نظم فرع اتحاد كتاب المغرب بالجديدة، يوم الأربعاء فاتح غشت الجاري، بمتحف الذاكرة التاريخية للمقاومة بالجديدة، لقاء ثقافيا حول “فؤاد العروي من المحلية إلى العالمية”.
وشارك في أشغال اللقاء الحبيب الدايم ربي (مسير الجلسة)، وصالح جبران (ممثل المندوبية السامية)، وعبد المجيد نوسي (أستاذ جامعي)، والمصطفى اجماهري (ناشر دفاتر الجديدة)، وعبد الرحمان الساخي (محافظ مؤسسة القادري)، ومبارك بيداقي (فاعل جمعوي). كما تابع هذه الندوة عدد من الطلبة والمهتمين والفعاليات المحلية وبعض أفراد عائلة الروائي المحتفى به.
وتميز هذا اللقاء برسالة للروائي فؤاد العروي وجهها إلى المنظمين، تلتها شقيقته نادية العروي بالنيابة عنه، عبر فيها عن شكره وامتنانه لفرع اتحاد كتاب المغرب وشركائه على تنظيم هذه المبادرة الطيبة. كما عبر فيها عن حبه لمدينة الجديدة وأهلها وتفكيره في كتابة رواية كبيرة مستلهمة من فضاءات المدينة خلال سبعينيات القرن الماضي، والتي ما زال يحمل لها في ذاكرته كثيرا من الحنين.
وقدم الحبيب الدايم ربي، مسير الجلسة، بالمناسبة، نبذة عن الروائي فؤاد العروي ومساره الأكاديمي والإبداعي، مذكرا أنه من المنطقي الاهتمام باسم محلي أثرى الآداب العالمية، في السنين الأخيرة، بإنتاجات مثلت قيمة مضافة في الإبداع العالمي.
كما أشار مقدم الجلسة إلى الجوائز والتنويهات، التي حصل عليها الروائي، منها جائزة “الغونكور” للقصة، موضحا بأن المحلية لا تتعارض مع العالمية بل إنهما تتكاملان ضمن المشترك الإنساني العام.
ونوه صالح جبران، ممثل المندوبية السامية لقدماء المقاومين بالجديدة، في كلمته، بأهمية التعاون الثقافي مع اتحاد كتاب المغرب من خلال فرعه المحلي. كما أشاد بهذه البادرة الأولى التي تشكل التفاتة جميلة تجاه طاقة إبداعية محلية استطاعت أن تسجل حضورا متميزا على الصعيدين الوطني والعالمي.
أما عبد المجيد نوسي فتدخل في موضوع “مكونات الخطاب الروائي عند فؤاد العروي” والتي لخصها في الحمولة المعرفية والبناء المعماري والسخرية والشخصيات والفضاءات. ثم حلل هذه المكونات من خلال قراءته لسرود الروائي الصادرة بالفرنسية، وكذا من خلال الوقوف على التيمات الأساسية للأعمال المدروسة. ولاحظ، في نهاية تدخله، كون الروائي يفضل تناول القضايا ذات الراهنية بلغة تمزج بين الجدية والسخرية الهادفة، كما جاء مثلا في روايته الأخيرة “متمردة باب دوفلاندر” أو مجموعة “المهبول”.
وقدم المصطفى اجماهري شهادة بعنوان “فؤاد العروي كما عرفته” سرد فيها بعض التفاصيل التي جمعته بهذا الروائي في ستينيات القرن الماضي بمدينة الجديدة، وشغفهما بقراءة المجلات المصورة بالفرنسية، موضحا أن سبب تعارفهما يعود إلى رغبة صاحب الشهادة في تحسين مستواه في اللغة الفرنسية على اعتبار أن فؤاد العروي كان من أنجب تلاميذ مدرسة شاركو التابعة للبعثة. وكان المصطفى اجماهري قد خصص لعلاقته القديمة بفؤاد العروي فصلا من سيرته الذاتية الصادرة عن دار لارمتان بباريس سنة 2012. ففي هذا الفصل تحدث عن مرافقته له سنوات الصبا قبل أن يفقد أثره، فيما بعد، لأكثر من ثلاثة عقود، أي منذ غادر الجديدة نحو ثانوية ليوطي، ثم إلى فرنسا وهولندا، بعدما أصبح كاتبا مرموقا.
وذكر مبارك بيداقي ببعض الذكريات، التي جمعته بمجموعة من أصدقاء الطفولة، ومن بينهم فؤاد العروي، الذي كان، رغم طابعه الخجول وبنيته الهشة، ذا شخصية قوية ونابغة يكتب محاولات شعرية وسنه لم يتجاوز العاشرة. في حين نوهت كلمة عبد الرحمان الساخي بنوعية مثل هذه اللقاءات التي تتوخى الاعتراف بالمبدعين المغاربة، وتقريبهم من الجمهور المحلي والوطني، مشيرا إلى أن المدينة، رغم محدودية مجالها آنذاك، قد أنجبت أسماء لامعة مثل إدريس الشرايبي، وعبد الكبير الخطيبي، وفؤاد العروي.