تأزمت العلاقة مجددا بين وسائل الإعلام الإسبانية وقيادة حزب “بوديموس”.
فقد منع الحزب الذي يتزعمه” بابلو إيغليسياس” على عدد من الصحافيين يمثلون منابر إعلامية مختلفة ضمنها جريدة الباييس وإذاعة “كادينا صير” وجريدة إلبريوديكو الكتالانية؛ حضور ومتابعة ندوة داخلية نظمها الحزب صباح اليوم بمقره الرسمي بالعاصمة مدريد.
ولم تقدم للصحافيين الذين قصدوا المكان للقيام بدورهم الصحافي المعتاد، أية توضيحات مقنعة استوجبت استثناءهم من تغطية لنشاط منظم من طرف حزب ممثل في البرلمان يسعى للوصول إلى رئاسة الحكومة في المستقبل، ما يفرض عليه الانفتاح والتعامل مع مخالفيه في الرأي برحابة صدر وخاصة مع ممثلي السلطة الرابعة
وبرر ت مصادر في “بوديموس” الإجراء العقابي الذي انتقده من حضر من الصحافيين؛ بررته بالقول إن اللقاء داخلي وليس مفتوحا في وجه كل الصحافيين، علما أن من حضره من مندوبين عن وسائل الإعلام، لا يقاسمون الحزب المثير للجدل مواقفه وتوجهاته.
ويعكس الحادث المستغرب وقوعه في مجتمع ديمقراطي، أزمة ثقة بين الحزب اليساري، ووسائل الإعلام الإسبانية التي تتفاوت في حدة انتقادها لبوديموس؛ جراء المواقف المثيرة للجدل التي يعلنها بخصوص عدد ممن القضايا السياسية والاجتماعية الكبرى؛ كما تشيرالواقعة المتكررةإلى احتمال خلاف داخلي بين أعضاء قيادة الحزب نفسه، ما يجعل بعضهم يحتاطون أو يخشون من الصحافةالمستقلة.
وكانت الحركة التي تصنف نفسها ضمن اليسار الجديد، قدتعاملت مع الصحافة بنفس السوء خلال مؤتمرها العام، في شهر مارس من العام الجاري، ما استوجب صدور بلاغ عن نقابة الصحافة في مدريد، دان سلوك. قيادة”بوديموس” وذكرهم بأنهم في بلد يومن بالتعددية الفكرية والسياسية
ويعيد الحادث إلى الأذهان نظرة “بوديموس” إلى الإعلام بصفة عامة ؛ فقد سبق للزعيم ،بابلو إيغليسياس، حينما سعى بكل حماسته، إلى تشكيل حكومة يرأسها الأمين العام للحزب الاشتراكي ” بيدرو سانشيث” في أعقاب الانتخابات التشريعية الأولى نهاية العام 2015؛ فقد اشترط “ايغليسياس” الذي اقترح لنفسه منصب النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء الافتراضي ، الإشراف على وسائل الإعلام الحكومي بدءا من الجريدة الرسمية ،فوكالة الأنباء، فقنوات التلفزيون العمومي، دون نسيان وزارة الدفاع والاستخبارات الداخلية والخارجية وغيرها من الوزارات السيادية ما رأى فيه كثيرون نزوعا نحو الاستبداد
وأرعبت تلك المخاوف في حينها الطبقة السياسية في إسبانيا وخاصة القوات المسلحة وركائز الدولة العميقة.
وأمام تعطش للسلطة لا يخفيه زعيم،بوديموس، فإن الصحافة الإسبانية في مجملها لا تكون رحيمة في الغالب حياله.وفي اعتقاد كثير من الأقلام والمنابر، أنه قد يجر البلاد نحو نفق أزمة سياسية يمكن أن تؤدي إلى حدوث انقسام حاد في المجتمع.
ومن بين الدلائل على هذا النزوع الفوضوي، أن “إيغليسياس” تقدم في المدة الأخيرة بملتمس رقابة ضد الحكومة دافع عنه كمرشح لرئاسة مجلس الوزراء خلفا لماريانو راخوي ، بينما عدد نواب حزبه دون النصاب القانوني الكافي لإسقاط الحكومة، فضلا عن أن الحزب الاشتراكي أخبره بأنه سيقاطع التصويت على الملتمس . ويشترط زعيم”بوديموس” على الاشتراكيين عدم التحالف أو حتى التنسيق مع حزب آخر جديد هو “ثيودادانوس” بزعامة البرت ريفيرا،الذي يعتبره الزعيم الشعبوي ،ملحقا وتابعا للحزب الشعبي اليميني.
تجدر الإشارة في هذا الصدد أن يومية ،الباييس، الواسعة الانتشار، تعارض في خطها التحريري توجهات الحزب الجديد وتعتبره فوضويا ، مثلما تنتقد زعيم الاشتراكيين الجديد القديم ،بيدروسانشيث، لأنه يطمع في أن يوصله تأييد،بوديموس، في يوم من الأيام ،إلى قصر “لا منكلوا” وقد تجدد هذا الحلم عند،سانشيث، بعد نجاحه في استعادة منصب الأمين العام وفرض خطه الأيديولوجي على الاشتراكيين الإسبان في مؤتمرهم 39 بل أصبح ، ساشنيث، بحكم التعديلات التنظيمية التي أدخلت على القانون الأساسي ،اصبح الزعيم غير المنازع ، وهذا ما جعل محللين يتوقعون بروز صعوبات في طريقه ،إن إصر على التشدد وعدم مراعاة الحساسيات التعددية في اقدم حزب يساري في إسبانيا .لكن الأخطر رهانه على التحالف مع “بوديموس”وخروجه عن خط يسار الوسط.