الرئيسية / سياسة / خانها قلبها الضعيف… وفاة “كارمي شاكون” وزيرة دفاع إسبانيا السابقة
كارمي شاكون

خانها قلبها الضعيف… وفاة “كارمي شاكون” وزيرة دفاع إسبانيا السابقة

أعربت الطبقة السياسية الإسبانية بمختلف أطيافها، عن تأثرها وحزنها على الرحيل المفاجئ لوزيرة الدفاع السابقة “كارمي شاكون ” التي عثر عليها مساء أمس الأحد، جثة هامدة في مسكنها بالعاصمة الإسبانية مدريد، بعد قلق الأصدقاء على غيابها وغيابها عن  مواعيد محددة سلفا وهي المشهورة بانضباطها الشديد. وكانت الراحلة (46 عاما) تعاني من عيب خلقي في القلب، لا علاج له، اكتشفه  عندها الأطباء وهي في سن العاشرة حيث أعربوا حينئذ لوالديها عن الأمل في تطور الطب الحديث، وفي انتظار المعجزات الطبية نصحوها بالتقيد بالتعليمات التي ينصح مريض من هذا النوع بإتباعها وفي مقدمتها المواظبة على التمارين الرياضية التي انضبطت لها الراحلة وفضلتها على حصص “البيانو” الذي كانت تعشقه.

وعلى الرغم من أن “شاكون” كانت تعلم مسبقا أنها تعيش مع وقف التنفيذ، بالنظر إلى ضعف عضلات القلب حبت لا تتجاوز نبضاته 35 في الدقيقة، فإنها انخرطت في الحياة السياسية العامة وهي شابة في سن 18 وعرفت بنشاطها المكثف والدؤوب في الحزب الاشتراكي العمالي؛ ابتدأت مناضلة عادية في القواعد لتصبح أول سيدة إسبانية تتولى وزارة الدفاع عام 2008 في الحكومة الثانية لخوصي لويس ثباطيرو ،الذي رقاها من وزارة الإسكان، إلى الإشراف على تدبير شؤون القوات المسلحة الإسبانية. وكان على الوزيرة بعد تعيينها مباشرة وزارة الدفاع  السفر في طائرة عسكرية، إلى أفغانستان وهي حامل في الشهر السابع بطفلها الوحيد الذي أصبح يتيما وهو في الثامنة من العمر؛ وذلك للقيام بواجب تفقد الوحدات المرابطة في أفغانستان في إطار قوات التحالف الغربي.

شاكون وطفلها الوحيد

  وعللت “شاكون” زيارتها مجيبة من نصحها بتجنب ركوب الطائرة وهي في وضع صحي غير ملائم، قائلة: إن الحمل ليس مرضا؛ مضيفة، وهي من عائلة متوسطة، أنها تفكر في العاملات الحاملات اللائي يقضين النهار كله واقفات.

وأعانت  الشجاعة والثقة في النفس وكذا إيمان “شاكون” بالانتصار على  المرض، على  تجاوز كل الصعاب التي واجهتها خلال مسارها الحافل بالعمل  ،فقد انتخبت  عضوا في البلدية ثم نائبة في البرلمان خلال خمس ولايات تشريعية   إلى جانب ارتقائها في السلم الحزبي إلى مرتبة القيادة ، بل إنها أصبحت قاب قوسين أو أدنى من مسؤولية الأمانة العامة للاشتراكيين، ولم تفرقها سوى أصوات معدودة في منافسة  الأمين العام الأسبق  “الفريدو روبالكابا” ثم راودتها  فكرة الترشح مرة أخرى  لكنها عدلت عن ذلك لصالح المرشح “بيدرو سانشيث” الذي اختارها ضمن أبرز العناصر القيادية  في فريقه التنفيذي  واسند إليها ملف  العلاقات الخارجية ،غير أنها انسحبت بهدوء من المركبة  بعدما توالت الخلافات في الحزب الاشتراكي العمالي  وخاصة على أثر  تراجعه الأول في الانتخابات التشريعية في ديسمبر عام 2015 حيث  فازت فيها “شاكون”  بمقعد في البرلمان وكانت رأس قائمة حزبها في مدينة برشلونة.

رفضت” شاكون” الترشح لانتخابات يونيو عام 2016 إذ تراجع حزبها مجددا بزعامة” سانشيث” لتقرر، بعد إجبار الأخير على الاستقالة، العودة إلى ممارسة مهنة المحاماة والحصول على صفة محاضر في إحدى الجامعات بالولايات المتحدة “ميامي” حيث لم يمض على لقائها الأخير بطلابها أكثر من شهر.

تجدر الإشارة إلى أن “شاكون” وهي من إقليم كاتالونيا، لم تساير الحراك السياسي الذي عرفه الإقليم حين طالبت بعض الأحزاب بالانفصال عن إسبانيا عبر تنظيم استفتاء تقرير المصير بالإقليم. عارضت موقف نواب حزبها في الإقليم وامتنعت عن التوقيع على بيان مساندتهم لمطلب الدعوة إلى الاستفتاء معربة عن رأيها الصريح في التوجهات الانفصالية بالتأكيد على  أن مستقبل “كاتالونيا” وإسبانيا أن يظلا متحدين ضمن العائلة الأوروبية. وبسبب موقفها الوطني ونجاحها في المهام الرفيعة التي تقلدتها ولسمعتها الطيبة   وعلاقاتها المتواضعة بالناس؛ فقد حزن الجميع لرحيلها بدءا من العائلة المالكة مرورا بالزعامات الحزبية إلى ابسط الناس: أما عائلتها الاشتراكية فقد رزئت بفقدان  ركيزة مناضلة، شهد لها الجميع بالذكاء والتفاني في العمل.