فعلا، لقد تأكد بالملموس أن النظام الجزائري أنهكه الصمت المغربي المتسم بالحكمة والرزانة، ففي الوقت الذي لا تبالي فيه الرباط بالخرجات الإعلامية الجزائرية الرسمية يزداد فيه سعار قصر المرادية الطامح إلى جر المغرب لمستقنع مظلم لا يتفنن فيه سوى عسكر الجزائر.
المدعو عمار بلاني، المبعوث الخاص المكلف بما يسمى بـ”مسألة الصحراء ودول المغرب العربي”، والذي تم تعيينه في هذا المنصب لاتهام المغرب بأي شيء قد يخطر ببالك، خرج مساء اليوم الأربعاء، باتهامات مجانية غير مسنودة بأي وثائق أو دلائل ملموسة تؤكد صدقية كلامه.
واتهم المدعو بلاني في تصريح لـ”وكالة الأنباء الجزائرية” الرسمية، المغرب، بشن “حرب قذرة” على دول الجوار، على غرار التجسس، واستعمال الهجرة المكثفة كوسيلة ضغط على إسبانيا، والتهديدات والدعم السياسي والمالي واللوجستي للجماعات الإرهابية. على حد تعبيره.
واستطرد بوقاحته المعهودة، أن المغرب “الذي لا يبالي بالاتفاقيات الدولية ولا بالعلاقات ما بين الدول يعاني بشكل فظيع من عقدة نقص”. بحسبه.
ما صرح به المسؤول الجزائري لن يثق به حتى المجنون فبالأحرى دوائر القرار في بعض الدول، والتي ترى في المغرب شريكاً استراتيجياً.
وفي هذا السياق، لا بد من استحضار تصريحات وزير الداخلية الإسباني فرناندو غراندي مارلاسكا والذي أكد مساء أمس الثلاثاء في تصريح للصحافة، أن علاقات بلاده مع المغرب “موثوقة وأخوية للغاية”. مبرزا أن المغرب شريك “استراتيجي ووفي تماما”.
وعلى نفس المنوال، عاد رئيس الحكومة الإسبانية، بيدرو سانتشيث، يومه الأربعاء، للدفاع أمام الكونغرس عن تغيير مدريد لموقفها بشأن قضية الصحراء المغربية، وذلك بعد مرور شهرين عن إعلانه على أن المقترح المغربي للحكم الذاتي هو الأساس لحل هذا النزاع.
ويبدو أن النظام الجزائري لم يتجاوز بعد “غصة” الموقف الإسباني إزاء قضية الصحراء المغربية، وبدا ذلك واضحا من خلال القرار الذي اتخذته الرئاسة الجزائرية، اليوم الأربعاء، والمتمثل في التعليق “الفوري” لمعاهدة الصداقة وحسن الجوار والتعاون التي أبرمتها بتاريخ 8 أكتوبر 2002 مع مملكة إسبانيا، وذلك بسبب الموقف التاريخي لمدريد الداعم لمبادرة الحكم الذاتي في الصحراء المغربية.
ويبدو أن بلاني والذي يعاني فشلا ذريعا في تدبير مهامه؛ تناسى وهو يتهم المغرب بدعم الجماعات الإرهابية، أن مدينة مراكش احتضنت الشهر الماضي أشغال الاجتماع الوزاري للتحالف الدولي ضد داعش، الذي نُظم حينها لأول مرة بأرض إفريقية، بدعوة مشتركة من وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، ناصر بوريطة، وكاتب الدولة الأمريكي، أنطوني بلينكن.
وخلُصت جل الأصوات المشاركة في هذا الحدث الدولي إلى أن احتضان المملكة لهذا الحدث، يُجسد الثقة والاعتبار اللذان تحظى بهما المقاربة المتفردة التي طورها المغرب، تحت القيادة المتبصرة للملك محمد السادس، في مكافحة الإرهاب.
بلاني اتهم المغرب أيضا بـ”نهب التراث التاريخي والثقافي الجزائري !”.. غريب، كان على بلاني أن يصحح معلوماته ويعترف بأن بلاده هي من تسرق التراث المغربي.
هنا وجب التذكير بواقعة تلخص ما نحن بصدد الحديث عنه، فقبل أسابيع قليلة، قررت صانعة مغربية للسجاد اليدوي التقليدي مقاضاة مديرية الثقافة بتلمسان بسبب القرصنة الجزائرية لصورها الشخصية ومهاراتها الفنية، بعد استعمالها بطريقة غير قانونية ضمن فعاليات الصالون الوطني للحرف اليدوية التراثية والذي نُظم بقصر المشور بمدينة تلمسان بين 15 و18 من ماي المنصرم.
إذن من يعاني عقد النقص.. ربما الجواب واضح يا بلاني!.