الرئيسية / دولي / الزعيم الاشتراكي “غونثالث “يتهم الأمين العام بالخداع والحرب  مشتعلة بين الأنصار والمنتقدين
الحزب الاشتراكي

الزعيم الاشتراكي “غونثالث “يتهم الأمين العام بالخداع والحرب  مشتعلة بين الأنصار والمنتقدين

يقف الحزب الاشتراكي العمالي الإسباني، على شفا أزمة تنظيمية غير مسبوقة في تاريخه، جراء الانقسام الحاد في الصفوف الاشتراكية على خلفية تباين المواقف بخصوص الحكومة التي يسعى للحزب الشعبي لتشكيلها في محاولة أخيرة، قبل الدعوة إلى انتخابات تشريعية ستكون الثالثة في ظرف أقل من سنة وهو السيناريو الذي يتوقع أن يكون كارثة على الحزب أولا وعلى البلاد ثانيا..

ويعارض  أمين عام الحزب بيدرو سانشيث،  تسهيل  استمرار، ماريانو راخوي، في قضر “لامنكلوا”  في ولاية ثانية، اعتقادا من  الزعيم الاشتراكي أنها ستجلب الويلات للبلاد، فيما يرى كثيرون أن ما هو آت لن يكون أصعب من الوضعية التي تركتها الحكومة الاشتراكية السابقة التي رأسها خوصي لويس ثباطيرو.

ويروج  سانشيث، ومناصروه في قيادة الحزب إنهم يطبقون ما أقرته الأجهزة التنفيذية وخصوصا المجلس الفدرالي الذي أوصى بالتصويت ضد  قيام حكومة يمينية جديدة، لتعارض ذلك الاختيار مع القيم والمرجعية التي يؤمن بها الاشتراكيون منذ عقود من الصراع السياسي.

وصباح  يومه الأربعاء، أفاق الاشتراكيون على أزمة إضافية مدوية، فجرها الزعيم الاشتراكي “فيلبي غونثالث” الذي  صرح بعبارات واضحة إن الأمين العام الحالي، خدعه  لما وعده يوم التاسع والعشرين من يونيو الماضي بأن النواب الاشتراكيين  سيتغيبون عن  جلسة التصويت الثانية بالبرلمان ما يسهل تشكيل حكومة أقلية برئاسة راخوي : بغاية  تحقيق انفراج سياسي في البلاد وعودة الاشتراكيين إلى المعارضة

وينسجم هذا الموقف مع  ما  نادى  به،غونثالث، منذ فشل المشاورات  الأولى التي أعقبت انتخابات ديسمبر الماضي.

ولم يخف الزعيم الاشتراكي التاريخي، خلافاته مع الحزب الشعبي وأنه لا يحبذ  استمرار،راخوي، على رأس الحكومة ولكنه كديمقراطي لا يمكنه القفز على الحقائق وتجاهل  أن الحزب الشعبي  أحرز في الاستحقاقين الماضيين على حوالي 8 ملايين صوتا، ما يعني أن  قطاعات عريضة من الناخبين الإسبان، مقتنعة بقدرة الحزب اليميني  على تدبير الشأن العام.

 

ghonsaless

ولوحظ أن”سانشيث” بادر إلى الرد بسرعة، على تصريحات نظيره الأسبق، عبر التأكيد أنه  ينفذ قرارات الحزب التي اتخذها المجلس الفيدرالي، وأنه (سانشيث) يجري مشاورات مع قيادات الحزب ويستمع إلى أرائهم التي سيعلن عن خلاصاتها خلال اجتماع المجلس الفدرالي، المقرر يوم السبت فاتح أكتوبر.

ويستنتج من بيان الأمين العام  المدعوم بتصريحات أخرى لأبرز مساعديه، أن أراء،غونثالث، ليست ملزمة له ولن تكون  مؤثرة  في أي قرار، ما اعتبره قياديون آخرون غيابا للباقة في عبارات “سانشيث” حيال رئيس الوزراء الأسبق لولايات ثلاث متتالية، علما أن الأمناء العامين السابقين في وئام مع الزعيم التاريخي للحزب.

وفي ظل  هذا الانقسام  الداخلي والخلافات الحادة، يجتمع المجلس الإداري لمناقشة القرار الذي يتوجب على الحزب اتخاذه بخصوص المحاولة الأخيرة لتشكيل الحكومة المقبلة والتي إن فشلت، تصبح الدعوة أوتوماتيكية لانتخابات تشريعية ثالثة، تعارضها غالبية الشعب الإسباني

وليس ثمة ما يوحي بانتهاء الأزمة الحكومية، إذا ما أصر  الزعيم الاشتراكي على  استعمال حق  “الفيتو” ضد راخوي؛ أما انضمام الحزب إلى تشكيلة ائتلافية، فبات بعيدا بل مستحيلا  أكثر من ذي قبل، خاصة بعد ظهور نتائج انتخابات إقليمي غاليثيا وبلاد الباسك التي تراجع فيهما الاشتراكيون وغياب كلى لحزب “ثيودادانوس” من البرلمان المحلي في الأقليمين، ما جعل هذا الأخير يراجع  فكرة تحالفه مع الحزب الشعبي في حكومة ائتلافية، فضلا عن رفضه المطلق الانضمام إلى حكومة يسعى، سانشيث، إليها بالتحالف مع،بوديموس، والأحزاب القومية الانفصالية.

وفي هذا السياق يستبعد محللون، مجاراة المجلس الفيدرالي للأمين العام الاشتراكي، في إصراره على دعوة المناضلين إلى  انتخاب خليفة له يوم  23 أكتوبر المقبل والمصادقة على النتيجة أثناء المؤتمر العام الذي يريد، سانشيث، عقده في غضون شهر ديسمبر، ما لم يتزامن أو يتعارض مع ترتيبات  إجراء الانتخابات، التي استبقتها الحكومة الحالية  بمقترح قانون، يبعد موعدها  عن احتفالات أعياد الميلاد المسيحية.

ويبدو أن أجندة سانشيث، ما  لم يرغم على التراجع عنها، تتوخى إحداث إرباك في صفوف معارضيه ومنتقديه، فلا يتقدم أحدهم  لمنافسته على الأمانة العامة في  فترة حرجة يجتازها الحزب، كونهم غير مهيئين ولا مقتنعين بملاءمة الظرف ؛وإذا ما صوت الحاضرون لصالحه، فلربما تكون بداية النهاية للاشتراكيين.

ويلوح في الأفق  احتمال آخر  يجري التداول بشأنه   يتجلى في استقالة أكثر من نصف الجهاز التنفيذي  للحزب، إذ تكفي 17 صوتا لوضع الأمين العام في دائرة الأقلية ما يترتب  عنه استقالته وتعيين  لجنة مؤقتة لتدبير شؤون الحزب والتهييئ  لمؤتمر جديد  بأجندة مخالفة للتي يدافع عنها الأمين العام الحالي.

إلى ذلك يعيش الأمين العام حالة حصار من كل الجهات بما فيها وسائل الإعلام؛ وباستثناء  فئات  من المناضلين المشبعين بالأفكار اليسارية، فإن”بارونات”  الحزب الاشتراكي  ورموزه التاريخيين في المناطق، ينتقدونه بدون  هوادة سرا وعلانية، بل يسود اعتقاد بين المؤثرين في التنظيم  ان الاشتراكيين تسرعوا  في انتخاب الأمين العام الحالي عام 2014  في ظروف العجلة،خاصة وقد فوتوه صلاحيات لم يتمتع بها من سبقوه، ما سيجعل أمر التخلص منه صعبا إذا ما تمترس في خندق الرفض.

وفي انتظار يوم السبت وما سيجري فيه، يسود ترقب كبير، وعمليات حشد للأنصار بل تهديدات  بالاستقالة من الحزب ومغادرته نهائيا، دون أن تتبلور ملامح ومواصفات الزعيم المقبل الكفيل بإخراج الحزب من الدوامة الحالية. ومن غير السيدة سوسانا دياث. رئيس حكومة الأندلس المستقلة، قلعة الاشتراكيين القوية، فإنه لم يطل أحد على حلبة المنافسة وهي نفسها مكتفية بالنقد الشديد والدعوة غلى التجديد.

ولا يريد أحد من القيادات العاقلة أن يكون سببا في إضعاف الحزب إن لم يكن انهياره التام، فالظروف غير مريحة وتركة الهزائم والخلافات ثقيلة، والأيام المقبلة عصيبة وعسيرة، لكنها ليست الامتحان الأول والأخير، للاشتراكيين الإسبان في مسارهم الحافل.