريقي للهجرة ومنصب المبعوث الخاص للاتحاد الإفريقي المكلف بالهجرة، يرتكز عمله على ثلاثة محاور، هي “الفهم والاستباق والمبادرة”، حيث سيعهد إليه بتطوير عملية الرصد، وتبادل المعلومات بين البلدان الإفريقية، من أجل تشجيع التدبير المحكم لحركة المهاجرين.
جدير بالذكر، أن المغرب أطلق منذ سنة 2013، بتوجيهات ملكية، سياسته الجديدة للهجرة واللجوء، والتي ترتكز على أربعة محاور رئيسية تهم تسوية الوضعية القانونية لطالبي اللجوء والمهاجرين الذين تتوفر فيهم الشروط المطلوبة، وتأهيل الإطار القانوني المتعلق بالهجرة واللجوء، وبلورة وتنفيذ استراتيجية لإدماج المهاجرين واللاجئين تجعل منهم عنصر إغناء للمجتمع وعاملا لتحريك التنمية، علاوة على التصدي بكل حزم لشبكات الاتجار بالبشر.