الرئيسية / سياسة / الإعلام الإسباني ينتفض ضد التشهير به من طرف حركة “بويدموس” الشعبوية
بوديموس

الإعلام الإسباني ينتفض ضد التشهير به من طرف حركة “بويدموس” الشعبوية

ساءت  العلاقات المتوترة أصلا، بين الصحافيين الإسبان وحركة “بوديموس”  في المدة  الأخيرة، على إثر الهجمات المتكررة التي تعرض لها الجسم الصحافي الإسباني، جراء  قيامه  بواجب الإخبار والتعليق  والتحليل؛ وهي ممارسات طبيعية  في مجتمع  ديمقراطي تعددي، لكنها، كما يبدو، لا تروق الحركة  التي يتزعمها “بابلو إيغليسياس” ما جعله يطلق  العنان للسانه وكذا الملتفين حوله، لكيل الاتهامات الثقيلة  إلى الصحافيين، لدرجة انتقادهم بالاسم العائلي والشخصي في منتديات سياسية  وثقافية كما حدث أخيرا أثناء حضوره  تقديم كتاب بجامعة مدريد المستقلة، حيث تهجم على بالإسم  صحافي  من جريدة “إلموندو” اليومية  التي لها موقف انتقادي من الحركة انسجاما مع خطها التحريري.

وفي هذا السيا ورفضا لما وقع ، انتقضت يومه الإثنين، جمعية الصحافيين بالعاصمة مدريد، وأصدرت بيانا قوي اللهجة  ضد “بوديموس”  طالبة من الحركة الكف عن الاستمرار في حملة تشهير منهجية تستهدف الصحافيين عبر مختلف وسائل التعبير  وشبكات التواصل الاجتماعية، بما في ذلك  تهديد أنصارها بالمكالمات الهاتفية وبعث  الرسائل النصية.

وأشار بيان الجمعية إلى أن “بوديموس” تسعى إلى إسكات الصحافيين ومنعهم من ممارسة مهنتهم، وفق الأخلاقيات والقناعات التي يؤمنون بها وليس كما تريدهم الحركة.

وأصدرت جمعية الصحافيين بيانها، وهي الثانية بعد موقف الاحتجاج الذي صدر لنفس السبب عن الصحافيين المعتمدين في البرلمان الإسباني بعد أن  نالوا نصيبهم من التجريح  من طرف قادة “بوديموس” مبرزة أنها اتخذت موقفها بعد ان توصلت بعدد من شكايات تظلم  العاملين في الصحافة وتأكدت من مواقف التهجم عليهم من طرف “بوديموس” وهذا سلوك مخالف، تقول الجمعية، لقواعد الديمقراطية والدستور الضامن للحريات الفردية بل إن هذه الممارسات  الصادرة عن حزب سياسي، تستهدف  إشاعة  أجواء الخوف وسط الصحافيين لكي يخضعوا لإملاءات  خارجية  وليمارسوا رقابة ذاتية على تغطياتهم.

ولوحظ أن اليوميات الكبرى الواسعة الانتشار في إسبانيا، أبرزت  اليوم في صدر صفحاتها الأولى وطبعاتها بيان جمعية صحافيي العاصمة الإسبانية، ما يدل على توتر في العلاقة بين الجسم الإعلامي وبين الحركة، على خلفية النزعة الشعبوية الفوضوية التي تهيمن على الفكر السياسي لـ “بوديموس”  والذي لا يقبل  الرأي المخالف والنقد الموضوعي.

ومن المفارقات أن الصحافة الإسبانية بمختلف تعبيراتها، شكلت الدعامة الإعلامية والترويجية لـ “بوديموس” حين ظهرت كحركة احتجاجية لا يعرفها أحد، فقامت الصحافة بل أفرطت في تغطية احتجاجها ما ساعد على انتشارها بين الراي العام الإسباني لدرجة أنها حققت في ظرف وجيز، انتشارا لم تنعم به تنظيمات سياسية عريقة قبلها.

وظهر تعطش الحركة للتحكم في  الإعلام ، بعد أن استقوى عودها وحصولها على مكاسب سياسية ضخمة حيث أصبحت القوة الثالثة في البرلمان الإسباني بعد انتخابات نهاية العام 2015، بل إنها زاحمت الحزب الاشتراكي الذي قضى قرنا في معترك النضال داخل المجتمع الإسباني قاسى خلاله الويلات.

وعبرت الحركة عن رغبتها في الاستحواذ على الصحافة بتعبيراتها ، من خلال الاشتراطات التي فرضتها على زعيم الحزب الاشتراكي السابق، بيدرو سانشيث، خلال مفاوضاته معها من أجل تشكيل حكومة اليسار، إذ طالبت بالإشراف على وزارات سيادية والمخابرات  وكذا  وسائل الإعلام الحكومية بما فيها  الجريدة الرسمية، ما يتيح لها ممارسة سلطة التقنين والضبط  وقولبة العاملين في الإعلام  في قالب واحد وموحد على غرار الأنظمة الشمولية.

ويتزامن وقوف الصحافيين الإسبان ضد انزلاق “بوديموس” مع ما يجري في الولايات المتحدة حيث عمد الرئيس الجديد “ترامب” إلى شيطنة وسائل الإعلام في بلاده  لحد منعها من حضور وتغطية مناسبات قومية وتظاهرات سياسية، وهي سابقة في تاريخ الدولة العظمى، لا بد وأن تكون لها تداعيات.