الرئيسية / سياسة / المهدي الإدريسي: المغرب حقق نجاحا في محاربة الإرهاب لكنه ليس في منأى عنه

المهدي الإدريسي: المغرب حقق نجاحا في محاربة الإرهاب لكنه ليس في منأى عنه

في مثل هذا اليوم، قبل 14 سنة، كان المغرب على موعد مع ضربة إرهابية أليمة أوجعت قلب الدار البيضاء وقلب أسر كانوا يؤمنون انهم يعيشون في مأمن عن أي خطر  يهدد حياتهم أو حياة أبنائهم أو أقربائهم.

ففي يوم 16 ماي من سنة 2003، نفذ عدد من أبناء المدينة هجمات انتحارية استهدفت فندق فرح، والمطعم الإسباني “لاكاسا دي إسبانيا”، ثم المركز اليهودي ومطعم إيطالي.

هذه الأحداث جعلت المغرب يعيد النظر في المقاربة الأمنية، ويستنفر كل طاقاته لإعادة الثقة للمواطن في استقرار بلده وأمنه.

إحياء لهذه الذكرى الأليمة، يقدم الباحث في العلوم السياسية، المهدي الإدريسي، قراءته في هذا الحوار:

 

  • ما هي القراءة التي يمكن القيام بها الآن لأحداث 16 ماي، في ظل التطورات التي عرفتها بلادنا في مجال مكافحة الإرهاب؟

قد يبدو المغرب اليوم أنه أصبح قادرا على مواجهة الإرهاب، من خلال تطوير استراتيجيته الأمنية، وإعداد ترسانة من الآليات القانونية والاحترازية، لكن هذا يتناقض مع كل المؤشرات، سيما أمام العدد المهول للمحاولات التي يتم إجهاضها، والخلايا التي يتم تفكيكها، وحتى أمام الزخم العالمي لتنفيذ عمليات الإرهاب. وبالتالي، يمكن القول إن الإرهاب أضحى اليوم، قضية دولية لا يمكن التنبؤ لا بتوقيتها ولا بآثارها..

 

  • هل يمكن القول ان المغرب أصبح في منأى عن خطر الارهاب والتطرف؟

لا يمكن القول أن أي دولة هي في منأى. بالنظر إلى ما يجري اليوم من عمليات منها ما ينفذ ومنها يتم إجهاضه، وبالنظر إلى الاعداد الخلايا التي تتفرخ يوما عن يوم، رغم الوصول إلى تفكيكها قبل حدوث الكارثة.

صحيح أن المغرب ينهج سياسة ناجعة تجاه صد العمليات الإرهابية، وهذا يظهر جليا من خلال الدور الذي يقوم به مركز الأبحاث القضائية، وكذا وزارة الداخلية بشهادة دول كثيرة أصبحت تستعين بالنموذج المغربي، ويقدم فيها المغرب دعما كبيرا، لمخابراتها من اجل استباق هذه الضربات، مثل ما حدث مع أحداث بلجيكا وفي باريس. لكن أعتقد أنه لا يمكننا تجاهل أن الاستراتيجية التي يعتمدها تنظيم “داعش”، بعدما تم إنهاكه، وفي القريب سيتم اجثتاته… هي استراتيجية تقوم على التمدد عبر أقاليم أخرى، كسوريا وليبيا، وقد تتحول عبر الجزائر…  لذا أقول إنه إذا كان المغرب قد نجح حتى الآن في محاربة الإرهاب، إلا أنه ليس في منأى عن التطرف، نظرا للتطورات التي يعيشها العالم في مجال انتشار رقع الإرهاب.

 

  • برأيك، هل المقاربة الأمنية المتقدمة، والحاسمة في إجهاض عدد لا يحصى من العمليات الإرهابية بالمغرب، كافية لانتزاع فتيل التطرف من مجتمعنا؟ ومن الأجدر في نظرك بلعب الدور الكامل في حماية المجتمع وخصوصا الشباب من التطرف؟

 

أعتقد أن محاربة الإرهاب، حتى وإن كان يلعب فيها الدور الأمني المحض دورا أساسيا، إلا أنه ينبغي كذلك إعادة النظر حتى في أدوار أخرى.. وفي هذا الإطار لابد من التذكير بالجوانب التربوية، أو حتى تلك المرتبطة بالفقه إذا جاز القول ذلك، من خلال الدور الذي يقوم به المغرب في نشر المذهب المالكي في غرب إفريقيا ، كمذهب للاعتدال والتسامح وتقبل الآخر.

أعتقد أنه يجب أيضا الرهان على المقاربة التربوية بشكل شامل، فهي مقاربة أساسها المدرسة وإعادة النظر في مجموعة من المناهج التعليمية، وعلى رأسها منهج التربية الإسلامية والفلسفة. وقد لاحظنا أن المغرب بدأ يعي هذا الدور، عندما وعد وزير التربية الوطنية الحالي بمراجعة مناهج التربية الإسلامية، وإعادة الاعتبار لمادة الفلسفة التي أعتبرها مادة قادرة على تشجيع الشباب على التفكير النقدي والمساهمة في التنوير الفكري المساعد على نبذ التطرف.