أثار تشكيل الحكومة المغربية التي عينت أمس الاربعاء الكثير من الجدل بين من يرى فيها عودة القطار على سكته الديمقراطية، وبين من يجدها حكومة لم ترضخ لأي معايير سياسية تليق يحجم الانتظارات بعد “بلوكاج” فاق خمسة أشهر، ولا مستوى تطلعات الناخبين.
الباحث في العلوم السياسية، المهدي الإدريسي، يقدم قراءته لكل هذه النتائج في حوار خص به “مشاهد 24″، وتحليله للوضع السياسي المغربي الراهن.
- ماهي قراءاتكم لتشكيل الحكومة الجديدة ب39 شخصية ؟ وما مدى أهمية كل العدد داخل الجهاز التنفيذي؟
في البداية، لا بد من الإشارة إلى هذه الحكومة جاءت بعد أكثر من 6 أشهر من البلوكاج الحكومي، الشيء الذي زاد من حجم الانتظارية، وجعلنا نعتقد أنها ستكون حكومة من مستوى هذا الانتظار. لكن هذا لم يحدث.. بل كانت حكومة عادية، أو لنقل بمستوى أقل حتى مما كان متوقعا… فالبروفايلات عادية جدا، وبعضها لا علاقة لها بالمجال الذي استوزرت فيه… وظهور بعض الوجوه المحسوبة على التكنوقراط، ظهور وزارات سيادية لم تعد في يد الأحزاب السياسية، وبالتالي يمكن أن نقول، في المجمل، إنها حكومة لم تستجب للتطلعات ولا لكل هذه الانتظارية التي رهنت المشهد السياسي لمدة 6 أشهر تقريبا.
أيضا لا نجد تميزا على مستوى توزيع الحقائب الوزارية وما أفرزته من أقطاب حكومية.
- بماذا تفسرون أو كيف تقرؤون العدد القليل للمستوزرين المنتمين لحزب العدالة والتنمية؟ وهل يمكن ان يؤثر ذلك على مستقبل الحزب؟
– بقراءة النتائج، وبناء على منطق “الرابح والخاسر”، نجد أن حزب العدالة والتنمية هو أكبر الخاسرين، فعلا، على اعتبار أن عدد وزرائه داخل هذه التشكيلة لا ينسجم مع ما حققه من نتيجة انتخابية مكنته من 120 مقعدا … أضف إلى هذا طبيعة الحقائب الوزارية التي كان من المفروض أن يحصل عليها، سواء على مستوى القطب المالي أو القطب الفلاحي أو الأقطاب الأساسية المرتبطة بالتجارة والاستثمار، والتي هي في حوزة حزب التجمع الوطني للأحرار. أكثر من هذا نجد تراجع البعض من درجة وزير إلى وزير منتدب.
مع ذلك، لا أعتقد أن هناك تأثير ما على مستقبل الحزب رغم الضربات التي تلقاها من خلال التشكيلة الجديدة (بالنظر إلى تعيين خصمه الأكبر، عبد الوافي لفتيت، وزيرا للداخلية واستوزار حصاد في قطاع التربية، وانتقال بعض القطاعات التي كانت لوزراء العدالة والتنمية إلى يد التجمع الوطني للأحرار)… معروف أن طبيعة الحزب تقوم على المواءمات ومعروف أنه يقدم التضحيات، وأعتقد أن الخلافات أو الانتقادات التي تصدر اليوم عن بعض القياديين داخل الحزب نفسه، ستكون عابرة ويمكن للحزب أن يتخطاها في أقرب وقت. أيضا فالحزب يعتبر حلقة أساسية داخل المشهد السياسي ما يجعله يتعامل بحكمة أكبر مع الظروف والمستجدات التي تطرأ، طالما يستمد موقعه من الشرعية الانتخابية.
- الحكومة تضم عدد مهم من الوزراء التكنوقراط . هل في الأمر رسالة ما للأحزاب؟
– فعلا، أهم ما كان ميز الحكومة السابقة هو عودة بعض وزارات السيادة إلى الحقل الحزبي، خصوصا بعد “الربيع العربي”، لكن نلاحظ اليوم تراجعا عن هذا المعطى الاساسي.. ربما في الامر بالفعل إشارة للأحزاب أنها لم تعد أحزاب ثقة، أو أنها لا تملك الكفاءات لتسيير هذه الوزارات، مثل بعض “السقطات” التي حدثت في وزارة الخارجية، سواء ففي عهد سعد الدين العثماني أو في عهد مزوار… كذلك لا يمكن أن نغفل الحديث عن مسألة تراجع الاعتماد على الإرادة الشعبية بشكل عام، لكن ربما المرحلة تفترض ذلك، حسب ما تراه بعد أطراف الدولة.
- بشكل عام إلى أي حد نجح العثماني في تجاوز الأزمة السياسية؟ وهل يمكن القول أن المغرب نجح في تمرينه الديمقراطي؟
– حقيقة، لا يمكن التنبؤ بشيء الآن، وأعتقد أن الأيام المقبلة هي التي ستثبت هذه المسالة.. كما أنه لا يمكن القول إن العثماني نجح تماما، إذا تعمقنا في ما أسفرت عليه التشكيلة الحكومية الجديدة، وبالنظر إلى الوجوه المستوزرة، وإلى القطاعات الحكومية المتداخلة التي هي أشبه بتحقيق مصالح شخصية.. وأعتقد أنها حكومة قد تكون قابلة للتعديل في أقرب فرصة.