رسمت مجلة “ذي إيكونوميست” البريطانية، صورة سوداء عن الواقع الذي يعيشه المواطن الجزائري، وإحساسه الدائم بـ”الحكرة” بسبب الذل والقهر وغياب شروط الكرامة.
ورصدت المجلة في تقرير مطول ارتفاع عدد الجزائريين الراغبين في الهجرة بطريقة غير شرعية للحصول على حياة أفضل، بعيدا عن النظام الجزائري، كما قام البعض منهم بحرق أوراق الهوية كتعبير واضح عن الاضطهاد والظلم.
وبلغة الأرقام، أفاد المصدر ذاته، أن عدد المهاجرين السرين الذي وصلوا إلى إسبانيا على متن قوارب الموت بلغ 13000 مهاجر.
وفي نفس السياق، أشارت المجلة البريطانية إلى تقرير أصدرته صحيفة “لوموند” الفرنسية قبل أيام تحت عنوان: “حقيبة أم سجن”؛ والذي بيّن بالملموس الأسباب الرئيسية التي تدفع نشطاء حقوق الإنسان إلى الهرب صوب الخارج.
المنبر البريطاني سجل أيضاً أن 90 بالمائة من الجزائريين الذين يحصلون على تأشيرات للدارسة في الخارج لا يعودون إلى أرض الوطن، ما يعكس ارتفاع منسوب السخط في جل شرائح المجتمع.
في الوقت الحالي – يضيف المصدر ذاته – هناك عوامل عديدة تزيد من حدة الاحتقان الاجتماعي في الجزائر، من بينها استفادة النظام العسكري الجزائري من ارتفاع أسعار النفط والغاز، وتعطش أوروبا للمواد الطاقية، في المقابل يجد المواطن البسيط صعوبة بالغة للحصول على زيت المائدة، والسكر وغيرها من المواد الأساسية، ما وضع الجزائر في مراتب متأخر على مستوى مؤشر التنمية البشرية في شمال إفريقيا.
ومن بين العوامل أيضاً هي الذاكرة العنيفة التي تتخلل عقول الجزائريين بسبب العشرية السوداء وما خلفته من أحداث دامية يصعُب نسيانها.
وأكدت المجلة أن الكثير من الناس يكرهون الركود في ظل الوضع الحالي، مشددة بالقول: “بصرف النظر عن الغاز والنفط، فإن الاقتصاد الجزائري كئيب”.
وتطرقت “ذي إيكونوميست” البريطانية إلى ارتفاع معدل البطالة في صفوف الشباب، والتدبير السيء للقطاع الاقتصادي من طرف النظام.
وأبرزت أن البنوك العالمية وصندوق النقد الدولي ينظران بريبة إزاء الدوائر الجزائرية الرسمية، في ظل غياب المصداقية في الاقتصاد الجزائري، والاعتماد على قوانين مجحفة، بالإضافة إلى ضعف الاستثمارات الأجنبية والتركيز فقط على الغاز.
هذه القوانين، وضعت رجال المال والأعمال بالجزائر في حيرة من أمرهم. يقول مستثمر أجنبي إن “فرض رسوم جمركية عشوائية صفعة كبيرة”.
العملة الجزائرية بدورها تخلق إشكالا اقتصاديا كبيراً لعدة اعتبارات، مبيناً أن إعطاء رشوة لمسؤولي الدولة بات روتينيا لانتزاع أي اتفاق.
أما رجال الأعمال الذين يحاولون الدخول إلى سوق المنافسة يتم اتهامهم في كثير من الأحيان بالفساد أو التهرب الضريبي، وينتهي بهم الأمر في السجن.
ويعتقد أحد المقيمين الأجانب بالجزائر أن 40 بالمائة من الطلبات المقدمة إلى الهيئات الحكومية لا يتم الرد عليها أبدًا.
ويقول آخر إن الأشخاص ذوي الرتب المتوسطة “مرعوبون من الخروج عن الخط”. إن بيئة الأعمال “المتعفنة” هذه تعكس طبيعة السياسة الجزائرية.