افتتح، مساء أمس الجمعة 8 شتنبر، معرض “حبرمائيات” للفنان التشكيلي والشاعر عبد الله بلعباس، الذي احتضنته قاعة الشعيبية طلال بالحي البرتغالي بالجديدة، والذي ستستمر فعالياته إلى غاية يوم 15 شتنبر الجاري.
المعرض ضم حوالي 34 لوحة، مصنوعة بيد من حبر وماء، لتجسد إبداعا من نوع خاص، في تجربة جديدة أرادها الفنان بلعباس تحكي الحياة برمز الجسد وهو يتشكل في أبعاد مختلفة.
حضر حفل الافتتاح عدد من المثقفين والفنانين والإعلاميين وكذا عدد من المهتمين الذين أجمعوا على جمالية التعبير التي صنعت من اللوحات صورا شعرية فريدة تتحدث لغة البحر، كما أجمعوا على موهبة الفنان، ابن مدينة الجديدة العاشق للبحر الذي يلهمه شعره ولوحاته الفنية سواء التشكيلية أو الفوتوغرافية.
وقال عبد الله بلعباس في تصريح لـ “مشاهد 24” إن المعرض يمثل عصارة جهد أزيد من 4 أشهر في سبيل إتقان هذه الصورة الشاعرية للجسد في شتى تمثلاته، ورسالته هي تكريس الاستمرارية للحياة.
ولهذا لم يأت التقديم الذي كتبه الشاعر والصحفي حميد اجماهري عن “حبرمائيات” بلعباس عبثا حين قال إن هذه التجربة تطرح سؤالا محايثا لتقنية الإبداع الجديد عند عبد الله بلعباس، يتعلق بكيفية جمع جسد متشظي بين الحبر والماء، واقتفاء أثره؟
ويضيف اجماهري في قراءته لهذه التجربة الفريدة أنها تجبر المتلقي “على البحث عن خيال يسعف في البحث عن “التمائي” من الماء بالحبر، أي “التمائي” الحي بين الجسد والحبر..معتبرا أن شاعرية الحبر لا تكشف عن نفسها هنا إلا بجوار الماء، ولا تستقيم أيضا بدون جسد شفيف، لكنه غبشي في نفس الوقت، تتشكل ملامحه من ظلال في موج البحر الأبيض متوزعة بين الماء والحبر، ثنائية تتراكب، كمرايا الماء نفسه …”
وشبه اجماهري ثنائية الحبر والماء في لوحات الفنان بـ “مانوية” الخير والشر، في نوع من خلق ميتافيزيقا جديدة لجسد يشكل صلب التجربة الذي تنقله “من مادية مفرطة في النثرية إلى ميتافيزيقا مفرطة في الخفة الشاعرية”.. وقال “هناك سعي واضح إلى جعل الجسد حركة، تبدأ من يد الفنان نفسه، أي تحويل الجسد إلى أثره، بخفة الماء والحبر معا… كما لو أن الجسد يخرج من الضباب، مثل فجر في غابة استوائية، فتتمايز الأشكال، شيئا فشيئا يضيئها الماء تارة والحبر تارة أخرى..”، وبهذا “يكون الجسد حاملا فنيا يمثل الخلاصة الوحيدة للحياة في عالم مقيم بين ضفتي حياة ولدت من الماء واستمرت بالحبر.. كما يمثل الدليل الأول على موسيقية الحركة التشكيلية في تجربة مبهرة لعبد الله بلعباس، لا يمكن أن يزورها الشعر بدون امتنان…”
“الجسد” عند بلعباس تيمة الحياة التي قد تنبعث روحها في لوحة، أو في صورة شعرية، أو في منحوتة كما أظهرتها مؤخرا موهبته في مجال النحت.