الرئيسية / سلايد شو / عتيق السعيد: تعيين سعد الدين العثماني كان شبه متوقع

عتيق السعيد: تعيين سعد الدين العثماني كان شبه متوقع

 

قدم عتيق السعيد، الباحث الجامعي في القانون العام والعلوم السياسية بجامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء، تحليلا مفصلا لما يجري اليوم على الساحة السياسية من تجاذبات أفرزت أزمة على مستوى تشكيل الحكومة. عن تعيين الرئيس الجديد للحكومة، وتأثيرات البلوكاج الحكومي، وتجاذبات الأحزاب السياسية، يتحدث الدكتور الجامعي في هذا الحوار الذي خص به “مشاهد 24”:

 

  • – ما هي قراءتكم لتعيين سعد الدين العثماني رئيسا جديدا للحكومة؟

 

– تعيين سعد الدين العثماني كان شبه متوقع كون الرجل له مكانته داخل الحزب كما يشهد له بالكفاءة و الحس الوطني العالي و فد أبان عن حكمته في التعاطي لملفات سياسية. أعتقد جازما ان العثماني سيكون أكثر جرأة و حزم في التعجيل بتشكيل الحكومة لاسيما ان جل الفرقاء يكنون له الكثير من التقدير حيث أنه طوال السنوات الماضية ظل بعيداً عن الصراعات السياسية خارج الحزب.

 

  • يرى البعض أن بنكيران خرج أقوى من هذه الأزمة كونه لم يرضخ لمنطق التحكم في اختياراته. كيف تقيمون من جهتكم طريقة هذا الإعفاء؟

 

-لا يختلف الكثيرون على أن بنكيران زعيم سياسي وطني كبير، له مواقف متعددة الأكيد نجح في بعضها وخسر في بعضها، لكن الرجل دافع بقوة على مؤسسة رئاسة الحكومة، ولاسيما على الشرعية الانتخابية، وعمل أيضا على حماية القرار الحزبي المستقل. من هنا يمكن القول أنه خرج أقوى مما كان عليه بالأزم.

أما طريقة “الإعفاء”على حد قولك، فقد كانت متوقعة بعد التعثر الذي دام لنصف سنة تقريبا. والملك، من خلال الصلاحيات الدستورية، عمل على تفعيل الفصل 47 ، وبالتالي بلاغ الديوان الملكي يعبر عن إنهاء تكليف “عبد الإله بنكيران” من مهمة تشكيل الحكومة، حيث ان هذا البلاغ لم يستعمل أي مصطلح يدل بشكل مباشر على صيغة الإقالة أو الإعفاء، بل أشار إلى ضرورة تكليف شخصية سياسية أخرى من حزب العدالة والتنمية، للتسريع في فك مكامن التعثر الحكومي بعد أن ساد المناخ السياسي تعثرات حزبية أفرزت تجاذبات وتحالفات بين الأحزاب السياسية، دامت ما يناهز ستة أشهر من النقاشات المسدودة.

 

  • برأيكم، هل خمسة أشهر من البلوكاج، مردها إلى تعنت بنكيران أم صموده؟

 

– أولا التعثر في تشكيل الحكومة لم يتحمل نتيجته عبد الاله بنكيران لوحده، رغم ما له من مسببات حالت دون تفعيل التحالفات، إلا أن مجموعة من الأطراف لعبت دورا في “البلوكاج” الحكومي أقصد أمناء أحزاب أخرى.

ثانيا، أعتقد جازما أن المناخ السياسي ساهم في بروز تعثرات أفرزت تجاذبات بين الأحزاب السياسية، وهي سابقة في تاريخ المشهد السياسي، الذي يعرف تحولا ديمقراطيا مقترن بدستور2011. فالتعثر أو “البلوكاج” لم يرتبط بشكل كبير في تعنت بنكيران بقدر ما ارتبط بالشروط، التي ربما قدمها هذا الرجل للأحزاب الراغبة في التحالف بمعنى الشروط الاستباقية لقبول التحالف. زيادة على أن بنكيران لا يمثل نفسه، بل حزب له قرارات يجمع عنها المجلس الوطني وهيئاته، و بالتالي كان لابد من عدم تجاوز الخطوط الحمراء التي وضعها الحزب ما زاد من تعقيد العملية.

 

  • بلاغ الأمانة العامة للعدالة والتنمية يؤكد تشبت الحزب بالمقتضيات الدستورية والاختيار الديمقراطي في مشاوراته المقبلة. ما يعني أن عليه أن يفاوض بنفس شروط بنكيران. هل يعني هذا أننا سنعيش فترة بلوكاج جديد؟ أم سنرى مرونة في التعامل لدى المشاورات المقبلة؟

 

– مراعاة المقتضيات الدستورية والاختيار الديمقراطي هي مسألة لا جدال فيها، والقانون يفرضها. ما دون ذلك فهو أمر قابل للنقاش، و بالتالي لا أعتقد أن من الضرورة أن يفاوض الرئيس الجديد بنفس شروط بنكيران، لأن بلاغ الديوان الملكي واضح، وغايته تسريع المفاوضات والخروج بحل للأزمة، وإلا سنكون أمام نفس المعيقات السابقة.

 

  •  إلى أي حد تم احترام الدستور في اتخاذ  هذا القرار، علما أن الصراع هو بين أشخاص أكثر  منه بين مؤسسات؟

 

– تعيين شخصية سياسية أخرى من رحم حزب العدالة والتنمية بديلا عن عبد الإله بنكيران يفيد أن جلالة الملك عمل على احترام وتفعيل الفصل 47 من الدستور الذي ينص على تعيين الملك رئيس الحكومة من الحزب السياسي المتصدر للانتخابات وعلى أساس نتائجها.

ولهذا فالتدخل الملكي في التسريع بتشكيل الحكومة هو دستوري يمنح فرصة جديدة لشخصية ثانية من الحزب الفائز الذي هو مؤسسة سياسية يفترض أنها تزخر بكوادر قادرة على تجاوز كل هاته العراقيل. وبالتالي هي رسالة واضحة لجميع الأحزاب بالمغرب بأنها مؤسسات سياسية مطالبة بالانخراط في السياسات العمومية، وأنها لا يمكن لا اليوم و لا غدا أن تتوقف على شخص محدد كيفما كان، بل هي كيان متعدد المناضلين.

 

  • البعض يرى في إعفاء بنكيران خطوة أولى في طريق إعفاء الحزب ككل من المشهد السياسي الحالي؟ ما رأيكم؟

 

– قبل ان نتحدث عن اعفاء بنكيران لابد من الإشارة إلى أن جلالة الملك عيّن بنكيران الأمين العام لحزب العدالة والتنمية الفائز في الانتخابات، رغم وجود إمكانية تعيين شخصية من نفس الحزب دون ضرورة تكليف الأمين العام نفسه، حيث يبدو أن الملك قدم فرصة لشخص بنكيران على أمل تشكيل الحكومة الجديدة. و صاحب الجلالة احترم المسار الديمقراطي الذي نهجه المغرب ما بعد التعديل الدستوري الأخير، من خلال عدم التدخل بصيغة التحكيم الملكي،  الذي لطالما انتظرته جل الأحزاب السياسية، إلا أن جلالته احترم نتائج الاقتراع وعمل على تفعيل الفصل 47 من الدستور بغية تشكيل الحكومة التي لم ترى النور.

إن السياق العام الدولي ولاسيما الإقليمي مهد الطريق، بشكل كبير، لحزب العدالة والتنمية نحو الانخراط في الحياة السياسية “بيسر سياسي”. لذا اعتقد أن الوضع الحالي يجعل الحزب في مكانة قوية، وربما الأقوى بين باقي الأحزاب، لا من ناحية القاعدة الشعبية التي تترجم حضورها في صناديق الاقتراع، ولا من خلال التنظيم الحزبي الداخلي وهيكلته.