الرئيسية / سياسة / الحنين يشد الإسباني “ماريا أثنار” إلى السياسة واستبعاد إعلان حزب جديد
ماريا أثنار

الحنين يشد الإسباني “ماريا أثنار” إلى السياسة واستبعاد إعلان حزب جديد

لم يصدق كثيرون في إسبانيا،أن تخلي رئيس حكومتها الأسبق خوصي ماريا أثنار ، عن الرئاسة الشرفية للحزب الشعبي، اتخذها  بدافع التفرغ لمؤسسة الدراسات “فايس” التي يرأسها، خاصة وأنه  أعلن في نفس الوقت فك ارتباط المؤسسة بالحزب الشعبي ورفضها التمويل الحكومي، بينما كانت تعتبر في الماضي الذراع الإيديولوجي للتنظيم

واستنتج الملاحظون أن قرار تخلي “أثنار” الذي حدث منذ حوالي شهر، عن المنصب البروتوكولي في الحزب، يخفي خلافا عميقا  اتسع مع الوقت بينه وبين  خليفته، ماريانو راخوي، رئيس الحكومة الحالي، تزامن ظهوره إلى العلن مع قرب انعقاد المؤتمر العام للحزب الشعبي  في غضون الشهر المقبل؛ ويبدو أن ما فجره إحساس “أثنار” أنه فقد السلطة والتأثير على الحزب الشعبي  حتى إن  عددا من المنتسبين للتنظيم المحافظ،من مختلف الأجيال، يشعرون أن عصر الزعيم المستبد قد انتهى وبالتالي فقد أن  له ان يستريح،  خاصة وأن بعض المحسوبين عليه لما كان على رأس جهاز السلطة تورطوا في فضائح مالية وإشكالات سياسية،بينهم،رودريغو راتو، نائبه ووزير الاقتصاد والمالية  الذي  فكر “أثنار” عام 2004 في أن يخلفه بدل،راخوي، لكنه كافأه بالسعي لدى الإدارة الأميركية في عهد جورج بوش الإبن، ليصبح مديرا لصندوق النقد الدولي، وهو يواجه الآن في إسبانيا مصيرا قضائيا غامضا على خلفية تهم الفساد المالي الثقيلة التي يواجهها وخضع بموجبها لسلسة تحقيقات قضائية وأمنية  مهينة  وكذا مع إدارة الضرائب.

rakhawaye

ولم يصبر”أثنار” كثيرا حتى يقنع الرأي العام الإسباني باستقلالية مؤسسته البحثية عن الحزب، لذلك  فاجأ وسائل الإعلام والطبقة السياسية، قبل يوم  بتصريحات مثيرة  مفادها  أنه لن يصمت عن الجهر برأيه في القضايا السياسية الكبرى التي يحتدم حولها النقاش في المجتمع الإسباني، لكنه وطبقا لما صرح به في خطاب ألقاه  بالمؤسسة  أخيرا، أكد إنه  لا ينوي  تأسيس حزب جديد بديل “الشعبي”، وإنما  سيمارس دور الاقتراح والنصح  والتنبيه من خلال مؤسسة “فايس” حتى يتحقق ما يسميه العودة إلى الجذور والمرجعيات التي نهض عليها الحزب الشعبي؛ أي أنه يعلن جهارا  وصراحة  وعلى الملأ خلافاته مع الزعيم الحالي ,ماريانو راخوي، ويطالب بتصحيح الاتجاه الذي يسير نحوه الحزب وقيادته الحالية.

ويبدو  أنه حدث التقاء بين  حنين”أثنار” إلى السلطة  ومواقف الغضب التي أظهرها في المدة الأخيرة بعض القياديين والمسئولين السابقين في الحزب  الشعبي، من عملوا مع أثنار وتحت سلطته وإمرته، من قبيل السيدة،إسبيرانثا أغيري، ووزير الخارجية والصناعة الأسبق جوزب بيكي، والبرتو رويث غلاردون، وزير العدل السابق الذي استقال بسبب الرفض القوي لقانون الإجهاض الذي دافع عنه الوزير  الذي يعتقد أن الحزب الشعبي، بات متسترا  على هويته الإيديولوجية طمعا في تصويت الناخبين عليه.

ولم يبلور، أثنار وأتباعه رؤيتهم لمستقبل الحزب في الوقت الراهن، إذ يبدو أنهم متمهلون يراهنون على المستقبل للسير في أحد الاتجاهين: إما  البقاء داخل الحزب ومحاولة فرض خطهم  عبر التأثير على  أجهزته  المقررة وقواعده، فيما يبقى الاحتمال الثاني واردا وبقوة  ويتمثل في العمل ضمن إطار تنظيمي جديد، لا سيما  وأن “الزعيم”  يحس أنه في سن تسمح له بالعمل مجددا وبكل طاقته  لاستعادة  أمجاد الماضي، في حال ما إذا تمت القطيعة مع الهيكل الحالي للحزب الشعبي.

ومن السابق لأوانه الحكم على تحرك أثنار، قبل أن يبلور خطته  شكلا ومحتوى، لكن يمكن القول بان إحياء الماضي وما يسميه العودة إلى الأصول، أصبح مبتغى  صعب المنال  ليس على الجناح الأشد محافظة في الحزب الشعبي بل حتى على الحزب الاشتراكي العمالي، الذي وجد نفسه في مفترق الطرق، حائرا بين التيارات المتصارعة  جهة اليمين وجهة اليسار.

لقد تغير المجتمع الإسباني وكثرت مشاكله  فتوسعت الهوة بين أجيال  السياسيين التقليديين  والتعبيرات الجديدة  في المجتمع التي لها مطالب مغايرة وفهم جديد لممارسة السياسة، فلم  تعد الجهة الأولى قادرة على التعبير عنها واستيعابها وبلورتها في سياسات  تجمع عليها غالبية المواطنين الإسبان.

loading...