يتميز الدخول السياسي في المغرب لهذه السنة، بحساسية خاصة، في ظل الأحداث المتسارعة التي تشهدها الساحة السياسية الوطنية. وبما أن الدخول السياسي تحول إلى عرف دستوري دأب من خلاله رجال السياسة والمسؤولين على بسط خارطة الطريق السنوية لعملهم، فمن دون شك سيظهر الوجه الحقيقي لحكومة سعد الدين العثماني هذه السنة، كما ستظهر عيوبها وكذا إيجابياتها بشكل جلي.
وبما أن المغرب يعيش على وقع الدخول السياسي والاجتماعي، والذي عادة ما يستمر إلى غاية افتتاح الدورة الخريفية بالبرلمان، سيستأثر الخطاب الملكي الذي سيلقيه العاهل المغربي بهذه المناسبة باهتمام بالغ من قبل الطبقة السياسية والمواطنين على قدر سواء، بالنظر إلى حجم الملفات التي تفرض ذاتها بالبلاد، وعلى رأسها ملف “حراك الريف”، ونتائج التحقيقات في الاختلالات التي شابت الأوراش الملكية بالمنطقة ذاتها، وباقي مدن المملكة، التي من المرتقب أن ترسم الوجه الجديد للحكومة في ظل الحديث عن تعديل مرتقب.
ويرى الأستاذ محمد الفتوحي، المحلل السياسي في تصريح لـ مشاهد24، أنه من المرتقب جداً أن يشهد الدخول السياسي بالمملكة المغربية تغييرات جذرية، بالنظر إلى حجم القرارات والإجراءات المتوقع إعلانها، بالإضافة إلى مواجهة مرتقبة بين الحكومة والمعارضة، خصوصا بعد أشهر من لعبة جس النبض بين الطرفين، وتوجيه الضربات تحت الحزام في عدة محطات سابقة منذ تشكيل حكومة حزب العدالة والتنمية برئاسة العثماني.
وأضاف الفتوحي، أنه يبقى أهم الإجراءات المرتقب إعلانها، حدوث تعديل حكومي سيعصف بأسماء وزارية كبيرة عقب افتتاح الدورة الخريفية، فضلا عن عشرات مديري المؤسسات العمومية والمكاتب الوطنية، التي من المتوقع أن تشهد انقلابا في الكراسي، وذلك على خلفية التحقيقات التي أعطى العاهل المغربي انطلاقتها في مجلس وزاري سابق، بسبب تعثر المشاريع والأوراش بمختلف ربوع المغرب، لاسيما بمنطقة الريف التي تشهد احتجاجات اجتماعية.
وتتوقع عدد من التقارير الإخبارية، يؤكد المتحدث أن “يعصف التعديل الحكومي المرتقب بأسماء وزارية مغضوب عليها”.
ملفات اجتماعية ثقيلة
تضع حكومة سعد الدين العثماني، ضمن أولوياتها في الدخول السياسي لهذه السنة، تقليص معدل البطالة إلى مستويات قياسية. ويشكل هذا الملف نقطة سوداء في تاريخ الحكومة الفارطة، والتي لم تف بوعدها لتقليص حجمها في صفوف الشباب.
وسبق وأن أكد العثماني في عدد من الخرجات الإعلامية، أن الحكومة ستبذل كل ما في وسعها في هذا الملف، مشددا على أن تقليص معدل البطالة يرتبط أيضا برجال الأعمال والمركزيات النقابية والمقاولات.
ويرى المحلل السياسي محمد الفتوحي، أن تقليص البطالة في صفوف الشباب “هو امتحان اجتماعي عصيب ستمر منه الحكومة، نظرا لاتساع رقعة العاطلين لاسيما في صفوف المجازين وحاملي الشواهد العليا”.
ويتوقع المتحدث، أن تقوم الحكومة الحالية بدور كبير في هذا الملف لتلميع صورتها والتقرب من المواطنين، بتنظيم مباريات تخول الولوج إلى الوظيفة العمومية، مؤكدا أن هذا الإرث “ثقيل توارثته جل الحكومات المتعاقبة بالبلاد”.
أما فيما يخص رفع الدعم عن بعض المواد الموجودة في صندوق المقاصة، يضيف المحلل السياسي، فإن الحكومة “عبرت في برنامجها عن نيتها مواصلة تقليص نفقات الدعم، غير أن وزارة الشؤون العامة والحكامة دأبت على التأكيد على أن القرار مؤجل في انتظار إنجاز دراسة حول الفئات الفقيرة التي ستستحق المساعدة بعد رفع الدعم عن غاز البوطان”.
ومن ضمن العقبات التي قد تواجهها الحكومة في الدخول السياسي والاجتماعي الجاري، إمكانية فشل الحوار الاجتماعي مع المركزيات النقابية، والتي عبرت عن سخطها قبل أيام عن الحصيلة الأولية لعمل الحكومة. وتسعى المركزيات من خلال هذا الدخول المهم، إلى فتح نقاش هادف يخدم مصلحة الطبقة العاملة وتلبية مطالبها التي تصفها بالعادلة.