صادق البرلمان الأوروبي، الذي التأم في جلسته العمومية، مساء اليوم الخميس ببروكسيل، قرارا طارئا يدين تدهور الحريات في الجزائر.
ويدين القرار الذي جرت المصادقة عليه من قبل 669 نائبا ومعارضة 3 نواب فقط، أي بالأغلبية الساحقة لأعضاء البرلمان الأوروبي، قمع نشطاء حقوق الإنسان والصحفيين ويندد بتشديد الخناق الأمني على الحريات.
ويشير القرار إلى أنه منذ بداية الحراك في الجزائر، في فبراير 2019، تعرّض العديد من المتظاهرين والناشطين للملاحقة والاعتقال، لا سيما خالد درارني، مراسل قناة “تي في 5 موند” ومراسلون بلا حدود، الذي حكم عليه بالسجن لمدة عامين في الاستئناف بسبب تغطيته للأحداث المذكورة أعلاه.
ويذكر القرار أيضًا قضية الناشط، ياسين مباركي، الذي حكم بالسجن عشر سنوات وغرامة عشرة ملايين دينار بتهمة “الإساءة للإسلام “.
كما تطرق أيضًا، إلى تعديل البرلمان الجزائري في أبريل 2020 لقانون العقوبات يتعلق بـ”الأخبار الكاذبة”، والتي بموجبها يتعرّض المتهمون لعقوبة تصل إلى ثلاث سنوات في السجن.
ويعود القرار لتقرير وزارة الخارجية الأميركية لعام 2019 حول الحرية الدينية الدولية، الذي يشير إلى إغلاق الحكومة خلال العام تسع كنائس مسيحية.
وطالب البرلمان الأوروبي ضمن قراره “السلطات الجزائرية بالإفراج الفوري وغير المشروط عن الصحفي محمد خالد درارني، وجميع من تم اعتقالهم واتهامهم بممارسة حقهم في حرية التعبير، سواء عبر الإنترنت أو خارجها، وحرية التجمع وتكوين الجمعيات”.
ودعا مرة أخرى السلطات الجزائرية إلى “وضع حد لجميع أشكال الترهيب، والمضايقة القضائية، والتجريم والاعتقال التعسفي أو احتجاز الصحفيين، الذين ينتقدون الحكومة والمدونين والمدافعين عن حقوق الإنسان والمحامين والنشطاء”؛ مطالبا مرة أخرى بـ “اتخاذ التدابير اللازمة لضمان الحق في حرية التعبير، وتكوين الجمعيات، والتجمع السلمي، وحرية وسائل الإعلام، وحرية الفكر والاعتقاد، والحريات”.
كما يدين القرار “أي شكل من أشكال الاستخدام المفرط للقوة من طرف عناصر السلطات العمومية المكلفين بتنفيذ القانون عند تفريق الاحتجاجات السلمية”. ويحث السلطات الجزائرية على “ضمان وجود مجال من الحرية للمجتمع المدني يسمح بإجراء حوار سياسي حقيقي ولا يجرم الحريات الأساسية”.
وقبل هذا التصويت، نظم البرلمان الأوروبي، الذي التأم في إطار جلسة عمومية ببروكسيل، صباح اليوم الخميس، نقاشا موسعا حول وضعية حقوق الإنسان في الجزائر وتدهور الحريات في هذا البلد.
وأشار مختلف النواب الأوروبيين الذين تعاقبوا على المنصة إلى مسؤولية السلطات الجزائرية في تدهور وضعية الحريات، كما شجبوا استخدام سياق الأزمة الصحية لتشديد الخناق على النشطاء والمدافعين عن حقوق الإنسان.
وعلى التوالي، ندد النواب الأوروبيون بالممارسات الجزائرية المتمثلة في تعذيب وسوء معاملة السجناء، ودعوا الاتحاد الأوروبي إلى الاستعانة بجميع الآليات في مسيرته للمطالبة بالإفراج عن هؤلاء المعتقلين وضمان حرية التعبير والتظاهر. كما تطرقوا للتمييز والمضايقات التي يتعرض لها المسيحيون في الجزائر، في انتهاك صارخ لحرية العبادة واحترام الأديان السماوية الأخرى.
وبعد التذكير بأن “تجديد الجزائر لا يمكن تحقيقه من خلال انتهاك الحريات وتوظيف الأزمة الصحية للرفع من مستوى القمع”، دعت النائبة الأوروبية، سليمة ينبو، المفوضية الأوروبية إلى تبني “موقف عام أكثر صرامة وحزما” فيما يتعلق باحترام حقوق الإنسان في الجزائر، ومطالبة السلطات الجزائرية بوضع حد للاعتقالات التعسفية.
وبالنسبة لعضو البرلمان الأوروبي، ناتشو سانشيز أمور، فإن الوضع الراهن في الجزائر “يظهر لنا الفجوة الموجودة في خطاب المسيرين والحقيقية على أرض الواقع”، مسجلا أن “التعسف، القمع، وسوء المعاملة، والرقابة ومظاهر الاضطهاد ينبغي أن تنتهي في هذا البلد، بعيدا عن الخطب والوعود النظرية”.
وانتقد في هذا السياق “نطاق القوة العسكرية” في الجزائر، داعيا إلى “إقامة نظام ديمقراطي”.
ودعا النائب منير ساطوري، الذي ذكر أسماء الجزائريين المعتقلين واحدا بواحد بسبب ممارسة حقهم في التحدث، إلى الإفراج الفوري عن جميع سجناء الرأي في الجزائر.
وقال إن “مصير هؤلاء المدافعين عن الحقوق، وهؤلاء الصحفيين المتظاهرين يقلقنا بشدة اليوم”، داعيا المفوضية الأوروبية إلى تعزيز دعمها السياسي للمجتمع المدني الجزائري.
وشدد في هذا السياق على أن المفوضية الأوروبية “لا تستخدم سوى قليلا أو لا تستخدم على الإطلاق الآلية الأوروبية للديمقراطية وحقوق الإنسان في الجزائر”، موجها نداء لمتابعة الأوضاع في هذا البلد عن كثب.
وقال متوجها إلى ممثل المفوضية الأوروبية الحاضر في النقاش “فلتقم بزيارة سجونهم، وتابع محاكماتهم، وادعم المنظمات العاملة من أجل حقوق الإنسان”.