يبدو أن لعنة عدم إكمال العهدة الرئاسية تلاحق الرؤساء الجزائريين، حيث لم يُكمل أي رئيس بلاد عهدته بشكل عادي، منذ سنة 1958، أي حتى قبل الاستقلال.
ويذكر انه قد تم فصل فرحات عباس، أول رئيس للحكومة الجزائرية المؤقتة سنة 1961، لأسباب سياسية، بعد أن تم انتقاد موقفه الموصوف باللين ضد فرنسا وتم استبداله ببن يوسف بن خدة، الذي بقي على رأس الحكومة المؤقتة 13 شهرا.
وفي صيف 1962 كانت الغلبة “لجماعة وجدة” في صراعها مع الحكومة المؤقتة، التي أبعدت بن خدة عن العمل السياسي، ليتفرغ بعدها لمهنته كصيدلي إلى أن توفي يوم 04 فبراير 2003.
وكانت الأوضاع قد أجبرت كل من بني يوسف بن خدة وفرحات عباس وحسين لحويل ومحمد خير الدين على المضي في رحلة طويلة عبر الصحراء بسبب ما فرضه نظام هواري بومدين العسكري، هذا الأخير الذي تحالف سنة 1962 مع أحمد بن بلة ليصبح رئيسا للدولة، لكن بن بلة لم يعمر طويلة على رأس الدولة، ليتم إبعاده من طرف بومدين في 19 يناير 1965، في انقلاب عسكري مدعوم من عبد العزيز بوتفليقة، وزير الخارجية آنذاك.
وبقي هواري بومدين، الذي تخلص من خصومه وأوقف عمل البرلمان في السلطة لمدة ثلاثة عشر عاما، قبل أن يصاب بتسمم أقعده الفراش على حد ما كشف عنه أطباء روس، وبعد وفاته، تم استبدال العقيد بكولونيل في آخر سنة 1979، وهو الشاذلي بن جديد الذي قاد البلاد حتى عام 1992.
وثم دفع الشاذلي بن جديد إلى الاستقالة من قبل الجيش في ما يشبه الانقلاب الأبيض بعد فوز الجبهة الإسلامية للإنقاذ المحلة في الانتخابات البرلمانية في دجنبر 1991، ليفسح المجال أمام وجه تاريخي، وهو محمد بوضياف، الذي لا لم يكن لديه الوقت الكافي لفهم الوضع السياسي المعقد في الجزائر حينها، وتم اغتياله في 29 يونيو 1992، بينما كان يعتزم شن عملية واسعة ضد الفساد.
وتولى علي كافي، العقيد السابق في الثورة، إدارة البلاد بين يوليوز 1992 ويناير 1994، قبل أن يحل محله الجنرال ليامين زروال.
وترأس زروال فترة انتقالية قصيرة مدتها سنة واحدة قبل انتخابه في سنة 1995، ولم يبق سوى ثلاث سنوات على رأس الدولة، ليقرر الاستقالة في 11 شتنبر1998 ، ممهدا بذلك الطريق لعبد العزيز بوتفليقة، الذي تم انتخابه في أبريل 1999، استقال بوتفليقة بعد عشرين عامًا، أول أمس الثلاثاء، بعد انتفاضة شعبية غير مسبوقة طالبته بالرحيل هو ونظامه ويبدو أن الرؤساء الجزائريين أصابتهم كلهم لعنة عدم إكمال ولاياتهم بطريقة طبيعية.