الرئيسية / سياسة / ترشيح بيدرو سانشيث للأمانة العامة يعيد عقارب ساعة الاشتراكيين الإسبان إلى الوراء
بيدرو سانشيث

ترشيح بيدرو سانشيث للأمانة العامة يعيد عقارب ساعة الاشتراكيين الإسبان إلى الوراء

عادت عقارب ساعة الحزب الاشتراكي العمالي الإسباني، إلى ما قبل الفاتح من شهر أكتوبر الماضي، اليوم الذي تمت فيه إقالة الأمين العام السابق، بيدرو سانشيث ، الذي عارض بكل قواه غياب نواب الحزب عن تصويت منح الثقة في مجلس النواب، لحكومة الأقلية الحالية التي يرأسها زعيم الحزب الشعبي، ماريانو راخوي.

وصباح يومه السبت، انتقل  الأمين العام المقال إلى مدينة  “بلنسية” الأندلسية، ليعلن منها ترشحه للأمانة العامة، باسم ما اسماه تيار القاعدة المناضلة في الحزب.

وشكل الإعلان مفاجأة لكثيرين، اعتقدوا أن مرحلة “سانشيث” ولت إلى عير رجعة، بعد ما  حسمت في أمرها  صناديق الاقتراع التشريعي مرتين، تراجع  فيهما الحزب عن النتيجة التي حازها عام 2014  في ظرف عسير واجهه الاشتراكيون آنذاك، جراء الأزمة الاقتصادية  غير المسبوقة التي تحملت تبعاتها  حكومة الأمين العام السابق  خوصي لويس ثباتيرو، ما دفعه إلى  ترك رئاسة الحكومة وأمانة الحزب، شعورا منه بالفشل دون أن يتهرب من  المسؤولية بشجاعة، فنال احترام الناس وتعاطف المناضلين الذين قدروا أن الكارثة التي حلت بالبلاد، خالفت كل التوقعات من اليمين واليسار.

واختار سانشيث، فيما يشبه التحدي، المعقل الانتخابي والحزبي لزعيمة الاشتراكيين في الإقليم ورئيسة حكومته، سوسانا دياث، ليفجر فيه  قنبلته الصغيرة، دون التنسيق معها أو إخبارها سلفا،على ما يبدو، وهي التي ما زالت مترددة  في خوض غمار السباق على الأمانة العامة،مدفوعة بأكبر عدد من الاشتراكيين في الأندلس، إذ  ترجع  ترددها إلى مسؤوليتها المحورية في حكومة الإقليم حيث سيصعب عليها الجمع بين تسيير الحزب وتدبير الشأن المحلي.

ومن المؤكد أن يضاعف ترشيح”سانشيث” المتاعب للقيادة المؤقتة الحالية، بل ربما خلط الأوراق أمامها  وفي صفوف التنظيم  خاصة وأن الطامح مجددا في الزعامة، مطرود يخرق الأعراف التي ألفها الاشتراكيون والتي تقضي بأن المسؤول الحزبي  الأول الذي يفشل في الانتخابات، يترك مقعده طواعية  لمن يختاره رفاقه. كذلك تصرف الأمناء العامون السابقون الذين أخفقوا  لسبب من الأسباب،في إعادة الحزب إلى قصر “لامنكلوا”.

وبالتالي فإن الخروج على القاعدة السياسية والأخلاقية، سيثير جدلا ساخنا  و تباينا حادا  في الرأي المواقف  بين المنتسبين للحزب، الموزعين أصلا بين الوفاء لقناعاتهم الإيديولوجية اليسارية وبين شعورهم أن الشمس بدأت تزور عن حزبهم، وهذا  وضع يفرض علي الجميع  التعامل مع المستجدات السياسية في المجتمع بموضوعية وعقلانية،وتبعا لموازين القوى الجديدة.

وفي هذا السياق لا يستبعد أن يترشح آخرون للأمانة العامة، إضافة إلى المرشح الأول “باتسي لوبيث” رئيس البرلمان السابق المترتب عن انتخابات ديسمبر 2015 والذي حله العاهل الأسباني  بعدما  فشل  “بيدرو ساتشيث” في تشكيل أغلبية برلمانية، ما فتح الباب أمام  إعادة الانتخابات التشريعية في يونيو 2016 التي أكدت نتائجها  صدارة للحزب الشعبي.

وكان لوبيث، صرح  بعد إعلان ترشيحه أنه أقدم على الخطوة بدافع التوفيق والتآلف بين التيارات والرغبة كذلك في تجديد مرجعية  المشروع الاشتراكي، مؤكدا أنه لن يقصي أحدا بمن فيهم الأمين العام  السابق المقال من طرف أجهزة الحزب  في شهر أكتوبر الماضي، بتصويت ديمقراطي.

وفهم الملاحظون من تصريح “لوبيث” الذي ساند إلى ٍآخر لحظة، سانشيث، أن الأخير قد لا  يجرؤ على الترشيح.

وعلى  افتراض أن القاعدة الشعبية تؤيده، فإن “بارونات” الحزب لن يقبلوا بمن فشل زعيما لهم، فضلا عن أن القيادة المؤقتة، تفكر في إعادة النظر في بعض بنود القانون الأساسي للتنظيم في أفق التقليص من صلاحيات الأمين العام، بمعنى أن التوجه الغالب يحبذ انتهاج قيادة جماعية  على الأقل في غضون الظرف الانتقالي الذي يمر منه الحزب والذي يستوجب وحدة الصف والالتفاف حول الحد الأدنى المشترك.

فكيف سيكون المشهد إن قررت، سوسنا دياث، من جهتها،النزول بثقلها الكامل في المعركة وهي التي تتمتع  بتأييد  عدد من الفدراليات الاشتراكية من جهة ومسنودة من أغلب  الأمناء العامين السابقين، بدءا من فيليبي غونثالث إلى لويس  ثباتيرو.

هل تتحمل الوضعية الصحية الداخلية للحزب الاشتراكي، الانخراط  في سلسلة معارك ونقاشات ساخنة لا تستوعبها  الفترة الزمنية الفاصلة عن المؤتمر العام المقرر في شهر مايو المقبل.

وبصرف النظر عن تداعيات إعلان، سانشيث، الذي لا يحظى حتى الآن بتأييد حزبي  لافت ووازن ومؤثر، فإن عواصف النقد ستنهال عليه من وسائل الإعلام الإسبانية التي وجهت له نقدا عارما حينما كان على رأس الحزب الاشتراكي،وحملته مسؤولية الانسداد الحكومي  الذي دام حوالي سنة، مثلما عابت عليه رهانه على حزب “بوديموس”  الذي تتقاذفه الرياح  العاتية في الوقت الراهن استعدادا لمؤتمره العام وسط خلافات علانية بين بعض قيادييه.

يبدو أن الساحة السياسية لن تهدأ في إسبانيا.

loading...