بينما تنتشر تكهنات منذ مدة، بخصوص احتمال لجوء رئيس الوزراء الإسباني إلى إدخال تغيير جزئي أو كبير على حكومته على ضوء التجربة المريرة التي واجهتها جراء جائحة كورونا والتي أظهرت أشكالا من عدم التجانس بين مكونات الفريق الحكومي، أو ضعفا في تدبير بعض الوزراء للقطاعات المتصلة بمعالجة اضرار فيروس كورورنا.
ويبدو أن الإشكال الصعب الذي يواجه رئيس الوزراء ويضغط عليه يتمثل في الموقف من شريكه في الحكومة حزب”بوديموس” الذي كثرت خرجاته بعيدا عن الانسجام الحكومي ،بشأن السياسة الداخلية أوالخارجية.
وفي ظل أجواء مشحونة، برز في المشهد السياسي موقف غريب ومفاجئ ،عبر عنه 73 من كبار ضباط الجيش الإسباني المحالين على التقاعد منذ مدد متفاوتة،بينهم 66 برتبة عقيد، بعثوا رسالة إلى الملك فيليبي السادس،باعتباره القائد الأعلى للقوات المسلحة،يطلبون منه تبني خطاب الحزب اليميني المتطرف “فوكس” الوريث الإيديولوجي لحكم الجنرال فرانكو؛ الذي عبروا عنه أخيرا في ملتمس للرقابة تقدموا به إلى مجلس النواب الإسباني ،دون أن يحظى بالقبول.
وتضمنت رسالة الضباط المتقاعدين،اتهامات خطيرة للحكومة الائتلافية المونة من الحزب الاشتراكي و”بوديموس” فهي المسؤولة من وجهة نظرهم عن تعريض البلاد لمخاطر حقيقية، كونها تجتاز مرحلة خطيرة على الصعيد ين السياسي والاقتصادي، ما من شأنه تهديد الوحدة الوطنية وانهيار التماسك الاجتماعي.
وأعرب ضباط الجيش تأييدهم المطلق لملك إسبانيا في الظروف الاستثنائية التي قالوا إن بلادهم تمر بها.
وتأتي الرسالة في سياق النقد المتزايدن الموجه للحكومة من أحزاب اليمين وحتى من الحزب الاشتراكي الحاكم، يلومونها على اعتمادها في تمرير الميزانيات العامة للدولة على تصويت الأحزاب الإقليمية الداعية إلى الانفصال؛ مقابل التنازل السياسي لها أو رفع لمخصصاتها المالية كحكومات مستقلة (الباسك وكاتالونيا).
وكان رئيس الوزراء الأسبق، فيليبي غونثالث، قد حذر من جهته ،الأمين العام، بيدرو سانشيث من السير في طريق بوديميوس وحلفائهم، داعيا بصريح العبارة إلى تشكيل حكومة ائتلافية مع الحزب الشعبي،على غرار الديمقراطيات الغربية التي تتحالف أحزب اليمين واليسار المعتدلين، على أساس برنامج حكومي متوافق عليه.
ومن المتوقع أن يقع التنديد على نطاق واسع برسالة الضباط السابقين كما سيقع إهمالها حتما من طرف الملك واعتبارها صوتا من الماضي البعيد يعيد إلى الأذهان الأجواء التي سبقت الحرب الأهلية عام 1936 والتي يتجنب الجميع العودة إليها أو الحديث عنها.
وفي نفس السياق،كشف، لويس ثباطيرو، رئيس الوزراء الإسبق، أزمات عابرة وقعت مع الجيش اثناء حكمه، لنفس الأسباب تقريبا أي الخوف من الترضيات المتواصة لمطالب الأحزاب الداعية للانفصال، موضحا (ثباتيرو) أن خلافات مع العسكريين ظهرت للعلن في حينها،بينما أحاط السر بالبعض الآخر ،سيتم إماطة اللثام عنها في الوقت المناسب.
إلى ذلك، انضم قياديون في الحزب الاشتراكي العمالي إلى أمينهم العام الأسبق غونثالث، ووجهوا بدورهم خطابات تحذير إلى الزعيم الحالي، قوبلت بالرفض من أنصار سانشيث،في الحكومة أو قيادة الحزب.
ويبدو رئيس الحكومة حائرا بين شركائه من “بوديموس” الذين يزايدون عليه وبين الحزب الشعبي الذي يكثر من الهجوم الشخصي على رئيس الحكومة ،ربما لطبع انفعالي يتسم به زعيم المعارضة، بابلو كصادو، والذي يلوم من جهته بيدرو سانشيث، لأنه لا يجيب على مكالماته الهاتفية.