نظم فريق الاتحاد المغربي للشغل، أخيرا، يوما دراسيا حول “قانون المالية بين الاستمرارية وضرورة إعادة النظر في النموذج الاقتصادي”، وذلك في سياق مناقشة مشروع قانون المالية لسنة 2018.
وقال المنظمون إن هذا اللقاء ناقش مكامن الخلل في مشروع قانون مالي يجب أن يفتح المسار لتقوية الفعالية الاقتصادية، والنهوض بالأوضاع الاجتماعية لكافة فئات الشعب المغربي، ورفع التحديات المتعددة التي تطرح على بلادنا، خصوصا في مجال العدالة الاجتماعية والعدالة المجالية.
وقالت أمال العمري رئيسة فريق الاتحاد المغربي للشغل، إن قانون المالية يجب أن يواكب التحولات الاجتماعية، خصوصا بعد الدعوة من أعلى مؤسسة في البلاد (المؤسسة الملكية) بإعادة النظر في النموذج التنموي، متسائلة عن التوجه الاقتصادي في ظل جدلية العلاقة بين النموذج الاقتصادي والنموذج التنموي، وفي الوقت الذي مازال الاقتصاد الوطني يعتمد على الفلاحة، وحتى المخططات المعتمدة لتحريك الاقتصاد والتشغيل، تعتمد على قطاعات صغيرة وهشة، لا تحل المشاكل الأساسية على المستوى البعيد.
وفي معرض تدخله، دعا عبد الحكيم بن شماش رئيس مجلس المستشارين، إلى ضرورة البناء على التراكم في مقاربة الموضوع على الصعيد الوطني، لإنتاج رصيد معرفي حوله، معتبرا أن من المفارقات أن تقدر الحكومة عدم الحاجة إلى إعادة النظر في النموذج التنموي، “إلى أن أقر جلالة الملك بضرورة التفكير في نموذج جديد”.
وأكد رئيس المجلس أن النموذج الحالي استنفد إمكانياته، لعدة اعتبارات منها أنه لم يفض إلى امتصاص البطالة، ولا تحسين مستوى عيش السكان، كما لم يحد من التفاوتات الاجتماعية والمجالية، والتي أصبحت تهدد الاستقرار والتماسك…
من جهته أشار الميلودي المخارق، الأمين العام للاتحاد المغربي للشغل، إلى أن الحركة النقابية ترى أن مشروع قانون المالية، أقل من تطلعات الشعب المغربي، واعتبر أن هذاالقانون روتيني تقليدي يكرس الاستمرارية، ولم يعط الأولوية للقطاعات الاجتماعية، معتبرا إياه تجميع للميزانيات القطاعية.
وقال المخارق إنه على المستوى الجبائي تبقى شريحة المأجورين هي التي تؤدي بانتظام الضريبة على الدخل دون تهرب، خلافا لشرائح اجتماعية أخرى، ما يستوجب إعادة النظر في فئة المأجورين من خلال رفع قيمة الأجور الدنيا المعفاة من الضريبة على الدخل.
وأكد أنه أصبح من العدالة أن تخصم مصاريف التمدرس من الوعاء الضريبي، تخفيضا للعبء على الأسر، التي أصبحت تقوم بدور الدولة في تمويل التعليم.
وفي ما يخص القطاع غير المهيكل، أشار الأمين العام إلى ضرورة البعث بإشارات جبائية تحفيزية لهذا القطاع الذي يمارس التهرب الضريبي والاجتماعي، في أفق إدماجه في القطاع المنظم. مشددا على ضرورة بلورة توصيات هذا اليوم الدراسي على شكل تعديلات تقترح في القانون المالي الحالي.
وتواصلت كلمات المتدخلين لتجمع على الظرفية الخاصة التي أتى فيها قانون المالية هذه السنة، تستدعي قراءة دقيقة للوضع الاقتصادي، كما أجمعت على ّانه قانون يضم فقط مجموعة من التدابير الضريبية والجمركية لغرض موازناتي وإجرائي لا غير، ولا يضم مؤشرات لاستعراض النموذج الاقتصادي.
وأكد المتدخلون أن إشكالية النموذج يجب ربطها بمعضلة المالية العمومية، فتجربة 50 سنة بينت أن هذا النموذج هو الذي استنزف المالية العمومية، وهو السبب في الأزمة المالية وتمظهرها الذي هو المديونية.
وأثار المشاركون عدة ملاحظات حول أهمية التشخيص للاقتصاد المغربي، وليس للسياسات العمومية، ليبقى قانون المالية قانونا ترقيعيا، يحاول فقط تلبية مجموعة من الانتظارات القطاعية والفئوية، وأن النموذج الحالي يعتمد على الطلب الداخلي، في حين أن قوانين المالية المتلاحقة لا تخدم هذا النموذج، وكانت دائما تسير في اتجاه ضرب القدرة الشرائية، والاعتماد على الطلب الخارجي.
وخلص اللقاء بإصدار عدد من التوصيات تتعلق في مجملها بضرورة التفكير في مالية اجتماعية من خلال إعادة تعريف القطاعات الاجتماعية، كقطاعات منتجة، وإعادة انتشار الموارد البشرية في الجهات، وربطها بإصلاح الوظيفة العمومية، وإعادة تقييم اتفاقيات التبادل الحر، وتقييم المناطق الحرة للتصدير، وإعادة النظر في التدبير المفوض على ضوء إشكالية الماء، ومراجعة السياسة الجبائية…